بدأ المزارعون في منطقة "عفرين" بجني محصولهم من محصول "الزيتون" وسط أجواء اجتماعية كرنفالية ممتعة.

موقع eAleppo قام بجولةٍ في بعض حقول "الزيتون" في المنطقة والتقى المزارعين فيها، السيد "وحيد عبد الرحمن" من قرية "جقللي جوم" قال: «عمليات قطف "الزيتون" في منطقة "عفرين" تتم ضمن أجواء اجتماعية جميلة تتضمن طقوساً قديمة كالرقص والغناء والمساعدة بين الأهل والجيران ومساعدة المحتاجين والفقراء والعفّارة. في هذا الشهر تزدحم المنطقة بأهلها الذين يعملون في المدن الكبيرة حيث يعودون لقراهم ومدنهم للمشاركة في كرنفالات قطاف "الزيتون" التي تدوم لأكثر من شهر تصبح فيها منطقة "عفرين" المنطقة التي لا تنام.

الحياة الاجتماعية في المنطقة مرتبطة بشكل كبير بمواسم "الزيتون" و"الزيت" لأنّ زواج الأبناء والأعراس والأفراح وشراء السيارات والجرارات والأثاث المنزلي وغيرها تتم خلال الموسم أو بعد جني المحصول وبيعه في الأسواق

من أشهر الطقوس الاجتماعية التي تُمارس في هذا الشهر هو حلقات الدبكة التي يشارك فيها الرجال والنساء والأطفال وذلك على أنغام آلة "الزرنة" المعروفة في المنطقة والتي تشتهر بالنفخ عليها جماعة اجتماعية تُسمى "الكريف" أو "الطبّالة"، ففي هذا الشهر يقوم أفراد من هذه الجماعة -يكونون من أمهرهم عادةً- بالتجول بين حقول الزيتون وذلك على ظهور الحمير والبغال بهدف منح العمال النشاط والطاقة وإشاعة الفرح والسرور فيما بينهم من خلال النفخ في "الزرنة" يرافقها دق الطبل وعقد الدبكات الجميلة وأداء الأغاني الفلكلورية التراثية الخاصة بالمنطقة وبعد الانتهاء من الغناء والرقص على صاحب كل حقل إعطائهم كمية من "الزيتون" لينتقلوا بعدها إلى حقل آخر وهكذا حتى المساء.

وحيد عبد الرحمن

أود هنا أن أذكر فقط أمراً طريفاً أثناء نفخ "الكريف" في آلة "الزرنة" وهي ممارسة طقسية شائعة الانتشار بين عمال "الزيتون" على سبيل المزاح وذلك حيث يقوم أحد العمال بتناول ليمونة فيؤدي ذلك إلى خروج لعاب "الكريف" من فتحة "الزرنة" واضطراره للتوقف عن النفخ وسط ضحك العمال وقهقهاتهم وفي ذلك يكمن سر كره "الكريف" لثمرة الليمون».

"عبد اللطيف حسن"- عامل من قرية "عنجارة" قال: «"الزيتون" عامل رئيسي في التآلف الاجتماعي بين مختلف القرى والمناطق في محافظة "حلب" إذ تساهم في تأسيس قرابة اجتماعية من نوع خاص هي "قرابة الزيتون"، فنحن نأتي إلى المنطقة سنوياً للعمل في قطاف "الزيتون" ونقيم بين أهلها قرابة الشهرين وهذا يساهم في زيادة الألفة والمحبة بيننا، لقد نشأت بيننا وبين العائلة التي نعمل لديها سنوياً قرابة اجتماعية رائعة هذه القرابة ورثناها عن أجدادنا وآبائنا الذين كانوا يعملون في هذه الحقول منذ أكثر من 50 عاماً مضت وعلى الرغم من أن منشئي هذه القرابة قد توفوا إلا أنها ما زالت مستمرة إلى اليوم وأظنها ستستمر بين أولادنا والسبب في هذا التواصل الاجتماعي فيما بيننا هو ثمرة "الزيتون" المباركة.

عبد اللطيف حسن

ومن جهة ثانية فإنّ "الزيتون" يساهم بشكل كبير في تشغيل اليد العاملة في هذه الفترة من السنة ويساعدنا في الحصول على مؤونتنا السنوية من "الزيتون" /المكسّر والمكلّس والعتون/ وكذلك من الزيت العفريني المعروف بجودته وشهرته المحلية والعالمية».

"عبدو حمدوش" مزارع من قرية "آشكان غربي" قال: «لأشجار "الزيتون" حضور فاعل ومميز في حياة المزارعين في المنطقة لأنها مصدر دخلهم ورزقهم لما توفرها مواسمها لهم من أموال تساعدهم في عيش كريم.

تشغيل اليد العاملة من مختلف المناطق في حلب

اجتماعياً تستفيد مجموعة من الشرائح من موسم "الزيتون" فإضافة إلى أصحاب الحقول فإنّ سكان المناطق الأخرى سواء في ريف "حلب" أو بعض المحافظات الأخرى يأتون للعمل خلال الموسم فيحصلون بذلك على دخل جيد وعلى مؤونتهم الشتوية من "الزيت" و"الزيتون"، كما يعد موسم "الزيتون" في المنطقة الفترة المناسبة للمحتاجين الذين يجولون بين الحقول للحصول على حصتهم من "الزيتون"، بالإضافة إلى طقس اجتماعي خاص بالأطفال يسمى "العفّارة" حيث يقوم الأطفال بملء أكياسهم بحبات "الزيتون" المتبقية تحت وفوق الشجر بعد الانتهاء منها وبيعها في الدكاكين لشراء السكاكر والقرطاسية، وهذا جزء من الطقوس الاجتماعية القديمة الموجودة في المنطقة».

وختم: «الحياة الاجتماعية في المنطقة مرتبطة بشكل كبير بمواسم "الزيتون" و"الزيت" لأنّ زواج الأبناء والأعراس والأفراح وشراء السيارات والجرارات والأثاث المنزلي وغيرها تتم خلال الموسم أو بعد جني المحصول وبيعه في الأسواق».