"الأكشاك" هي جزء أساسي من البيوت الحلبية القديمة يقيمها الحلبيون في دورهم فتعطي عماراتها جمالاً إضافياً وتؤدي وظائف اجتماعية متعددة.

موقع eAleppo سأل بعض المواطنين في مدينة "حلب" حول أهمية هذه "الأكشاك" ومواصفاتها، السيد "عبد الله النصيري" وهو من حي "العزيزية" يقول: «إنّ وجود "الأكشاك" كجزء من عمارة البيوت الحلبية القديمة أمر أساسي وضروري لما توفره لساكني تلك البيوت من مزايا وفوائد عمرانية وصحية متعددة.

هذه "الأكشاك" هي عبارة عن شبابيك بارزة عن البيوت ومطلة على الشوارع ومصنوعة من الخشب بأشكال هندسية بديعة ورائعة الجمال تؤمن للساكنين في الدور السكنية رؤية المارة من الشوارع دون أن يستطيع هؤلاء رؤيتهم وكذلك تعمل شبكة الفتحات الخشبية فيها على نثر أشعة الشمس الحارقة وبعثرتها خلال موسم الحر في فصل الصيف وبالتالي التخفيف من حدتها وضررها. كما كانت هذه "الأكشاك" تعمل على تبريد مياه الشرب في وقت لم تكن فيها البرادات والثلاجات موجودة في "حلب" وذلك بوضع الماء في جرات فخارية ووضع الجرات في تلك الأكشاك ليعمل الهواء العليل والبارد على تبريدها

عمرانياً توحي هذه "الأكشاك" لزوّار "حلب" من باحثين وسياح إلى النفس الحلبي العريق في بناء دورهم السكنية وبالتالي مدينتهم كما توحي إلى الأصالة الشرقية وتأثرها بالعالم الغربي وخاصة في أواخر العهد العثماني حيث كثرت أعداد الأوروبيين في المدينة وبين هذا وذاك فإنّ هذه "الأكشاك" هي دليل على قدرة وبراعة المعمار الحلبي الذي يعد بحق من أعظم الفنانين في العالم ويتجلى ذلك في إبداع أشكال متنوعة وجميلة منها وذلك باستخدام الخشب بأنساق وأرتال جميلة وبأوضاع مختلفة ورائعة.

الأكشاك وإطلالة على الشارع

اجتماعياً تؤدي هذه "الأكشاك" وظائف صحية- اجتماعية مختلفة وفي مقدمتها تصميمها الفريد الذي يساهم بشفط الهواء العليل إلى داخل البيوت في فصل الصيف وبالتالي العمل على تبريد الغرف ومياه الشرب والقضاء على الروائح غير المستحبة من الدور وإنعاشها ونشر كميات كبيرة من الأوكسجين فيها وبالتالي الإقلال من الإصابات المرضية وخاصة المعدية منها لأنه بوجود "الأكشاك" لن تبقى هذه الدور محصورة ومغلقة».

السيد "حسن عبد الرحمن"- "سويقة علي" يتحدث حول مواصفات "الأكشاك" وأهميتها بالقول: «هذه "الأكشاك" هي عبارة عن شبابيك بارزة عن البيوت ومطلة على الشوارع ومصنوعة من الخشب بأشكال هندسية بديعة ورائعة الجمال تؤمن للساكنين في الدور السكنية رؤية المارة من الشوارع دون أن يستطيع هؤلاء رؤيتهم وكذلك تعمل شبكة الفتحات الخشبية فيها على نثر أشعة الشمس الحارقة وبعثرتها خلال موسم الحر في فصل الصيف وبالتالي التخفيف من حدتها وضررها.

جانب من الأكشاك

كما كانت هذه "الأكشاك" تعمل على تبريد مياه الشرب في وقت لم تكن فيها البرادات والثلاجات موجودة في "حلب" وذلك بوضع الماء في جرات فخارية ووضع الجرات في تلك الأكشاك ليعمل الهواء العليل والبارد على تبريدها».

الأستاذ "حسن بيضة" وهو باحث في التراث الحلبي وأمين مكتبة "الصابوني" بكلية الآداب بجامعة "حلب" قال متحدثاً عن "المشربيات" حيث يسميها "الأكشاك": «أُنشئت هذه "الأكشاك" في العهد العثماني وهي تمثل مرحلة للوصول من صحن الدار القديمة إلى الشرفة الحديثة /البلكون/. توجد في هذه "الأكشاك" الحشمة والغموض والجمال، فإذا حلّقت في الأزقة القديمة الفخمة وقفت أمام أكشاك صُنعت من الخشب وقد زُوقت شرفاتها ومُوهت نوافذها وتفنن النجار في نقل جمال نفسه إليها فهي متنفس للبيوت يطلون منها على الشارع وسكانها بمنأى عن العيون يسمعون الكلمات ويشاهدون المارة.

الأستاذ حسن بيضة

طالما سُمعت همسات العذارى من تلك الشبابيك وضحكات الصبايا فيعود العشاق وهم يتجولون علهم يشربون ماء الحياة من تلك "الأكشاك" الساحرة وفجأة يرون آثارهن قد رُمي كمنديل عاشقة أو كلمات غزل فيطير لب الشاب ويرسل أهله لاستطلاع المكان وخطبة بنت الحلال».

وقال متابعاً: «الكشك هو خروج من فسحة الدار الحلبية إلى الخارج لأنّ البيت الحلبي يمتاز بالانغلاق والشرفة الحديثة تمتاز بالانفتاح ولذلك فإنّ الكشك هو مرحلة بين هذه وتلك وتأثر بحرية الغرب وأخلاقه، والآن تتجدد الكثير من هذه "الأكشاك" في مدينة "حلب" إحياءً لذكراها الجميلة.

وطالما تميز الحلبيون بالذوق الفني الرفيع في هذا المجال فذكر "القزويني" "سوق المزوقين" بحلب وقال إنّ فيه آلات عجيبة مزوقة، كما ذكر "ابن جبير" بأنّ أكثر حوانيت "حلب" هي خزائن من الخشب البديع الصنعة وقد اتصل السماط خزانة واحدة وتخللتها شرف خشبية بديعة النقوش، ولا عجب في ذلك فقد عرف الحلبيون منذ القدم بحسن الذوق في هذه الصناعة».