لا بُدَّ أن تمرُّ بها إن قصدت زيارة المعالم التاريخية الأثرية الكثيرة في ريف "حلب" الشمالي، فهي بمثابة نقطة الالتقاء للعديد من المدن الأثرية، كما أنها تقع على الطريق الدولي الذي يربط منطقتي "اعزاز"، و"عفرين" بمدينة "حلب".

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت المؤرخ "يوسف رشيد" ليحدثنا عن تاريخ مدينة "نبل"، حيث قال: «يذكرها الشيخ "كامل الغزي" في كتابه "نهر الذهب" في تاريخ "حلب"، حيث تقع ضمن قرى قضاء "جبل سمعان"، المعروف من القِدم، وهو كثير الجهات وافر الخيرات والبركات، جيد التربة حمراؤها، وفيه الكثير من الخرب الرومانية والكلدانية والآشورية، منها: خرابة "كفر نابو" ويعرف "جبل سمعان" باسم جبل "ليلون"، وكان مركز القضاء في "حلب"، ثم نُقِل إلى "دارة عزة"، ثم إلى "عنادان"، ثم أُعيدَ إلى "حلب".

تقع "نبل" في قلب المدن المنسية الأثرية والتاريخية، مثل: "براد"، "الكالوتي"، "عين دارة"، "خراب شمس"، "كيمار"، "عقيبة"، "برج القاص"، "برج حيدر"، "قلعة سمعان"، "قصر المشبك" غرب "حلب"، ويتوسطها تل أثري ضخم، لم يتم التنقيب فيه بشكل جدي

ويذكر "الغزي" أنه تتبع لـ"نبل" مزارع خالية من السكان مثل: "كفر حشيم"، "باطموس"، "القنطرة"، "النهرية"، و"الزيادية"، ويذكر أن كثيراً من أسماء المناطق آرامية، واسم "نبل" من بينها، وهو مشتق من اسم "الإله نبو" الآرامي الذي كان مدفوناً قرب القرية، وهو من الذهب، ويرمز إلى العلم والمعرفة والسمو والرفعة عند الآراميين».

وسط المدينة

يتابع المؤرخ عن موقعها بالقول: «تقع "نبل" في قلب المدن المنسية الأثرية والتاريخية، مثل: "براد"، "الكالوتي"، "عين دارة"، "خراب شمس"، "كيمار"، "عقيبة"، "برج القاص"، "برج حيدر"، "قلعة سمعان"، "قصر المشبك" غرب "حلب"، ويتوسطها تل أثري ضخم، لم يتم التنقيب فيه بشكل جدي».

وعن عدد السكان يقول: «كان عدد السكان قبل العام 2011، قرابة 35000 نسمة، يعملون في شتى المهن، كالتعليم والطب والبناء ولوازمه، والتجارة والسيارات وتربية الحيوانات والزراعة وغيرها، ولأنّ "نبل" مركز الناحية الإداري وذات موقع هام بين "حلب" والمناطق الشمالية، فإنّ الكثير من سكان القرى المجاورة يقصدونها للبيع والشراء والتعليم والاستشفاء والعمل أيضاً».

المؤرخ "يوسف رشيد"

وعن التعليم فيها وتأسيس أول مدرسة قال: «تأسست أول مدرسة في "نبل" منذ عشرينيات القرن الماضي، بعد خروج العثمانيين من بلادنا، وأثناء الاحتلال الفرنسي، ومنذ ذلك الوقت تنامت الحركة التعليمية حتى بلغ عدد المدارس حالياً خمس عشرة مدرسة تابعة للذكور والإناث، إضافة إلى آلاف الطلاب الذين يدرسون في مناطق أخرى، وفي الجامعات السورية، وفيها الكثير من الكفاءات العلمية والشهادات الجامعية والعليا».

وعن الجانب الاجتماعي قال: «يعيش سكان مدينة "نبل" حالة من الوئام والمودة والعلاقات الاجتماعية الطبيعية التي تحكمها صلات القربى والجيرة فيما بينهم من جهة، وكذلك في المحيط القريب والبعيد مع سكان القرى والبلدات المجاورة، حيث العلاقات الودية مع هؤلاء جميعاً، كما يسود السلام والطمأنينة بشكل عام في التعاطي مع كل من يعيش بينهم ممن أجبرتهم الحرب على الخروج من ديارهم، إضافة إلى وجود عدد كبير من مواطني البلدة الذين يقطنون في مختلف المناطق السورية، ولم تسجل أي حالة من مفرزات المرحلة تسيء إلى علاقات الجوار أو المواطنة الحقة، رغم ما تعرضت له المدينة من ضغوط في ظل الأزمة السورية».

نبل من على الخريطة

وعن المؤسسات الحكومية الموجودة في مدينة "نبل" يقول الدكتور "زهير اسماعيل" أحد أهالي المدينة، ورئيس منطقة "اعزاز" الصحية في الريف الشمالي لمدينة "حلب": «تضم مدينة "نبل" المؤسسات الحكومية المعتمد تصنيفها في وزارة الإدارة المحلية كبلدة، وبالتالي فيها مجلس مدينة، ومحكمة صلح، ومستوصف حكومي، ومبنى بريد، ومركز ثقافي، ونادي "نبل" الرياضي، بالإضافة للمجمع التربوي، ومخفر الناحية، ووحدة إرشادية زراعية، ووحدة مياه، ومجموعة كهرباء، ومقر أنشطة شبابية».

وعن الزراعة في المدينة قال: «اشتهر أهالي المدينة عبر الزمن بالزراعة البعلية بسبب عدم وجود مياه للسقاية، واكتفوا بها ذاتياً، بل كان لديهم فائض يُصدر إلى "حلب"، ثم قَلَّ الاهتمام فيها تدريجياً نتيجة توجه أبناء "نبل" للدراسة والتجارة، حيث إنّ العديد من الطلاب دخلوا الجامعات، وحصلوا على شهادات عالية ما حقق قفزة نوعية علمية في المدينة، ونملك في المدينة عدداً كبيراً من الأطباء بخبرات جيدة، ما يدفع أهالي البلدات المجاورة للقدوم إلى "نبل" طلباً للاستشفاء».

الجدير بالذكر أنّ مدينة "نبل" تبعد عن مدينة "حلب" حوالي 20 كم.