يعد حي "الهروي" أحد أقدم أحياء مدينة "حلب" خارج الأسوار؛ إذ يعود بتاريخه إلى أكثر من 800 عام بحسب المصادر التاريخية.

حول حي "الهروي" في "حلب" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تموز 2013، الحاج "مصطفى عبد الرحمن"؛ وهو من أهالي الحي بالقول: «حي "الهروي" حي صغير يتبع حي "الفردوس" الأكبر، وهو من أحياء مدينة "حلب" التاريخية وقد بني خارج الأسوار ويمكن الوصول إليه عبر "باب المقام".

يذكر أهل المنطقة وجود بركة ماء كانوا يستحمون فيها، وقد اختفت وربما كانت تابعة للكرم الذي اكتظ بالبناء الحديث، أما الكتابات الحكمية البديعة التي خلفها "الهروي" فقد تناثرت كسيرات أعيد استعمالها في جدران سكن المخالفات وكأنها أجزاء ثوب ولي أو ناسك توزعه المؤمنون فيما بينهم للتبرك، وقد حفظت الكسوة الخضراء التي يجلل بها أهل الخير قبر "الهروي"، ويُقال إن "الهروي" اختار عمارة مدرسته في جوار البئر التي كان يقيم بجوارها "إبراهيم الخليل" خارج "باب المقام"

يتميز سكان الحي بمحافظتهم على تقاليدهم الاجتماعية الحلبية الأصيلة منذ مئات السنين، هذه التقاليد التي أصبحت في الكثير من مناطق "حلب" وأحيائها جزءاً من التراث الشعبي، في الحي يرتبط السكان ببعضهم بعضاً بروابط اجتماعية متينة، ويشعرون بأنهم أسرة واحدة في مختلف مناسباتهم من أعراس وأتراح، وهم معروفون بالكرم والتعاون والمحبة، وتظهر هذه التقاليد وتقوى خلال شهر رمضان المبارك؛ إذ يساعد المقتدرون المحتاجين ويجتمعون دورياً على موائد الإفطار والسحور في أحد البيوت، وغيرها من التقاليد الجميلة والعريقة.

مدفن الهروي الشهير

سمي الحي باسم "الهروي" نسبة إلى الدفين فيه وهو شخص عالم ومتدين اسمه "أبو علي الهروي"، وسمعت من "الكبارية" أنه رحالة من نواحي "أفغانستان"، وقد توفي وهو بـ"حلب" فدفن في موقع الحي وما زال قبره مزاراً للناس يزورونه للتبرك به بعد أن خُرّبت المدرسة أيام هجوم التتار على المدينة».

ويقول الباحث الأثري والمهندس "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية: «إلى الجنوب من محلة "الفردوس" الواقعة في ضاحية "حلب" الجنوبية، وعلى امتداد الشارع المؤدي إلى محلة "الكلاسة" قرب جامع "عبد الناصر" وحتى "دوار الصالحين" منطقة تدعى "حي الهروي".

الحي من الفضاء

وقد سمي الحي بهذا الاسم بسبب وجود مدفن أثري –تاريخي مزركش بالأشعار والحكم للرحالة والمؤرخ الشهير في التاريخ الإسلامي "علي الهروي" الذي توفي في العام 603 هجرية 1207م، كان الموقع فيما مضى عبارة عن كرم ومدرسة تسمى "مدرسة الهروي"، وكانت المدرسة تضم مدفن "الهروي" ولكن اليوم لم يبق من المدرسة والقبة والكرم حالياً سوى القبر وهو بأبعاد 1,70-1,13م وبارتفاع 80سم يعلوه فرعا قوس بارتفاع 60سم، وقد ملأت الكتابات جوانبه وأعلاه وقد توسط القبر فراغاً مربعاً طول ضلعه 6 أمتار تحده جدران أبنية.

ويتميز الحي أيضاً بوجود جرن حجري في الزاوية الشمالية الغربية للمدفن، وقد كتب على وجهه المقلوب كما يعلمنا المؤرخ "هرتسفلد" سطر نسخي أيوبي طوله 1,27م، ونصه: هذا الجرن والخرزة وقف على تربة الهروي اللهم تقبل منه وارحمه».

الباحث الأثري عبد الله حجار

ويقول متابعاً: «يذكر أهل المنطقة وجود بركة ماء كانوا يستحمون فيها، وقد اختفت وربما كانت تابعة للكرم الذي اكتظ بالبناء الحديث، أما الكتابات الحكمية البديعة التي خلفها "الهروي" فقد تناثرت كسيرات أعيد استعمالها في جدران سكن المخالفات وكأنها أجزاء ثوب ولي أو ناسك توزعه المؤمنون فيما بينهم للتبرك، وقد حفظت الكسوة الخضراء التي يجلل بها أهل الخير قبر "الهروي"، ويُقال إن "الهروي" اختار عمارة مدرسته في جوار البئر التي كان يقيم بجوارها "إبراهيم الخليل" خارج "باب المقام"».

وفي المراجع التاريخية وردت بعض المعلومات حول حي "الهروي" ومنها ما ورد عند المؤرخ "ابن خلكان" في كتابه "وفيات الأعيان" أن "أبا الحسن علي بن أبي بكر" الهروي الأصل -نسبة إلى مدينة "هراة" في "أفغانستان"- والموصلي المولد السائح المشهور نزيل "حلب" طاف البلاد وأكثر من الزيارات، ولم يصل إلى موضع إلا وكتب خطه فيه. وقد بنى له الملك الظاهر "غازي" رباطاً أو مدرسة بظاهر "حلب" في ناحية فيها قبة وهو مدفون فيها، وقد كتب على باب كل بيت من المدرسة ما يليق به، وله مصنفات منها: كتاب "الإشارات إلى معرفة الزيارات"، و"الخطب الهروية"، و"التذكرة الهروية في الحيل الحربية". وقد توفي في المدرسة المذكورة ودفن في القبة.

ويذكر "ابن الشحنة" من بين مدارس الشافعية في "حلب" "المدرسة الهروية" التي أنشأها "الهروي" السائح جنوب المدينة، وكانت مزدهرة حتى جاء التتار وهدموا جزءاً منها ولم يعد يسكنها أحد إذ دمر الذي كان يمدها بالمال وهو سوق يقع في منطقة "الحاضر"؛ وهي "الكلاسة" اليوم.