تعتبر رئات المدينة الحقيقية وتتمركز في قلبه المليء بالحياة وألوانها, ولأنَّ صدرها واسع عشقها للجميع بدون استثناء, تضج بها الحياة بكل معانيها باستمرار وبدون توقف ابتداءً من طبيعتها الخلابة ومياهها العذبة وحيواناتها الأليفة, وهي مقصدٌ يأوي إليه الناس من كل مكان، جنة بانتظار أن تكتشف إنها الحديقة العامة بحلب.

eAleppo زارت الحديقة وأرادت تسليط الضوء على مايدور خلف كواليسها ومن وراء هذا الصرح الحضاري الكبير من جنود مجهولين فكانت اللقاءات التالية:

المهندس "إبراهيم الشهابي" المنسق العام في مجلس مدينة حلب لشؤون الحديقة والمدير العام السابق لمديرية الحدائق الذي حدثنا عن الحديقة كمنشأة حضارية وعن النظام المعمول به فقال: "تمتد الحديقة على مساحة كبيرة من حلب وتتوسط المدينة لتشكل رئةً حقيقيةً لها، ويغلب على أشجار الحديقة الأشجار ذات الخضرة الدائمة كـ(السرو والصنوبر) والتي تشكل الإطار المحيط لها كما تشمل أشجار (الكازورينا) أما في الوسط فتقبع أشجار (العفص والسرو الهولندي والمانوليا والميموزا) الذي تم زراعته مؤخراً، كما زُرع في الحديقة الأشجار المثمرة كـ(النارنج والكباد)، وبالإضافة إلى شجر (الفلفل المستحي والتوت المستحي والغار).

وتبلغ مساحة المروج المزروعة في الحديقة حوالي (12000) م منها (318) م أحواض أزهار, كما تحوي فيها (7) دورات مياه و(3) خزانات مائية و(4) آبار، كما تم مؤخراً وضع (1290) مقعداً من نموذج واحد تنفيذ مؤسسة الإسكان العسكرية عام (2005)، كما تضم الحديقة (8) أحواض مائية مختلفة ويعد أبرزها (الحوض الموسيقي الراقص) الذي يتوسط الحديقة، وقد تم تصميه بأيادٍ وطنية بامتياز وقد نُفذ عام (2006) والذي يُشغَّل (4) مرات في الأسبوع وذلك أيام ( الأحد والثلاثاء والخميس والجمعة) بمواقيت مسائية معينة هي من (الثامنة إلى الثامنة والنصف)ومن (التاسعة إلى التاسعة والنصف) ومن (العاشرة إلى العاشرة والنصف) مساءً وهذا التوقيت بتوجيه من السيد المحافظ.

عن جنودها المجهولون يعمل في الحديقة حوالى (80) عاملاً وموظفاً من كافة الفئات فهناك العامل والمزارع والسائق والمشرف الفني والمهندس الزراعي والخبراء موزعون بمهام مختلفة ويعملون على قدم وساق وبجوٍ أسريٍ واحد.

ولأنَّ في الرياضة حياة تعتبر الحديقة العامة مقصداً لكل الرياضيين الذين يزورونها يومياً وباستمرار, فالأعمار مختلفة والنشاطات متنوعة حيث يتواجد الشباب بتمارين اللياقة وكبار السن في التخلص من الشحوم ومابينهم بتمارين مختلفة تتنوع مابين الركض والجري الخفيف إلى تمارين الضغط وغيرها.

الحدث الأغلى للحديقة:

تكلل نجاح الحديقة العامة بحلب وبجهود طيبة من العاملين فيها بتشرفهم بزيارة السيد الرئيس بشار الأسد وذلك بتاريخ 5/1/2005م وترافقت هذه الزيارة بتدشين نهر قويق الذي عادت إليه الحياة بعد انقطاع دام أكثر من (25) عاماً، هذا النهر الذي يخترق الحديقة من منتصفها تماماً وقد تجول السيد الرئيس في الحديقة وكانت له توجيهات رائدة حيث تمت المباشرة بالتحديث الكلي فيها من كافة النواحي كما شمل ذلك تسليط الإنارة الليلية للحديقة وعلى النهر وتأسيس كراسي للجلوس أمام النهر مباشرة وتم فرش الأرض بالحصى من على أطرافه، ومن جملة التحديثات أيضاً تم توصيل الحديقة بشبكة مياه عذبة من المؤسسة العامة لمياه الشرب، فبعد أن كانت تعتمد على مياه الآبار الموجودة فيها أصبحت مياه الصنابير هي مياه عذبة ونقية وذلك كله لمصلحة المواطن أولاً وأخيراً".

كما التقينا الأستاذ "مصطفى السيد" مسؤول التنظيم النقابي ومشرف الحدائق في مجلس مدينة حلب الذي حدثنا عن الحديقة وأعمالها فقال: "يعود عمر الحديقة إلى عام (1945) م وماتزال تحتفظ بمخططاتها الفرنسية والحديقة العامة بحلب هي جزء من حديقة فرنسية بباريس تمتلك ذات التصميم إلا أنها خضعت لبعض التحديثات الضرورية واللازمة.

ومن الموجودات الهامة في الحديقة المظلة الموسيقية التي تستقبل المواهب الموسيقية بحلب لإقامة حفلاتهم, كما استقبلت في الفترة القريبة فرقة غازي عنتاب لإقامة التحضيرات أثناء احتفاليتهم بحلب, وتم ربط الحديقة بإذاعة داخلية تعطي تردد للصوت وذلك لمساعدة المواطنين في حال حدوث أي طارئ أو فقدان طفل وما شابه ذلك، كما أنها تشغل الموسيقا الصباحية للرياضيين.

مشروع الحديقة الأندلسية:

خصصت الحديقة جزءاً منها لمشروع الحديقة الأندلسية وذلك بالتعاون مع المؤسسة الثقافية الإسلامية الإسبانية وتم وضع حجر الأساس لها بتاريخ 12/7/2006م

وتضم الحديقة ملعباً للأطفال فيه ألعاب مختلفة ومتنوعة وهو خاص للأطفال والعائلات، كما تحوي منتزهاً متنوعاً الذي يضم (4) أقفاص للحيوان الأليفة حيث يوجد فيها (طير الطاووس) وبعض الطيور المميزة كـ(البط) بالإضافة لحيوان القرد.

كما يوجد في الحديقة أيضاً أكشاك لتقديم المشروبات والوجبات السريعة الخفيفة وتحوي أيضاً مقصفاً مستثمراً لصالح مجلس مدينة حلب.

يزور الحديقة على مرور العام وفوداً عربية ودولية مختلفة حيث زار الحديقة مؤخراً وفداً نقابياً مصرياً بهدف الاطلاع على واقع الحديقة العامة والاستفادة من التجارب الحية منها، كما يزور الحديقة وخاصة في شهري نيسان وآيار مجموعات طلابية مدرسية من خلال رحلات منظمة إلى الحديقة بإشراف مديرية التربية".

من خلال تجوالنا في الحديقة التقينا مجموعة من قاصدي الحديقة فأضافوا:

"يوسف مرداش": "أنا متقاعد وتجاوز عمري الخامسة والسبعين وأتردد على الحديقة بشكل متقطع وشكلت لي زياراتي هذه مجموعة كبيرة من الأصدقاء من عمري أو أصغر, الأجواء رائعة جداً والهواء عليل ونلاحظ التحسن الملموس على الحديقة من خلال الإشراف الجيد والنظافة وأنا أنجذب للطبيعة بشكل كبير وهذا ماشجعني للقدوم إليها".

"سركيس أواتيان": "أنا أعمل في الخياطة الرجالية منذ (40) عاماً وقد سبب لي ذلك آلاماً في ظهري فنصحني الطبيب بزيارة الحديقة للراحة والاستجمام وأنا هنا منذ عام (2004) م تقريباً, الحديقة وفرت لي الهواء النظيف والمنظر الرائع وأشكر جميع العمال والمسؤولين في الحديقة على مايقدمونه".

يذكر أنَّ للحديقة العامة بحلب لها سبعة أبواب منتشرة على محيطها وهم: (باب محطة بغداد وباب العزيزية وباب ظهر النهر وباب ساحة سعد الله وباب شبارق وباب الكهرباء) وباب واحد مغلق وهو مخصص للإدارة.

أما الحديقة فتفتتح أبوابها لاستقبال الزوار من الساعة السادسة صباحاً وتغلقه عند الساعة الثانية عشرة ليلاً في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فتفتتح أبوابها عند الساعة السادسة صباحاً وتغلقه عند الساعة العاشرة ليلاً.