تعتبر "قاعة ماري" في قسم الآثار السورية القديمة من أبرز القاعات الموجودة في المتحف الوطني بحلب حيث تضم مكتشفات "مملكة ماري" التاريخية ذات الشهرة المحلية والعالمية الكبيرة.

موقع eAleppo جال في القاعة وسأل بعض زوارها حول محتوياتها وأهميتها، والبداية كانت مع الأستاذ "يوسف إبراهيم" مدرس فلسفة في ثانويات منطقة "السفيرة" والذي قال: «"قاعة ماري" من القاعات الهامة في المتحف الوطني بحلب باعتبارها تضم مجموعة من النتاجات الأثرية النادرة والتي تعود إلى أهم مملكة ظهرت في سورية هي "مملكة ماري" التاريخية.

"قاعة ماري" هي إحدى قاعات متحف الآثار السورية القديمة في المتحف الوطني بحلب وتحوي نتاجات "مملكة ماري" الشهيرة

إنّ أهم ما يميز هذه القاعة هو التماثيل المتنوعة التي أبدعها السوريون منذ حوالي 4000 سنة وأكثر وهي ما زالت محفوظة بشكل جيد في هذه القاعة التي تساهم بقسط وافر في تعريف الزائر المحلي أو السائح العربي والأجنبي على جزء مهم من تاريخ بلدنا وإبداعاتهم الفنية والدينية والإدارية وغيرها.

تمثال ربة الينبوع /سيدة المعبد/

تكمن أهمية القاعة أيضاً في أنّ المكتشفات الأثرية فيها معروضة بشكل جذاب فهي متسلسلة ضمن سياق زمني محدد وتحوي خزائن المعروضات فيها على بوسترات وشروحات باللغتين العربية والانكليزية بحيث يستطيع كل زائر التعرّف على القطعة وتاريخها ووظيفتها».

"شرفان إبراهيم" طالب أدب انكليزي في جامعة "حلب" قال: «جميل أن تجد آثار أجدادك من نتاجات حضارية وفنية متنوعة تعود إلى آلاف السنين معروضة في هذه القاعة، والأجمل هو أنك تراها بعينيك وتلمسها بيديك وهذا ما يساهم في خلق تواصل عاطفي ومعنوي مع أولئك الأجداد الذين صنعوا تاريخنا وساهموا ببناء الحضارات البشرية، كل هذا الشعور يشعر به الزائر السوري وهو في هذه القاعة، بينما تمنح الفرصة للسائحين العرب والأجانب للتعرف على تاريخ هذا البلد العريق الذي اعتبره أحد المؤرخين الغربيين الوطن الثاني لكل إنسان يعيش على هذا الكوكب».

تمثال ايتشوب ايلوم

كما التقينا الأستاذ "أحمد عثمان" أمين متحف الآثار السورية القديمة الذي قال: «"قاعة ماري" هي إحدى قاعات متحف الآثار السورية القديمة في المتحف الوطني بحلب وتحوي نتاجات "مملكة ماري" الشهيرة».

وأضاف معرّفاً القارئ بمملكة ماري قائلاً: «تقع "مملكة ماري" /تل الحرير/ على الحدود السورية- العراقية بالقرب من مدينة "البوكمال" وقد اكتشفت في العام 1933م من قبل البعثة الفرنسية التي كان يترأسها الدكتور "أندريه بارو" وما زالت التنقيبات مستمرة في الموقع، و"مملكة ماري" هي مملكة معروفة منذ القدم وحالياً وهي من أبرز المواقع الأثرية المكتشفة وقد نالت شهرتها قديماً وذاع صيت معالمها الأثرية حديثاً ومن أهم هذه المعالم "قصر زمري" الذي يدل على تطور فنون العمارة خلال الربع الأول من الألف الثاني ق.م حيث انتشر العموريون في الشرق القديم وعاشت "ماري" في هذه الفترة مرحلة ازدهارها وبعد تولي "زمري ليم" الحكم في "ماري" بلغت قمة تطورها وازدهارها.

الأستاذ أحمد عثمان

بالنسبة لقاعة ماري فإنّ أبرز معروضاتها هي تماثيل "المتعبدين" وتماثيل "ايتشوب ايلوم" و"ربة الينبوع" و"العاشقين" و"لمجي ماري" و"الأسد البرونزي" وأرشيف المملكة المؤلف من حوالي 25 ألف رقيم مسماري وقوالب لصناعة الخبز والمعجنات وغيرها».

وتابع حديثه: «في القاعة تمثال "ربة الينبوع" /سيدة المعبد/ ويعود إلى عصر "ماري" الذهبي وهو عصر "زمري ليم" وسلفه "يخدون ليم" وهو من أجمل التماثيل النحتية الكبيرة التي تمثل الفن السوري في أوج عظمته في الألف الثاني ق.م، تحمل الربة على جبهتها قرني ثور رمز الإلوهية المعروف في الشرق القديم كما ازدانت رقبتها بعقد ثقيل مؤلف من عدة طبقات وللتخفيف من وطأة ثقل العقد عمد الفنان إلى خلق توازن للجسم بشريط طويل يتدلى على الظهر، أما يديها فازدانتا أيضاً بثلاث أساور في كل معصم وقد نقش الفنان على الثوب صور سمك يسبح بين أمواج المياه ليدل على وجود الماء الذي تحمله الآلهة داخل وعاء كروي بين يديها وليس مستبعداً أن الربة كانت بالفعل تهب المياه رمز الوجود ومصدر الحياة فالتمثال يحوي في تجويفه أنبوباً من الماء يفتح في مناسبات معينة.

وهناك تمثال الأمير "ايتشوب ايلوم" وهو مصنوع من حجر الديوريت الأسود الصلب وقد نقش اسمه في أعلى كتفه بالخط المسماري ويرتدي شالاً بسيط الزخرفة يتحرر منه يده اليمنى مع الكتف وهو يعتمر قبعة عريضة الحافة، يعود التمثال إلى الألف الثاني ق.م.

ومن معروضات القاعة أيضاً تمثال "لمجي ماري" الذي يعود إلى ما بين 2600 -2500 ق.م وهو مصنوع من الحجر الأبيض وهو صغير منقوش على كتفه الأيمن وجزء من ظهره /لمجي ماري- ملك ماري/ ويسمي نفسه كاهن "انليل الأكبر" و"انليل الأكبر" هو الإله السومري الأعلى، ويُغطى الكتف والذراع الأيسر بلباس في حين يبقى الكتف الأيمن عارياً ويحيط بشعر الرأس عصبة مضفورة ومعقودة من الخلف وهذا اللباس كانوا يرتدونه في المناسبات.

أما تمثال الإله "شاماس" فهو من أهم التماثيل التي دخلت التاريخ عن طريق الصدفة وهو تمثال إله الشمس والعدالة الذي اكتشفه البدو خلال بحثهم عن شاهدة قبر لأحد موتاهم، إننا نشاهد على جسم الإله حراشف على شكل دوائر ترمز إلى الجبل وتحتها كتابة غير واضحة».

وأخيراً تضم القاعة قوالب لصنع المعجنات في "ماري" وهي مصنوعة من الفخار ذي المسام وقد عثر عليها في القسم الاقتصادي من القصر وكانت تُستعمل على الأرجح لصنع الكعك وما شابه وتتحدث النصوص المسمارية التي عثر عليها في المنطقة السورية عن خبز مع الفواكه للمناسبات الخاصة وتعود إلى ما بين 1900 -1800 ق.م.