يُعد "خان الوزير" من روائع العمارة الحلبية إذ تتميز واجهتيه الداخلية والخارجية بغزارة الزخارف التي تزينه فتعطي للخان منظراً فنياً جميلاً حيث تتضمن نقوشاً وأشكالاً هندسية وأزهاراً بديعة ومتنوعة هي في منتهى الدقة والجمال.

حول هذه الزخارف والنقوش الموجودة في "خان الوزير" تحدث الأستاذ "عامر رشيد مبيض"* لموقع eAleppo وقد استهل كلامه بالحديث عن تاريخ الخان: «في أواخر القرن الحادي عشر الهجري وتحديداً في العام 1093 هجرية 1681 ميلادية وقف والي "حلب" "مصطفى باشا" مالاً لبناء خان تحط فيه القوافل رحالها وقد أطلقت عليه الأجيال الحلبية اللاحقة اسم "خان الوزير" لأنّ "مصطفى باشا" والي "حلب" أصبح فيما بعد كبير الوزراء وهكذا أظهر الحلبيون محبتهم لمن كان السبب في تشييده لما كانت تكن له من احترام ولتظهر للأجيال فخرها به، وقد بُني الخان خارج السوق المركزية وخُصص لإقامة التجار القادمين من إيران».

يقع الخان شرقي "جامع فستق" في شارع "خان الوزير"، ويتميز بواجهته الغربية الخارجية الغنية جداً بالزخارف الهندسية والنباتية وبتناوب الألوان الأبيض والأسود في المداميك التي بنيت بها الواجهة وهذا ما يُسمى بنظام الأبلق وكذلك المزررات التي تعلوها كما يتميز بمدخله الضخم ذو القوس المدبب والذي يتقدمه إيوان قوسه مدبب أيضاً ولا تقل واجهته الداخلية غنى بالزخارف عن الواجهة الخارجية

وأضاف: «تعد واجهة "خان الوزير" الداخلية أكثر جمالاً من الواجهة الخارجية فنقوشها الحجرية رائعة وجذابة حيث تتناوب فيها الحجارة البيضاء والسوداء وفي منتصف الواجهة نافذتان أطرافهما مزينة بشكل عمود مؤلف من خطوط متشابكة يعلوها تيجان جميلة ذات نقوش عربية بديعة وتعلو كل من النافذتين مقرنصات وفي أعلى كل منهما كوّتان على شكل شقين شبيهان بالكوى المخصصة لرمي السهام وإضاءة الغرفة فوق مدخل الخان والمخصصة لكبار الشخصيات.

شعار دائري بداخله "السبع"

وفي جانبي الواجهة الداخلية للخان نافذتان صغيرتان مزينتان بنقوش هندسية خلابة يعلو فتحة الأولى منهما شكل منارة أو مئذنة والأخرى فتحتها على شكل صليب ويُقال في شرح ذلك أنّه لتصميم هاتين النافذتين تم تكليف فنانين أحدهما مسلم وقد صنع المئذنة والثاني مسيحي فصنع الصليب وبالتالي مثّل كل منهما إيمان قلبه وذلك دلالةً على حب وتسامح كانا ولا يزالان يجمعان أهل "حلب" على مختلف أديانهم.

يحيط بالواجهة كلها إطار عربي جميل يرتكز على عمودين مزينين بخيوط متشابكة نخلص من هذا إلى أنّ "خان الوزير" من أضخم الخانات الموجودة في "حلب" وتعد واجهته مثالاً جميلاً في نقوشها وشعاريها ومقرنصاتها وفي التناسق البديع بين أجزائها وهو خان يؤدي أغراضاً متنوعة ففيه حوانيت البيع وفندق المسافرين ومخازن البضاعة».

الزخارف الداخلية للخان

وقال متابعاً حديثه: «بالنسبة للواجهة الخارجية للخان، فقنطرة باب الخان تتناوب حجارتها باللونين الأسود والأصفر في تناسق جميل وإذا صعدنا النظر إلى الأعلى طالعنا على جانبي الباب شعاران كل منهما داخل دائرة بارزة منقوش عليها صورة السبع الذي هو شعار الوالي باني الخان، وفي منتصف المسافة التي تفصل الشعارين دائرة أخرى مزينة بنقش عربي يحيط بهما نافذتان محميتان بالحديد تطلان على الشارع بشكلهما البسيط، ويعلو الواجهة والنافذتين إطار بأشكال هندسية عربية دقيقة تعلوها، وتحيط بالباب وبالقنطرة من الجهات الثلاث رسوم لأزهار متنوعة في منتهى الدقة والجمال.

وإذا رفعنا نظرنا إلى الأعلى نشاهد نافذة تتوسط الواجهة وهي جميلة جداً تضفي على الواجهة كلها روعة وأناقة وتحيط بها من الأسفل واليمين واليسار نقوش وزخارف بديعة، أما في أعلاها فتوجد قنطرة بديعة تكمّل الإطار الجميل، ليس هذا فحسب فالنافذة تنقسم إلى نافذتين أخريين تتوسطهما نجمة سداسية تعلوها زخارف هي الأخرى جميلة، إن واجهة "خان الوزير" الخارجية تمثل ذوقاً مترفاً وتترك في قلب الناظر إليها شعوراً بالمهابة والإعجاب والرضى».

الأستاذ عامر رشيد مبيض

وأخيراً قال "مبيض": «للخان باب كبير ذو مصراعين في منتصف أحد مصراعيه باب صغير لا يتسع إلا لدخول شخص واحد كان الباب كله يُفتح عندما تصل القافلة فيسمح بدخولها بضائع وحيوانات فإذا ما تم ذلك أُغلق الباب الكبير وأحكم بمتاريس قوية ضخمة وتُرك المدخل الصغير لدخول الأفراد وخروجهم، وقبل الدخول إلى دهليز الخان نشاهد على جانبي الباب قاعدتين من الحجر تفيدان في الجلوس والانتظار وتساعدان في تحميل البضائع على الحيوانات وإنزالها، وعلى يسار الخان من الخارج القسطل الذي كان يستخدم لسقاية القوافل ويكون دائما مملوءاً بالماء».

وورد في كتاب /تقصي خطا الدولة العثمانية في "حلب"/- تأليف مجموعة من الباحثين وذلك في إطار برنامج التعاون السوري- التركي: «يقع الخان شرقي "جامع فستق" في شارع "خان الوزير"، ويتميز بواجهته الغربية الخارجية الغنية جداً بالزخارف الهندسية والنباتية وبتناوب الألوان الأبيض والأسود في المداميك التي بنيت بها الواجهة وهذا ما يُسمى بنظام الأبلق وكذلك المزررات التي تعلوها كما يتميز بمدخله الضخم ذو القوس المدبب والذي يتقدمه إيوان قوسه مدبب أيضاً ولا تقل واجهته الداخلية غنى بالزخارف عن الواجهة الخارجية».

  • "عامر رشيد مبيض": من مواليد "حلب" وحاصل على الإجازة في الأدب العربي من جامعة "حلب"، عمل لمدة 15 سنة في دولة الإمارات العربية المتحدة له العديد من الدراسات والأبحاث المنشورة في دوريات عربية، إضافةً إلى عدد من الكتب التاريخية حول مدينة "حلب"، حصل على جائزة العلامة "كامل الغزي" في العام 2004 وعلى جائزة الباسل للإبداع الفكري في العام 2005.