مهما تنوعت طرق إعداد الزيتون الأخضر وتعددت وسائل حفظه كمؤونة سنوية إلا أنه دائم الحضور على الموائد الريفية فيأكل منه الصغير والكبير والقريب والغريب، وفي منطقة "عفرين" المشهورة بزراعة هذه الشجرة المباركة تُعتبر حبات الزيتون المعدّة بمختلف الطرق دليل على الكرم وحب الضيف والاحتفاء به.

في ناحية "جنديرس" التابعة لمنطقة "عفرين" التقى مراسل eSyria ببعض النسوة الريفيات الخبيرات بإعداد الزيتون وحفظه وطلب منهن بعض المعلومات حول هذا الموضوع ، وكان اللقاء الأول مع السيدة "موليدة حمو" 64 سنة في البداية بالقول: «الزيتون مادة أساسية في غذائنا في الريف حيث نقوم باستعماله في إعداد أكلات شعبية مختلفة فإما نتناولها مباشرةً أثناء الموسم أو نقوم بإعدادها وحفظها كمؤونة لنتناولها على مدار العام».

الزيتون مادة أساسية في غذائنا في الريف حيث نقوم باستعماله في إعداد أكلات شعبية مختلفة فإما نتناولها مباشرةً أثناء الموسم أو نقوم بإعدادها وحفظها كمؤونة لنتناولها على مدار العام

وأضافت: «نحن في المنطقة نستعمل الزيتون الأخضر في إعداد عدة أكلات وبطرق متنوعة ولكن أهمها وأكثرها شيوعاً وانتشاراً في قرانا هي: "الزيتون المكسور" /المخلل/ و"الزيتون المكلّس" ولكل منهما طريقة مختلفة لإعداده وحفظه حتى وقت تناوله».

موليدة .. تكسّر الزيتون

وحول طريقة إعداد "الزيتون المكسور" /المخلل/ قالت "موليدة": «في البداية لا بد من القول بأنّ للزيتون بشكل عام أنواع كثيرة في منطقة "عفرين" هي: "الزيتي" و"الخلخالي" و"الصوراني" و"الجبلي" و"النيبالي" ولكن النوع المفضّل الذي يُستعمل في إعداد "الزيتون المكسور" هو النوع "الزيتي" أكثر الأنواع قدماً وانتشاراً في المنطقة».

«خلال الموسم نقوم بقطف وتنقية الحبات الكبيرة الخضراء من هذا النوع ونضعها في صناديق خاصّة يُفضّل أن تكون صناديق فلينية كي لا تتجرّح أثناء نقلها للمنزل، وفي المنزل يجب أن يتم كسرها في أسرع وقت ممكن وبواسطة مطارق خشبية خاصّة كي لا تفسد وتسودّ لونها فتصبح غير صالحة للاستعمال، وبعد الانتهاء من كسر جميع الحبات نغرقها في أواني مليئة بالماء مع تغيير الماء عن الحبات لعدة أيام وبشكل متكرر /حوالي خمس مرات في اليوم/ حتى تصبح الحبات حلوة الطعم وتفقد مرارتها فحبات الزيتون الخضراء في الأحوال الطبيعية تتميز بطعمها الشديد المرارة، بعد ذلك نضع الحبات الحلوة في جرّات فخارية وقترميزات زجاجية ممتلئة بالماء المالح لحفظها لأنّ الماء المالح كما هو معروف يمنع الزيتون المحفوظ من التعفن لفترات طويلة».

الزيتون الأخضر معروضاً للبيع في باب جنين -حلب

أما حول إعداد "الزيتون المكلّس" قالت السيدة "بنفش إبراهيم" 68 سنة : «للزيتون المكلّس طريقة مختلفة في إعداده وحفظه ويُستعمل فيه نوعين من أنواع الزيتون الأخضر هما "الزيتي" و"الخلخالي" فبعد بقطف حباتها وجلبها للبيت /مع الحفاظ عليها كي لا تتجرح لأنها ستفسد بسرعة حينها/ نضعها في آنية كبيرة أو طنجرة أُذيب فيه دواء التكليس ليقوم مجموعة من الأشخاص وبالتناوب بتحريك الزيتون بواسطة عصا خشبية وبشكل مستمر لمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات ودون توقف، ومن ثم نقوم بغسل الزيتون جيداً بالماء العادي وذلك لتخليصه من آثار دواء التكليس، لنضعه بعد ذلك في قترميزات زجاجية مع الماء المالح للحفظ، حيث يتم تناوله على مدار العام ويتمتع بطعم رائع ونكهة شهية».

وختمت بالقول: «بالنسبة لمواعيد تناول النوعين "المكسور" و"المكلّس" فقد تعودنا في الريف على أنّ الوقت المناسب لتناول "المكلس" هو في الفطور أما "المكسور" فلا موعد محدد لتناوله إنما يتم تناوله في جميع الأوقات الفطور والغداء والعشاء».

الزيتون المكسور محفوظاً كمئونة

وأخيراً وحول تسويق مادة الزيتون التقى مراسلنا في مدينة "حلب" بأحد التجار الذين يعملون في تجارة وتسويق الزيتون وهو "زكريا بستاني" وسأله عن أنواع الزيتون وأسعاره فأجاب: «للزيتون أنواع وأشكال وطعوم مختلفة وهي تتناسب مع جميع الأذواق لأهل المدينة الذين يشترون مؤونتهم من الزيتون من محلاتنا والمحلات الأخرى في منطقة "باب جنين" المشهورة بمحلات تجارة الزيتون والزيت».

«للزيتون الذي نتاجر به أنواع مختلفة ومعروفة لدى أهل المدينة وهي "الزيتون العفريني" و"الزيتون السلقيني" و"الزيتون البلدي" وهي كما قلت تناسب جميع الأذواق، ولكل نوع طعمه المميّز واستعماله المحدد فمثلاً أفضل نوع لإعداد "المكلّس" لدى أهل المدينة هو "البلدي" أما "العفريني" فيتميز بزيته الكثير لذلك لا يُستعمل كثيراً فيه».

وحول الأسعار قال: «الأسعار تتحكم بها ظروف عديدة مثل اختلاف السعر بين فترة الموسم والآن وبحسب العرض والطلب وأخيراً بحسب نوع الزيتون وبشكل عام فالأسعار حالياً هي: "الزيتون السلقيني" يتراوح بين 90 -100 ليرة "سورية" للكيلو أما "الكردي" /"العفريني"/ فيتراوح بين 125 -135 ليرة "سورية"».