يلجأ الكثيرون من المزارعين في محافظة "حلب" إلى حرق بقايا الحصيد في أراضيهم؛ بعد الانتهاء من عمليات حصد محصولي القمح والشعير؛ وهو ما يسبب خللاً في التربة والهواء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 حزيران 2015، المزارع "مصطفى يوسف كرد" الذي قال: «جرت العادة عند المزارعين في الريف الحلبي أن يقوموا بحرق بقايا الحصيد في أراضيهم الزراعية بعد أن يقوموا بحصد محصولي القمح والشعير، وقد ظهرت هذه العادة بعد ظهور الحصادات الآلية تحديداً لكونها تقوم بقطع السنابل عكس الحصاد اليدوي بواسطة المناجل؛ إذ يقوم المزارع خلاله بقلع السنابل من جذورها وبالتالي تصبح الأرض نظيفة بعد نقل المحصول إلى البيدر، أما حالياً فتقوم الحصادات بقطع السنابل؛ لذلك يقوم المزارعون بحرق تلك البقايا لتنظيف حقولهم وتهيئتها للفلاحة بغية زرعها من جديد».

باتباع هذه الإجراءات يكون المزارع قد تخلص من أضرار الحرق وقام بتأمين مصدر دخل ببيع تلك البقايا للرعاة ليرعوا ماشيتهم أو تأمين علف لماشيتهم، وإغناء التربة بالمواد العضوية والحفاظ على البكتيريا النافعة، وأخيراً الحفاظ على البيئة من التلوث وما يخلفه ذلك من أضرار

وحول الأسباب التي تدفع المزارعين إلى حرق بقايا الحصيد قال: «هذا الإجراء تقليدي شائع لدى الفلاحين وله عدة أسباب أهمها: تسهيل عملية الفلاحة لأن التربة التي زرعت بالقمح أو الشعير تصبح قاسية ومتشققة، كل ذلك مع بقايا الحصيد يجعل حراثة الأرض أكثر صعوبة لأن تلك البقايا تعلق بمحراث الجرار فتنجرف التربة وتحدث حفراً في الأرض، كما أن الحرق يساهم في تنظيف الأرض من بذور الأشواك والحشائش الضارة التي تنمو خلال عمليات الزرع التالية، وفي العادة يزرع الفلاحون البندورة أو البطيخ لأن زراعتهما تنجح في هذه التربة».

مصطفى يوسف كرد - مزارع

"محمد إيبو" المزارع قال: «قبل أيام أنهت الحصادة حصد موسمي من محصول القمح، وبما أن السنة الحالية شهدت أمطاراً وفيرة وكافية فقد انعكس ذلك على السنابل؛ حيث أصبح سوقها ثخيناً ولأن ذلك يعرقل عملية الفلاحة فقد لجأت إلى الأسلوب التقليدي الشائع وهو حرق بقايا الحصيد.

ولا نقوم بحرق بقايا السنابل إلا بعد أن نقوم ببيع "التبن" لأصحاب الماشية؛ فالمعروف أن الحصادات الحديثة تقوم بتحويل السنابل إلى "تبن" وتحفظها ضمن أكياس خيش وبهذا نستفيد منه في تأمين مداخيل جيدة لأن أسعار التبن عالية هذه الأيام».

محمد طوبال - مهندس زراعي

وللحديث حول موضوع حرق بقايا الحصيد من الناحية العلمية التقينا المهندس الزراعي "محمد طوبال"، وعن مقترحاته بهذا الخصوص قال: «تتكون التربة بوجه عام من مواد عضوية ومعدنية توجد بينها مسامات أو فراغات تمتلئ بالماء والهواء.

أما تربتنا المحلية فتتميز بأنها فقيرة بالمواد العضوية؛ لذلك فإن حرق بقايا المحاصيل يؤدي إلى حرمان التربة من هذه البقايا التي تتحلل في التربة فتغنيها بالمواد العضوية هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن عمليات الحرق تؤدي إلى القضاء على البكتيريا النافعة في التربة كالتي تقوم بتثبيت الآزوت الجوي في جذور النباتات البقولية مثلاً».

وأضاف: «إن البكتيريا الموجودة في التربة هي جزء من السلسلة الغذائية الحيوية؛ لذا فإن قلة المواد العضوية وقتلها تؤدي إلى خلل في تلك السلسلة.

كما يؤدي حرق بقايا المحاصيل إلى تخريب بنية التربة بتحويلها من تربة خصبة إلى تربة شبه رملية، وحرمان الحيوانات من "التبن" الذي يعد من الأعلاف المهمة للحيوانات وخاصة الماشية، كما يمكن الاستفادة من القش نفسه في أغراض أخرى».

وتابع: «إضافة إلى هذه الأضرار فإن إضرام النار في بقايا المحاصيل له دور سيء على البيئة من ناحية زيادة غاز الكربون في الجو، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، وخطر انتشار الحرائق إلى الحقول والبساتين والغابات المجاورة، فيلحق بها أضراراً جمة، وكل ذلك يساهم في انتشار بعض الأمراض التحسسية كالربو».

وعن مقترحاته في هذا الموضوع يقول: «من المفضل علمياً أن يمتنع المزارع عن حرق بقايا محصوله والاستفادة منها في عدة مجالات أهمها: رعي الماشية فيها أو تحويل القش المتبقي إلى "تبن" لاستخدامه كعلف حيواني.

بعد ذلك على المزارع القيام طمر بقايا القش في التربة من خلال فلاحتها بالمحراث القلاب وسقايتها ليتم تخميرها وتحليلها».

وختم: «باتباع هذه الإجراءات يكون المزارع قد تخلص من أضرار الحرق وقام بتأمين مصدر دخل ببيع تلك البقايا للرعاة ليرعوا ماشيتهم أو تأمين علف لماشيتهم، وإغناء التربة بالمواد العضوية والحفاظ على البكتيريا النافعة، وأخيراً الحفاظ على البيئة من التلوث وما يخلفه ذلك من أضرار».