يتصل مع الكثير من النقاط الحيوية في المدينة، ومن جميع الاتجاهات، هو مقصد الحلبيين الراغبين بالسكن الصحي والجيرة اللطيفة، بناؤه خليط بين العراقة والأصالة، وأهله متحابون راقون.

مدونة وطن "eSyria" زارت حي "السريان" بتاريخ 20 كانون الأول 2014، والتقت من أهله المهندس "حسان خزام" الذي تحدث عن موقعه الجغرافي بالقول: «يحده جنوباً حي "محطة بغداد" ويتصلان عبر جسر "16 تشرين" الذي يشكل عقدة مواصلات مهمة جداً في المدينة، أما من الغرب فيحده حي "الجميلية"، يصلهما شارع "الملك فيصل"، وإلى الشمال يقع حي "الأشرفية" الذي يتصل شرقاً بأحياء "الشيخ مقصود" و"الميدان" عبر أوتوستراد "العوارض".

يقطن الحي اليوم العديد من العائلات التي تعد مؤسسة له، نذكر منها: "توكمه جي، طورو، مختار، بصمه جي، بقال، ترزي". وينتمي معظم سكان الحي للطبقة الوسطى، ويعد من الأحياء المفعمة بالحركة والنشاط التجاري. يحتوي على سوق كبيرة للخضار، كما يحوي العديد من المطاعم التي تشتهر بوجه خاص بصناعة "السجق" على الطريقة الأورفلية، ويمثل بنسيجه الاجتماعي صورة مصغرة عن المجتمع السوري الغني بالمفعم بالثقافات والألوان، أما حالته الخدمية فمتراوحة بين أقسامه وحاراته، فثمة حارات بعيدة عن الشارع العام، لا تصلها الخدمات كما تصل لباقي الأحياء، وهي بحاجة لآليات صغيرة قادرة على دخولها وتقديم خدمات النظافة إليها بوجه خاص

يحوي الحي مجمعاً تربوياً يضم مدرسة الشهيد "حسان كيالي" للتعليم الأساسي، ومدرسة "هدى شعراوي" للتعليم الثانوي للإناث، ومدرسة الشهيد "مازن دباغ" للتعليم الثانوي للذكور، إضافة لثلاث مدارس خاصة هي: مدرسة "بني تغلب الثانية"، مدرسة "العهد الجديد" ومدرسة "البلابل"، كما أنه يحوي في قسمه الجنوبي الغربي مؤسسة الجمارك، وفي قسمه الجنوبي الشرقي الشركة العامة لمطاحن العدس».

صورة جوية للحي

أما فيما يخص الجانب الاجتماعي؛ فيكمل "خزام بقوله: «يقطن الحي اليوم العديد من العائلات التي تعد مؤسسة له، نذكر منها: "توكمه جي، طورو، مختار، بصمه جي، بقال، ترزي". وينتمي معظم سكان الحي للطبقة الوسطى، ويعد من الأحياء المفعمة بالحركة والنشاط التجاري. يحتوي على سوق كبيرة للخضار، كما يحوي العديد من المطاعم التي تشتهر بوجه خاص بصناعة "السجق" على الطريقة الأورفلية، ويمثل بنسيجه الاجتماعي صورة مصغرة عن المجتمع السوري الغني بالمفعم بالثقافات والألوان، أما حالته الخدمية فمتراوحة بين أقسامه وحاراته، فثمة حارات بعيدة عن الشارع العام، لا تصلها الخدمات كما تصل لباقي الأحياء، وهي بحاجة لآليات صغيرة قادرة على دخولها وتقديم خدمات النظافة إليها بوجه خاص».

وللوقوف عند الجانب التاريخي؛ كان لمدونة وطن لقاء مع الباحثة التاريخية "لوسين كردو"، التي قالت: «تبدأ حكاية هذا الحي عام 1924 عندما بلغ السريان الرهويون مشارف مدينة "حلب"؛ على أعقاب هجرتهم التي اقتضتها الاضطهادات التي تعرضوا لها من قبل السلطات العثمانية في مدينتهم الأم "الرها" التي تسمى أيضاً "أورفا"، وقد جاء في الوثائق التاريخية أن أول كنيسة مسيحية في بلاد ما بين النهرين كانت كنيسة "الرها"، التي أسست في عهد ملكها الأسود "أبجر" (أوكرمو) سنة 37 للميلاد، إذ كانت مملكة "الرها" تمثل مركزاً حضارياً مهماً، وكان لها عميق الأثر في نشر العلوم الدينية والفلسفية واللغوية والتاريخية والفنية، وقد مرت في عصور ذهبية من الازدهار امتدت حتى القرن الثاني عشر الميلادي.

لوسين كردو

توالت القرون وتبدل الحكام، إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان سنة 1924، فانتقلت كنيسة الرها السريانية من "أورفا" إلى "حلب" عقب جلاء السريان منها نتيجة الهجرة المفاجئة التي وقعت في الخامس والعشرين من شباط في نفس العام. إثر ذلك دخل "السريان الرهاويون" مرحلة جديدة من تاريخهم، مرحلة شاقة وملأى بالألم، نظراً إلى أنهم لم يكونوا على استعداد لمواجهة مثل هذا المصير.

وصلت قوافل السريان مدينة "حلب"، واستقرت في هذه البقعة التي بني عليها الحي، إذ كانت حينذاك أرضاً صخرية تحتوي على الكثير من المغارات التي سكنها الناس كما سكنوا المخيمات التي كانت تدعى آنذاك "برّاكات السريان".

أول فريق كرة قدم نسائي في سورية

على الرغم من الفقر والحرمان كان هنالك لدى الناس رغبة قوية بالعمل وبناء حياة لائقة، فلم تمض سنة واحدة حتى أقاموا بيتاً خشبياً بمنزلة كنيسة للعبادة، ما لبثت أن تطورت رويداً رويداً، إلى أن أصبحت مدرسة صغيرة، ومأوى للأيتام والأسر الفقيرة، واستطاع الناس أن يحولوا الأراضي القاحلة إلى مناطق صالحة للسكن فبدأت ملامح الحي تظهر.

في هذه الفترة تم منح السريان الجنسية العربية السورية، ليصبحوا بذلك مواطنين سوريين منذ عام 1926.

عام 1932 قررت المجالس الإدارية بناء كنيسة جديدة كبيرة على غرار الكنيسة التي تركوها وراءهم في مدينتهم "الرها" فلقي هذا المشروع ترحيباً كبيراً من "الرهاويين" الذين عاجلوا بدعمه، كل بقدر استطاعته مادياً أو معنوياً، فكانت كنيسة "السريان الأرثوذوكس" القائمة حالياً.

في البدايات عمل الرجال فيما توافر لهم من فرص عمل، وبما كانوا يحملونه من خبرات وحرف، فاشتهروا كحرفيين في مجال صياغة الذهب وصيانة الآليات وميكانيك السيارات، نظراً لكونهم أتوا من دولة كانت أكثر تقدماً في هذا الصعيد.

وكذلك النساء، لم يقتصر عملهن على إدارة شؤون المنزل، وإنما تعداه ليشمل مساعدة الرجال في توفير ظروف معيشية أفضل. فعملن في غسل الصوف ورتي الملابس وعقد شرابات المناشف، كما عملن في معامل إنتاج الملابس القطنية "قطنيات المشخص أو الهلال"، ومعمل التبغ "الريجي".

في بداية الأربعينيات أنشئت أول مدرسة في الحي، وهي مدرسة "بني تغلب الثانية" التي لاقت إقبالاً هائلاً من أهالي الحي الميسورين، ومع الوقت أصبح الإقبال يزداد بسبب التأكيد على أهمية التعليم الذي ترافق مع تحسن الأوضاع المادية في المجتمع، فارتفعت نسبة المتعلمين شيئا فشيئاً بين أوساط السكان، وبدأ الحي ينتعش أكثر فأكثر ويستقبل سكاناً من جميع الانتماءات، وفي أواخر الستينيات تم إنشاء نادي "الشهباء" الرياضي الذي ضم أول فريق كرة قدم نسائي في "سورية"، وثاني فريق على مستوى الوطن العربي بعد فريق "الأهلي القاهري"».

يذكر أن، الحي يقسم إلى قسمين: جديد وقديم، يمتاز الحي الجديد بتصميمه العمراني الحديث، حيث الأبنية المتباعدة المكسوة بالحجر والحدائق الخلابة بين حاراته، ويفصل بين القديم والحديث أوتوستراد "الدائري الشمالي".