"كفر صفرة" من القرى المعروفة على المستوى السوري في مجال إنتاج ومد مختلف المحافظات السورية بمختلف أنواع غراس الشجر ونباتات الزينة، وخاصة غراس الزيتون؛ فجميع سكانها تقريباً يعملون بإنتاج هذه الغراس ضمن البيوت البلاستيكية.

لمزيد من المعرفة حول هذه القرية وتاريخها؛ التقت مدونة وطن "eSyria" المعمّر "عبدو إيبو"، وذلك بتاريخ 2 آب 2014، ليقول: «تقع قرية "كفر صفرة" إلى الشمال من مدينة "جنديرس" في منطقة "ريف حلب الشمالي" مبتعدةً عنها نحو 4كم، وذلك في السفح الجنوبي لجبل "قازقلي" الذي يضم غابات كثيفة من أشجار الصنوبر البري.

منذ حوالي 15 سنة بدأ سكان القرية يمارسون مهنة زراعة وإنتاج غراس الأشجار ونباتات الزينة، وفي مقدمتها أشجار الزيتون بمختلف أصنافها وأنواعها المعروفة؛ وذلك ضمن البيوت البلاستيكية وبتقنيات علمية لدرجة أن القرية اكتسبت شهرة كبيرة على مستوى "سورية" والدول المجاورة في هذا المجال

قبل حوالي 150 سنة تم البدء ببناء القرية من قبل شخصين هما: "إيزيد خلو" و"معم"؛ اللذان كانا يعملان لدى سيدة غنية اسمها "هوا خاتون" في مدينة "جنديرس"، وفي أحد الأيام تم نهب ماشيتها، فلم يكن من الشخصين المذكورين إلا أن قاما باللحاق بالناهبين؛ فقاتلاهم حتى استطاعا إعادة كل ما نهب للسيدة "هوا خاتون".

عبدو إيبو - معمر

وبسبب شجاعتهما وأمانتهما وشهامتهما؛ منحتهما السيدة "هوا خاتون" جميع الأراضي بين مدينة "جنديرس" وقرية "كفر صفرة" الحالية، وبما أن تلك الأراضي كانت بوراً، فقد قاموا مع عائلاتهم باستصلاحها وزرعها بأشجار الزيتون، فتحسنت بذلك أحوالهم ولقبوا بالأغوات، وفي تلك الفترة سكنوا في بعض المغارات القديمة التي كانت موجودة في موقع القرية قبل أن تتكاثر أسرتيهما ويبدؤوا بناء البيوت الحجرية، ومع الزمن توسعت القرية وكبرت بعد أن ازداد عدد سكانها وهاجرت إليها عوائل وأسر جديدة حتى وصلت إلى مرحلتها الحالية.

شعبياً يُطلق على سكان "كفر صفرة" الأصليين لقب "المحمديين" لأنهم اعتنقوا الدين الإسلامي، وذلك منذ حوالي 100 عام، ويعرف عنهم حبهم لبعض المظاهر الطريفة والجميلة؛ فمثلاً قام أحدهم بتركيب سن ذهبية لعنزة يملكها، ومن تقاليدهم الاجتماعية الشهيرة أنهم يشترون الديوك بأثمان غالية ليتباروا بها ضمن أجواء اجتماعية جميلة».

البحث عن الفطر في غابات القرية

وأضاف: «تشتهر القرية بمزارها المبارك الذي يأتيه الناس من مختلف المناطق؛ وهو "مزار قازقلي" الواقع في جهتها الشمالية على قمة "جبل قازقلي" المغطى بغابات الصنوبر والبلوط، وتكمن أهمية هذا المزار -حسب معتقدات أهل المنطقة- بأنه يساعد المرضى الذين يعانون من العقم في الإنجاب، كما يساعد على الشفاء من الكثير من العلل والأمراض بتقديم ذبائح بجانبه، أو ربط قطع قماشية ببابه.

أما "جبل قازقلي" فهو متنفس طبيعي لأهالي المنطقة خلال فصل الصيف، حيث يشهد ازدحاماً للمتنزهين الباحثين عن الراحة والاستجمام والاستمتاع بالهواء النقي وقضاء يوم سياحي رائع في ربوع تلك الغابات الكثيفة، هذا صيفاً، أما في فصل الشتاء فزوار "جبل قازقلي" من نوع خاص، فهم يقصدونه بحثاً عن فطر الصنوبر الشهي إذ يبيعونه في الأسواق القريبة، أو يستخدمونه في إعداد أكلاتهم اللذيذة».

كفر صفرة من الفضاء

المزارع "حسن شيخو" من أهل القرية يقول في لقاء معه: «منذ حوالي 15 سنة بدأ سكان القرية يمارسون مهنة زراعة وإنتاج غراس الأشجار ونباتات الزينة، وفي مقدمتها أشجار الزيتون بمختلف أصنافها وأنواعها المعروفة؛ وذلك ضمن البيوت البلاستيكية وبتقنيات علمية لدرجة أن القرية اكتسبت شهرة كبيرة على مستوى "سورية" والدول المجاورة في هذا المجال».

وحول أهمية هذه البيوت البلاستيكية في حياة سكان القرية قال: «وفّر العمل في مجال إنتاج الغراس دخلاً جيداً لأهل القرية؛ سواء لمالكي هذه البيوت أو العاملين فيها من أبناء القرية والقرى المجاورة، وخلال أربعينية الشتاء؛ وهي فترة زراعة الأشجار ونباتات الزينة؛ يأتي إلى القرية المئات من المزارعين والتجار ومن مختلف المناطق والمحافظات السورية لشراء الغراس لأغراض الزراعة أو التجارة».

الأستاذ "خليل حسن" أديب وشاعر من القرية قال: «تتميز قرية "كفر صفرة" بحب العلم والتعليم، إذ يوجد فيها المئات من حاملي الشهادات العلمية العالية وخاصة في المجال الطبي والصيدلي، وهي قرية متكاتفة اجتماعياً؛ يعيش فيها الناس مع بعضهم بعضاً في حالة من المحبة والتعاون، فعلى الرغم من الحداثة العمرانية، تراهم متمسكين بتقاليدهم الاجتماعية الإيجابية في كل مناسباتهم من أعراس وأتراح، إذ يعيشون كأسرة واحدة متماسكة.

والقرية من القرى الكبيرة والقديمة في المنطقة، إذ يتجاوز عدد سكانها 1500 نسمة، ولذلك فهي مخدّمة من مختلف النواحي كالكهرباء والمياه والطريق الإسفلتي والهاتف، وفيها بلدية تقدم خدماتها للناس».

وكان لقاء مدونة وطن الأخير مع الدكتور "محمد عبدو علي"، الباحث في تاريخ وتراث منطقة "ريف حلب الشمالي" حول أصل تسمية القرية، فقال: «ورد في "موسوعة حلب المقارنة" للعلامة "خير الدين الأسدي" أن "صفرا" بالآرامية تعني "الصباح" أو "العصفور"، وبذلك يكون اسمها "قرية الصباح" أو "قرية العصافير".

تقع "كفر صفرة" على السفح الجنوبي لجبل قازقلي، وتشرف جنوباً على حقول الزيتون الممتدة حتى مدينة "جنديرس"، يقسمها وادٍ إلى قسمين، وهي اليوم من القرى الكبيرة في ناحية "جنديرس"، فيها بيوت تقليدية وفيلات حديثة جميلة، يبلغ عدد سكانها حوالي 1500 نسمة».