أصبحت مشكلة تلوث البيئة من المخاطر التي تحدق بالإنسان وخصوصاً مع تزايد ارتباطها العميق بالتقدم الطبي الذي خلف آثاراً سلبية على حياته جرّاء هذا التقدم وبالتالي انتشر العديد من الإصابات التي أصبحت في أغلبها مصدرا مهدداً لحياة الكائن البشري.

المهندسة "سماح حمادة" المسؤولة اللوجستية عن مشروع إدارة النفايات الطبية بـ "حلب" عرفت النفايات الطبية بالقول: «مفهومها يتمحور بالنفايات- المخلّفات- الطبية التي تخرج من المنشآت الصحية سواء من المشافي والمستوصفات أو حتى من المنازل السكنية من خلال أكياس السيروم والمحاقن الجلدية والشاش الطبي المستخدم.

يأتي هذا حول تعزيز الخبرات السورية ورفع من كفاءة مدربيها في التعامل مع جميع النفايات التي تصدر من المنشآت الطبية

وتأتي خطورتها من كون هذه الأدوية يدخل في تصنيعها العديد من المواد الكيميائية التي ينعكس أثرها السلبي على صحتنا مسببة العدوى في حال إهمالنا للطرق الوقائية في التخلص منها».

م."سماح حمادة"

رغم العديد من الدورات التي أقيمت إلا أن جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق المواطن فكيف يستطيع أن يتدارك تلك المخاطر بشكل فردي؟ أجابت "حمادة": «العديد من المنازل يتواجد فيها مريض السكري وغيرها من الأمراض لكن ما يترتب على صاحب المنزل أن يتقن إزالة مخلفات الأدوية الطبية بطرق وقائية عن طريق وضع إبر الحقن المستعملة في كيس لونه أصفر ويكتب عليه نفايات طبية خطرة حتى يتسنى لعامل النظافة أن يحذر من تلك المواد لكيلا يتعرض لوخز إبرتها وبالتالي تنتقل العدوى وربما يتضاعف الأمر إلى غير ذلك».

المسوؤلية من أين تبدأ....

وبرأي "حمادة": «من كل واحد بحسب موقعه، فعلى الصعيد الذاتي يجب على كل شخص أن يُرجع علب الأدوية المستهلكة إلى الصيدلاني ومنه يتم نقلها إلى معامل الأدوية التي بدورها تعمل على التخلص منها بطرق آمنة دون لجوء بعض الصيدليات إلى رميها في سلة المهملات وهنا تكمن خطورة التخلص منها بشكل غير آمن، وعلى الصعيد الحكومي فوزارة الصحة والإدارة المحلية مع وزارة البيئة يعملون مع بعضهم من أجل الحفاظ على مجتمع صحي وسليم من خلال تقديم العديد من ورشات العمل للمديريات التابعة لها وذلك من خلال تعاوننا مع الجانب اللبناني الذي يتمتع بالعديد من الخبرات المتقدمة في هذا المجال».

د."بدر الدين معاذ"

ولتوضيح الرؤية أكثر حول كيفية التخلص الآمن من تلك النفايات من قبل الجهات المعنية وبطرق آمنة أوضحها الدكتور "بدر الدين معاذ" رئيس شعبة صحة البيئة بمديرية صحة "حلب" قائلاً: «تتم عن طريق استخدام جهاز "الأتوغليف" الذي يعمل على فرم النفايات الطبية عن طريق آلة موجودة بداخله وبالتالي تتحول النفايات إلى جزئيات صغيرة يسهل تعقيمها بشكل فعال عن طريق الضغط والبخار لتتحول بعدها إلى نفايات عادية غير مؤثرة على الصحة يمكن طمرها بعد ذلك في الأماكن المخصّصة».

لكن ما هو الفرق بين المعالجة القديمة والحديثة؟ قال "معاذ": «قديماً كان يتم حرق النفايات الطبية فتخرج منها غازات وأبخرة سامة تتمركز في الغلاف الجوي وحينما تسقط الأمطار تتغلغل في التربة لتنتقل إلى جسم الإنسان عن طريق تناوله للخضراوات ومنها قد تتسبب في نشوء الأمراض السرطانية لكون هذه السموم تبقى فعّالة ولفترات زمنية طويلة، وهناك أيضاً النفايات المشعة ولكنها تختلف طرق معالجتها عن النفايات الطبية مثل اتباع طريقة التجميد والكبسلة وغير ذلك من الطرق العلمية المتوافرة».

"جمانة الحسن"

الآنسة "جمانة الحسن" من مديرية البيئة بمحافظة "إدلب" قائلة: «في الدورات التدريبية نستطيع الاطلاع على التجارب المتقدمة التي قامت بها دولة لبنان حول كيفية الجمع بين العلوم الأكاديمية والتطبيقات العملية».

وأضافت: «فمن خلال اجتماعنا مع المدربين التابعين لوزارتي الإدارة المحلية والصحة استطعنا الإحاطة بكافة الأمور التي يمكن أن تنشا جرّاء تطبيق هذه الدورة على أرض الواقع والاستفادة من خبرات المحافظات الأخرى التي عملت في هذا المجال على عكس إن كانت هذه الدورة مخصّصة فقط للمديريات وزارة البيئة فإن هذا الموضوع يبقى مطروحاً من زاوية واحدة ويكون غير واضحاً بالدرجة الكافية».

وبعيداً عن النظرة الطبية فإن للهندسة التقنية دوراً آخر يبين فيه نسبة نجاح الجهاز وكيفية تحقيق درجة الأمان فيه حدثنا بها المهندس "خليل النمر" من مديرية الشؤون البيئية بمحافظة دير الزور فيقول: «يعتبر أجهزة الأتوغليف من الأجهزة الجيدة ويتمتع بوسائل أمان عالية، لكن الأهمية تكمن أيضاً في أن السيارات التي تعمل على نقل النفايات يجب أن تكون مجهزة بأفضل الإمكانيات للعمل على عدم تناثر أو تسريب أي من المواد المشعة على الطرقات يمكن أن يكون لها الأثر السلبي على حياة الإنسان».

وحول التعاون مع الجانب اللبناني أوضحته "لبنى أبو شقرا" مديرة مشروع إدارة النفايات الطبية قائلة: «يأتي هذا حول تعزيز الخبرات السورية ورفع من كفاءة مدربيها في التعامل مع جميع النفايات التي تصدر من المنشآت الطبية».

وأضافت: «فهذا المشروع بدأ منذ عام 2009 بالعديد من المشافي شملت مختلف المستويات من أطباء وإداريين وممرضين وعاملين أيضاً وكانت محافظة "دمشق" سبّاقة في هذا المجال، وقد ضمت هذه الدورة على العديد من الاختصاصات العلمية كالأطباء والمهندسين للوصول إلى خطة وطنية لمعالجة جميع النفايات الطبية».

وعندما يتم تأهيل كوادر الجمعية السورية للبيئة والكلام لـ "أبو شقرا": «يتم من خلالها تفعيل الخبرات ونقلها إلى جميع المحافظات السورية للمساهمة في عملية رفع كفاءة المدربين الذين يخضعون لتلك الدورات التدريبية».