لجأ المزارعون في محافظة "حلب" إلى الطريقة التقليدية في مكافحة حشرات الزيتون كبديل مثالي عن الرش الكيماوي؛ لكونها صديقة للبيئة وتساهم في إنتاج الثمار العضوية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 تموز 2015، المزارع "محمد إبراهيم"؛ الذي قال: «هناك مشكلات حقيقية نعاني منها في مجال المكافحة الحشرية، مثل: ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية، وفقدان الأدوية الوطنية الفعالة من الأسواق، وحلول الأدوية المهربة ومجهولة المصدر وهي أدوية غير فعالة وقد تكون منتهية الصلاحية، حيث لا يوجد على العبوات مكان الإنتاج أو تاريخ الصلاحية، لذلك لجأنا إلى الطريقة التقليدية التي ابتكرها أجدادنا عبر السنين كحل بديل؛ وبذلك استمرت الدورات الزراعية كالعادة، وأنتج المزارعون بذلك إنتاجاً خالياً من المواد الضارة بالصحة».

من الطرائق التقليدية المهمة في مكافحة حشرات الزيتون؛ الاعتماد على الأعداء الحيوية لتلك الحشرات؛ مثل الامتناع عن صيد طير "نقّار الخشب" الذي يساهم في القضاء على الحشرات بوجه كبير، كذلك من خلال طريقة إطلاق الذكور الحشرية العقيمة واستخدام طريقة عمل مصائد للحشرات بمزج مواد جاذبة لها بمواد كيماوية

وحول الطريقة التقليدية في مكافحة الحشرات؛ حدثنا المزارع "محمد أوسو" قائلاً: «الطريقة التقليدية في مكافحة حشرات الزيتون وغيرها من الأشجار قديمة تمتد إلى مئات السنين؛ وقد ابتكرها الفلاحون لحماية أشجارهم ومواسمهم من الأضرار التي تلحقها تلك الحشرات بها.

المزارع محمد أوسو

ففي السنوات الأخيرة حقق القطاع الزراعي في عموم البلاد تطوراً كبيراً عندما حلت الآليات والأدوات الحديثة محل تلك الطرائق التقليدية التي كانت شائعة، فازداد الإنتاج وقلت الحشرات؛ وهو ما أثر إيجاباً في المستوى المعيشي لأكبر شريحة اجتماعية في البلاد، ولكن ذلك التطور أدى إلى إنتاج محاصيل زراعية غير عضوية بسبب الأدوية والأسمدة الكيماوية».

وأضاف: «نتيجة الأزمة التي تمر بها البلاد وانعكاساتها على الأسواق؛ كارتفاع أسعار المحروقات والمرشات الزراعية والأدوية؛ فقد عاد أغلب المزارعين إلى الطريقة التقليدية في مكافحة حشرات الزيتون.

المهندس الزراعي محمد طوبال

مضمون هذه الطريقة الشائع هو البحث عن مكان الإصابة الحشرية في سوق الأشجار من خلال وجود مخلفات تلك الحشرات ووجود بقعة رطبة مكان الإصابة، ثم القيام بقشر المكان بواسطة سكين حادة ووضع عود طري أو سلك معدني رفيع من خلال الثقب الذي أحدثته الحشرة حتى تموت.

الطريقة سهلة ويستطيع أن يقوم بها حتى الأطفال والنسوة، لكنها متعبة بنفس الوقت لأن على المزارع أن يدقق جيداً خلال البحث عن مخلفات الحشرات في جميع الأشجار، لكنها الطريقة البديلة التي فرضتها ظروف الأزمة، وتعدّ حلاً مناسباً وحققت العديد من الفوائد في مجال إنتاج ثمار وزيت عضوي وصحي خالٍ من المواد الكيماوية».

محصول الزيتون

وسألنا المهندس الزراعي "محمد طوبال" حول الطريقة التقليدية في مكافحة حشرات الزيتون وأهميتها، فأجاب: «في البداية لا بد من التذكير بأن شجرة الزيتون شجرة مهمة في "سورية"؛ التي تعد من أولى الدول في مجال إنتاج الزيت وعدد الأشجار.

إن هذه الأشجار تتعرض لحشرات عديد تؤثر في إنتاجها، وتعد المواد الكيماوية من أهم الطرائق المستخدمة في المكافحة، لكن نتيجة ارتفاع أسعار المبيدات وأجور المكافحة بسبب الأزمة التي تعيشها بلادنا لجأ المزارعون إلى الطريقة التقليدية بعيداً عن المواد الكيماوية.

هنا أود أن أذكر أهم الحشرات التي تصيب أشجار الزيتون ليكون الإخوة المزارعون على معرفة بها وبأضرارها وطرائق مكافحتها تقليدياً، وهي:

  • "عثة الزيتون" Prays oleellus من رتبة حرشفية الأجنحة Lepidoprera، ولها ثلاثة أجيال في السنة، تتغذى يرقاتها خلال مراحلها الثلاث على الأزهار والبراعم الزهرية، وعلى بذرة الزيتون فتسقطها في غير موعدها وكذلك على الأوراق.

  • "حفار ساق التفاح" (فراشة الفهد) Zeuzera pyrina من رتبة حرشفية الأجنحة Lepidoprera، لها جيل أو جيلان في العام، تقوم بحفر أنفاق داخل خشب الزيتون من الأسفل للأعلى، كما تصيب فروع السنة الجارية فتيبسها إن كانت الإصابة شديدة.

  • وتتم مكافحة الحشرة تقليدياً باتباع الخطوات التالية: قطع الأغصان الصغيرة المصابة وحرقها، وجمع العذارى التي تظهر في الثقوب القديمة للحشرة مع بداية فصلي الربيع والخريف وحرقها، واستخدام الأسلاك المعدنية في إدخالها إلى الأنفاق للقضاء على اليرقات، أما الحشرة الكاملة "الفراشة" فهي تنجذب ليلاً للضوء؛ لذا يستطيع المزارع القضاء عليها بمزج مواد جاذبة لها مع مواد كيماوية لمكافحتها.

  • "بسيلا الزيتون" Homoprera من رتبة متشابهة الأجنحة Euphyllura Olivina، لها عدة أجيال بالسنة، لكن أكثرها ضرراً هو الجيل الأول الذي يصيب الأزهار، تصيب البراعم والأوراق الحديثة والثمار، وتؤدي إلى نقص المحصول في حالة الإصابة الشديدة لكونها تمنع إخصاب المحصول بسبب النسيج القطني الذي تفرزه.

  • "نيرون الزيتون" scarabaeoides Phloeo tribus من رتبة غمدية الأجنحة Coleoptera، لها 3 أو 4 أجيال في السنة، تصيب الفروع وتجفف أطرافها فتموت وتتساقط، يمكن مكافحتها تقليدياً من خلال قطع الأغصان المصابة وحرقها وتقوية الأشجار؛ لكونها تصيب الأشجار الضعيفة بوجه كبير؛ وخاصة خلال السنوات التي تقل فيها نسبة هطول الأمطار، وكذلك في الأراضي قليلة العمق كالمناطق الجبلية.

  • "ذبابة ثمار الزيتون" Dacus oleae من رتبة ذات الجناحين Diprera، لها أربعة أجيال في السنة، وهي من أكثر الحشرات ضرراً؛ إذ تؤدي إلى تساقط الثمار قبل نضجها، وانخفاض نسبة الزيت في الثمار المصابة حتى 50%، وتدني مواصفات الزيت بارتفاع نسبة الحموضة "الأسيد" فيه، وعدم صلاحية الثمار المصابة للأكل والتخليل، وأخيراً، تساهم هذه الحشرة في نقل مرض "سل الزيتون". إن نسبة الأضرار التي تلحقها الحشرة مختلفة بين سنة وأخرى، ومن صنف لآخر، وقد تصل أحياناً إلى 100%، وهي تنتشر في الثمار الأكبر حجماً.

  • ويمكن مكافحتها تقليدياً من خلال جمع الثمار المصابة وحرقها، أو عصرها بعد جمعها مباشرة، وتنظيف المخازن والمعاصر بسد الشقوق ووضع الشبابيك لمنع خروج الحشرات».

    وتابع حديثه: «من الطرائق التقليدية المهمة في مكافحة حشرات الزيتون؛ الاعتماد على الأعداء الحيوية لتلك الحشرات؛ مثل الامتناع عن صيد طير "نقّار الخشب" الذي يساهم في القضاء على الحشرات بوجه كبير، كذلك من خلال طريقة إطلاق الذكور الحشرية العقيمة واستخدام طريقة عمل مصائد للحشرات بمزج مواد جاذبة لها بمواد كيماوية».

    وختاماً، تحدث "طوبال" عن أهمية الطريقة التقليدية في المكافحة الحشرية بالقول: «الطرائق التقليدية في مكافحة حشرات الزيتون تحافظ على التوازن البيئي، بينما تؤدي التداخلات الكيماوية إلى خلل كبير في التوازن البيئي وتساهم في تلوثها، وفي الحصول على إنتاج ملوث بتلك المواد، لذا يجب عدم اللجوء أساساً إلى المبيدات الكيماوية إلا في حالات الضرورة.

    من الناحية المادية توفر الطريقة التقليدية آلاف الليرات للمزارع، وذلك إذا ما أضفنا ثمن الأدوية والمرشات وآليات الرش واليد العاملة وكذلك الأسعار المرتفعة للمحاصيل العضوية والنظيفة التي ينتجها إلى ناتج موسمه».