أضحت ظاهرة انتشار المخالفات العشوائية في مدينة "حلب" مشكلة بحد ذاتها تزداد تعقيداً يوماً تلو الآخر، عدا تأثيرها على المظهر العصري للمدينة وكذلك تسببها بالتلوث الصحي والبيئي جراء رمي القمامة بشكل متبعثر وعدم الالتزام بشروط الوقاية الصحية وتفشي الأمراض نتيجة غياب خدمات الصرف الصحي وغيرها.

وقد تدارك المعنيون خطورة هذه المسألة خصوصاً أن المخططات التنظيمية غابت لسنوات وتجاهلت النمو العمراني لتلبية حاجة النمو السكاني المتزايد. وحالياً يقوم مجلس مدينة "حلب" بحملات هدم واسعة تشمل أماكن المخالفات، إلا أن تلك الحملات شهدت أكبر توسع في تاريخها خلال الأسابيع الأخيرة، حيث قام مجلس المدينة بشن حملات هدم أسبوعية لأكثر مناطق المخالفات بحلب في منطقتي "الأنصاري" و"باب النيرب".

منذ إصدار المرسوم 59 يحاول مجلس المدينة قمع المخالفات العمرانية وإظهارها للعيان عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بغية إظهار طبيعة المخالفات للمواطن كي لا يقدم عليها

وعن هذه الحملة حدثنا المهندس "محمد رام حمداني"، المنسق العام للمديريات الخدمية في مجلس مدينة "حلب قائلاً": «منذ إصدار المرسوم 59 يحاول مجلس المدينة قمع المخالفات العمرانية وإظهارها للعيان عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بغية إظهار طبيعة المخالفات للمواطن كي لا يقدم عليها».

م. محمد رام حمداني

وعن حملات الهدم الأخيرة يضيف المهندس "حمداني": «أشركنا في الفترة الأخيرة وسائل الإعلام من أجل توعية الناس، حيث إن مجلس المدينة يتكلف خسائر مادية أثناء الهدم، لذا نحاول توعية المواطن الجاهل بألا يهدر أمواله في الهواء فهذا سيجلب له مشاكل ومتاعب عائلية».

وقد أثارت عمليات الهدم موجة من السجالات بين المواطنين ومديريات الخدمات الفنية خشية هدم بيوت مأهولة قبل العام 2003 أي قبل صدور قانون المخالفات. وفي هذا السياق يقول "حمداني": «نحن نشن حملات هدم على المخالفات ما بعد العام 2003 ومعظم الأبنية التي هدمت هي قيد الإنشاء وحديثة وغير مأهولة، أما تلك التي تعج بالسكان فلا نقترب منها، وفي حال اضطر الأمر بهدف توسيع شارع ما فسيتم تعويض المواطن.

م. مازن زين الدين

أما عن المخالفات التي تهدم الآن فلن يتم تعويض صاحبها بل سيحال شاغلوها ومالكوها إلى القضاء لكونهم خالفوا القانون ببنائهم على أملاك عامة».

ورغم أن هناك بعض الحالات المتجاوزة لقانون المخالفات الصادر بعد عام 2003، كحالة حدثت في "قاضي عسكر"، حيث تم البناء على حرم الطريق الجنوبي المؤدي إلى المطار، وكمرحلة أولى تم الاكتفاء بهدم أجزاء من 21 منزلا على مسافة عشرة أمتار.

و«تشمل حملة هدم المخالفات معظم المناطق والشوارع التي تتركز بها المخالفات، غير أن أكثر تلك المناطق هي "الأنصاري" بالدرجة الأولى تليها "باب النيرب". وقد تم هدم 66 مخالفة خلال الأسبوعين الماضيين وإغلاق محلات بيع مواد البناء وتنظيم أكثر من 30 ضبطاً بحق المخالفين للأنظمة والقوانين»، على حد تعبير المهندس "مازن زين الدين"، مدير خدمات "باب النيرب"، لموقع eAleppo.

وبين "زين الدين" أن التركيز حالياً على القطاعات ذات المخالفات الكبيرة والتي تتمركز في "الأنصاري" و"قاضي عسكر" و"باب النيرب".

وتحتوي مدينة "حلب" على 22 منطقة مخالفات يسكنها حوالي 41% من مجموع سكان المدينة. وعن مستقبل مناطق المخالفات ما قبل العام 2003 وفيما إذا كان سيتم تنظيمها؟ يجيب المهندس "حمداني": «عندما سيطبق المخطط التنظيمي ستفتتح شواغر وستبنى حدائق في تلك المناطق، إذ إنه من الصعب إزالتها لكونها مأهولة بالسكان والمخطط التنظيمي يراعي ذلك. وفي الوقت ذاته ستستمر حملة هدم المخالفات للمنشآت الحديثة حتى يتم تنظيف تلك الأماكن منها نهائياً، فنحن سنحاول إنهاء هذه المسألة من خلال تجفيف منابع المواد الأولية لتلك المخالفات».

يذكر أنه جرى خلال الفترة الماضية التشدد في تطبيق المرسوم 59 الخاص بقمع مخالفات البناء وإلقاء القبض على العديد من تجار البناء المخالف بهدف الحد من هذه الظاهرة التي تشكل خطراً على المدينة وعلى المواطنين القاطنين فيها.‏

وكما أن المرسوم التشريعي رقم 59 الذي صدر في 24/9/2008 طالب بإزالة جميع الأبنية المخالفة ومخالفات البناء مهما كان نوعها بالهدم وترحيل الأنقاض على نفقة من كانت المخالفة لمصلحته على أن يعاقب المخالف بالسجن لمدة تصل إلى 3 أشهر وبدفع غرامة مالية 500 ألف ليرة سورية.