يُعتبر المسرح الموجود في موقع "قلعة النبي هوري" أو مدينة "سيروس" التاريخية في منطقة "عفرين" من أجمل المدرجات الرومانية في سورية ومن أبرز معالم هذا الموقع المتبقية حتى اليوم وبحالة جيدة.

حول تاريخ الموقع وتسمياته يتحدث الدكتور "محمد عبدو علي" مؤلف العديد من الدراسات والكتب حول منطقة "عفرين" لموقع eAleppo بالقول: «تقع أطلال مدينة "النبي هوري" في أقصى الزاوية الشمالية الشرقية من منطقة "عفرين" وعلى مسافة 45 كم من مدينة "عفرين" وتبعد عن الحدود السورية التركية مسافة 2 كم ويُعتبر الموقع من أماكن الاصطياف الجميلة في محافظة "حلب" حيث يرتادها المصطافين أسبوعياً كما تزورها المجموعات السياحية الأجنبية للتعرّف على مدينة "سيروس" وآثارها الرائعة.

يمكن الوصول إلى الموقع عن طريق "عفرين" –"كفرجنة" –"ميدانكي" –"النبي هوري" أو "إعزاز" –"الجسرين الرومانيين" –"النبي هوري" أو "حلب" –"كفرجنة" –"النبي هوري"

لهذا الموقع الأثري عدة تسميات فهو حالياً يعرف بنبي هوري و"قلعة هوري" أو "قلعة نبي هوري" أما الاسم اليوناني للمدينة فهو "سيروس" وسُميت أيضاً "آجيا بولس" أي مدينة القديسين "كوزما" و"دميانوس".

المدفن الروماني من آثار النبي هوري

وكتب المؤرخون المسلمون اسم مدينة "سيروس" على شكل "قورش" –"كورش" وذلك بسبب الاختلاف في نطق الحرف C كما تقول بعض المصادر أنه اللفظ اليوناني لاسم الملك الفارسي "كورش" وربما يعود وجود المدينة لأيامه.

أما المعجم الجغرافي السوري فيقول بأنه مشتق من اسم مدينة "سيرهوس" في "مكدونيا"، وأخيراً هناك رأي يقول بأن اسم "هوري" هو شكل محور من اسم الإله الزردشتي "أهورامزدا" و"نبي" مشتق من الإله الرافدي "نبو" فيكون الاسم كاملاً هو "الإله أهورامزدا"، أو أنّ "هوري" هو اسم شعب جبلي قديم سكن جبال "زاغروس" و"طوروس"».

جانب من المسرح الروماني في النبي هوري

ويضيف: «من أبرز المعالم الأثرية لمدينة "سيروس" هو المسرح الرائع الذي يعود إلى العهد الروماني وهو من أجمل المدرجات الرومانية إذ يعود تاريخ بنائه إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين وتوجد على مدرجاته مقاعد حجرية ضخمة دوّن عليها أسماء أشخاص محددين ربما كانوا من ذوي المكانة المميزة في المدينة».

أما الأستاذ "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية ومؤلف كتاب "كنيسة القديس سمعان العمودي وآثار جبلي سمعان وحلقة" -2009 فيقول: «تمتد المدينة من سفح التل الواقع في غربها حتى طرف الوادي الذي يجري فيه "نهر الصابون"، وهناك سور من أيام السلوقيين أُعيد ترميمه مرات ويحيط بالمدينة من الشمال والجنوب ويسير إلى الشرق مع انحناءات الوادي، وفي المدينة قلعة قائمة موقع الأكروبول القديم تمتد مع أطراف التلة البيضوية وفي جدران سورها أربعة أبراج مربعة وبرجان حول باب السور الجنوبي يطل على المدينة المنخفضة وفي أعلى القمة قام الحصن الرئيس له أربعة أبراج ثلاثة منها مربعة والرابع دائري.

الأستاذ مروان بركات

ويمر في وسط المدينة شارع مستقيم متجه شمال -جنوب وقام مسرح في سفح تلة الأكروبول الشرقية يبلغ قطره 120 متر وفيه 24 صفاً من المقاعد من المدرجات الحجرية.

يبلغ طول المسرح حوالي 48 متراً وقد تم إظهاره في العام 1952 من قبل بعثة المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأدنى بإدارة السيدين "فريزول"، ويتميز المدرج بمقاعده الضخمة وأعمدته وتيجانه الكورنثية المزينة، وقد حملت بعض مقاعده أسماء الأشخاص وكأنها محجوزة لهم لمشاهدة مسرحيات ذلك العصر.

وبالاتجاه شمالاً في المدينة وضمن سور ضخم يستند إلى سور المدينة الغربي قامت باحة واسعة جداً بداخلها كنيسة قديمة ذات ثلاثة أروقة ربما كانت تفصل بين أعمدة كما توجد في شرقي الشارع الرئيسي بقايا كنيسة بازليك فيها ركائز قائمة بينما زالت حنيتها، وجنوباً خارج الأسوار قام مدفن روماني سداسي الشكل يعود إلى منتصف القرن الثالث الميلادي».

الأستاذ "مروان بركات" وهو مؤلف كتاب "عفرين عبر العصور" دار عبد المنعم ناشرون بحلب -2008 فيقول: «يحيط بالمدينة سور قديم متهدم كان يحمي المدينة في فترة من الفترات وفي كل من واجهتي السور الشمالية والجنوبية باب أثري وفي وسطه كنيسة ذات ثلاثة صحون وفي قسمها الغربي عتبة ذات ستة أعمدة مضلّعة كما أنّ في طرفها الشرقي حنية نصف دائرية ولا تزال بعض أعمدة الشارع الرئيسي منصوبة إلى اليوم.

وفي الموقع أيضاً يمكن مشاهدة مسرح المدينة الذي يتألف من 24 صفاً من المقاعد يحيط به رواق في قسمه العلوي يسمح بمرور المتفرجين واتجاههم نحو أطراف المدرج وفي أسفل المدرج ممر يشرف على الاوركسترا وارتفاعه متر واحد، وفي الجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية توجد مقبرتان فيها مدافن محفورة في الصخر».

ويختم: «يمكن الوصول إلى الموقع عن طريق "عفرين" –"كفرجنة" –"ميدانكي" –"النبي هوري" أو "إعزاز" –"الجسرين الرومانيين" –"النبي هوري" أو "حلب" –"كفرجنة" –"النبي هوري"».