كثيرة هي الأحياء الشعبية في "حلب"، والتي تتميز بالأبنية العشوائية المتزايدة، وهذه الأبنية غالبا ما تترافق مع نمو سكاني عشوائي، يحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل، حتى نصل به إلى مجتمع واع مثقف، ولن يتحقق الهدف الأخير إلا إذا وجدت المراكز المؤهلة بالإضافة إلى الأشخاص المخلصين الذي يضعون نصب أعينهم –رغم الإمكانيات المحدودة- هدف بناء الإنسان ..

"منار شبارق" مديرة المركز الثقافي العربي في حي الفردوس الشعبي، والذي يعود بناؤه إلى عام 1963، تحاول جاهدة إبقاء هذا المركز منبرا للإشعاع الثقافي والحضاري والذي امتد منذ عشرات السنين...

نرغب بإطلاق يدنا لعمل دورات ثقافية وأدبية بشكل موسع أكثر تشمل كل فئات المنطقة، كما ننتظر بمحبة اكتمال مشروع "مركز الطفل العلمي" لأن إقباله المتلهف على المركز يستحق منا العناية الكبيرة

«منذ تأسيس هذا المركز في منتصف القرن الماضي كان العمل مستمرا لجعله مركزا للعلم والثقافة حيث كانت تعقد فيه حلقات وجلسات مصغرة تقرأ فيها الخواطر والقصائد، وتناقش فيها الأوضاع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بين أبناء هذا الحي والذين كانوا مهتمين بهذه القضايا الكبيرة منذ ذلك الوقت». هذا ماقالته ؟أ. "منار شبارق" أثناء لقائها بـ eSyria، وعن الحالة الثقافية والفرق بينها الآن وبين السنوات الماضية تتابع "شبارق": «الشيء الغريب أنه رغم التطور والحضارة وعصر الحداثة الذي نعيشه اليوم، إلا أنه دائما هناك تقصير من قبل الناس تجاه الاهتمام بالشؤون الأدبية والثقافية فلم تعد المطالعة أو اقتناء الكتب أو متابعة النشاطات في المراكز الثقافية هي من اهتمامات الناس الأولى، بالإضافة إلى أن هناك غيابا مستمرا عن المحاضرات والندوات والدورات التي تقام في مركزنا هذا وفي باقي المراكز الثقافية».

"منار شبارق"

إذا المطالعة واستعارة الكتب ومتابعة المراكز الثقافية كانت أفضل في أيام سابقة فما الذي تقوم به "منار" بصفتها مديرة لمركز ثقافي في حي شعبي حتى تعيد هذا النفس الحضاري لهذه المنطقة؟ «الحقيقة أن هناك توجها في هذا الوقت وانطلاقا من الوضع الاجتماعي والثقافي في المنطقة لوضع خطة ثقافية تركز على عدة جوانب، كالاهتمام بالطفل وإقامة دورات الثقافة الشعبية والحفلات الخيرية، وهذه النشاطات هي الأكثر جذبا للناس، وستلاقي إقبالا جيدا».

وللحديث عن هذه الخطة بالتفصيل تقول "منار": «بالنسبة للاهتمام بالطفل، لقد وجدنا أن هناك رغبة عند الأطفال تدفع بهم إلى المشاركة -وبشكل أكبر من أهلهم- في كل النشاطات التي تقام في هذا المركز، فإذا تم الإعلان مثلا عن دورة لتعليم اللغة العربية أو الانكليزية أو لتحفيظ القرآن نلاحظ أن هناك مشاركة كبيرة واستفسارات تسبق بدء الدورة بكثير عن مدة الدورة وكيفية التسجيل وما إلى ذلك، لذلك تم إطلاق مشروع جديد بالتعاون مع مديرية الثقافة ومجلس مدينة "حلب" تحت عنوان "المركز العلمي للطفل" حيث يتم حاليا تجهيز هذا المركز بقاعة مطالعة للأطفال -وطبعا مركزنا يحتوي على مكتبة خاصة للطفل- وقاعة انترنت، بالإضافة إلى وضع المركز بحالة جهوزية ليكون مستعدا لاحتضان أي نشاط خاص بالطفل، وهذا الأمر بصراحة يسعدني جدا لأن إقبال الأطفال الكبير على نشاطات مركزنا يستحق منا كل الاحترام والرعاية».

قاعة للمطالعة

أما بالنسبة للكبار: «من أكثر النشاطات التي يقبل عليها أهل المنطقة، الحفلات الخيرية، والتي تتضمن كل أنواع النشاط الاجتماعي، لذلك يتم العمل وبشكل مستمر لإقامة الحفلات الخيرية، والتي تقام بالتعاون مع الجمعيات الخيرية مثل جمعية "أهل الخير" و"اقرأ معنا"، وطبعا تشجيعا للناس يتم توزيع الجوائز في نهاية النشاط، وهناك أيضا شيء آخر يلاقي إقبالا كبيرا من قبل الناس وهي دورات الثثقيف الشعبية حيث تتضمن دورات لتعلم اللغات وصيانة الهواتف الجوالة وقص الشعر والخياطة، وبالإضافة الى كل ما سبق لاحظت بأن الناس هنا بحاجة إلى دورات اجتماعية تساهم برفع الوعي الاجتماعي عند الناس، تدفعهم مثلا لاكتشاف متعة المطالعة أو إلى تغير الكثير من القيم الاجتماعية السلبية التي دخلت على مجتمعنا».

وعن الطرق والأساليب المتبعة في المركز لدعوة الناس إلى نشاط ما تقول "منار": «نتبع طرق كثيرة منها طبع البرشورات والتي توزع على أبواب الجوامع وفي المدارس وعن طريق مختار الحي، طبعا بالإضافة إلى معارفنا الشخصية ومعارف رواد المركز، وهنا أريد أن أتقدم بالشكر إلى مثقفي المنطقة والذين لم يغيبوا أبدا عن فعالياتنا وساهموا -ومازالوا إلى الآن- بجهود كبيرة ترفع المستوى الثقافي والاجتماعي لأبناء الفردوس ومنهم الأستاذ "محمود الأسدي" والذي يعتبر من أبناء المركز المخلصين، ومؤخرا اقترح علي بعد خروجه إلى التقاعد إقامة دورات مجانية لتعليم اللغة العربية ودفع عجلة محو الأمية وأبدى استعدادا كبيرا للتعاون ودون أي مقابل».

مكتبة المركز

وتختم "منار" حديثها باقتراحات تأمل أن تصبح حقيقة في القريب العاجل «نرغب بإطلاق يدنا لعمل دورات ثقافية وأدبية بشكل موسع أكثر تشمل كل فئات المنطقة، كما ننتظر بمحبة اكتمال مشروع "مركز الطفل العلمي" لأن إقباله المتلهف على المركز يستحق منا العناية الكبيرة».