مدينة "بلبل" من المدن القديمة ذات الطبيعة السياحية الجميلة في منطقة "عفرين" وتتميز بوقوعها على مرتفع جبلي هو الأعلى في محافظة "حلب".

السيد "إبراهيم حمو" – رئيس جمعية فلاحية "جوم" في "عفرين" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 آذار 2014 حول البلدة قائلاً: «تقع مدينة "بلبل" في الجهة الشمالية الغربية من محافظة "حلب" وبعيداً عن مركزها بنحو 90كم وإلى الشمال من مدينة "عفرين" بنحو 50كم، وهي مركز لناحية منذ العهد العثماني وكان اسمها خلال تلك الفترة "عزي" وأعتقد أن الاسم هو نسبة إلى شخص اسمه "عز الدين"؛ ففي التقسيم العثماني كانت البلدة تسمى باسم "أوقجة عز الدين ناحية سي"، ثم تحول اسمها إلى "بلبل" ربما لوجود طير البلبل بكثرة في أرجائها؛ حيث تتوافر الغابات الكثيفة من الأشجار الحراجية كالسنديان والصنوبر والزعرور وغيرها.

يتميز سكان البلدة وقراها بمحافظتهم على الحياة التقليدية الكردية بمختلف جوانبها وخاصة في مجال اللباس التقليدي والأعراس والعادات والتقاليد المختلفة التي ما زالت تلعب دوراً مهماً في حياتهم وخاصة عادات التعاون والمساعدة والمحبة

تاريخياً، بعد أن استطاع الفرنسيون إنهاء المقاومة الشعبية في المنطقة في الربع الأول من القرن العشرين تم تشكيل قضاء باسم "كرداغ" بموجب القرار رقم 33 تاريخ 4 أيلول 1922م هذا القضاء تألف من أربع نواح هي: "الحمام"، و"قاطمة"، و"راجو"، وكذلك "بلبل".

السيد إبراهيم حمو

تتوافر في البلدة مختلف الخدمات من مخفر شرطة وسجل مدني ومدارس ثانوية وإعدادية وعدد من المدارس الابتدائية موزعة بين المدينة وريفها وكذلك مركز للإرشاد الزراعي وغيرها، كما تتواجد فيها عشرات المحلات التجارية وورشات للتصليح والتصنيع المحلي وخاصة تصنيع السكك الزراعية والمقطورات التي تجرها الجرارات وغيرها».

وأضاف: «يتميز سكان البلدة وقراها بمحافظتهم على الحياة التقليدية الكردية بمختلف جوانبها وخاصة في مجال اللباس التقليدي والأعراس والعادات والتقاليد المختلفة التي ما زالت تلعب دوراً مهماً في حياتهم وخاصة عادات التعاون والمساعدة والمحبة».

موقع النبي هوري السياحي في الناحية

وختم: «تتصل البلدة بما حولها من قرى ونواحٍ وبمدن "عفرين" و"حلب" و"إعزاز" بشبكة من الطرق الإسفلتية وبالتالي لا يلقى مزارعوها وتجارها أي صعوبة في إيصال منتجاتهم الزراعية من خضار وزيت وزيتون وغيرها إلى أسواق تلك المدن والوصول إلى النواحي المجاورة للقيام بعمليات البيع والشراء في أسواقها الأسبوعية، وكذلك وصول سكان القرى المجاورة إليها».

الدكتور "محمد عبدو علي" وهو باحث في تاريخ وتراث منطقة "عفرين" يتحدث حول البلدة بالقول: «تقع بلدة "بلبل" إلى الشمال من مدينة "عفرين" بنحو 50كم وذلك على السفح الجنوبي لأعلى جبل في محافظة "حلب"، الذي يسمى محلياً "كري مزن" أو "الجبل الكبير" وارتفاعه 1269 متراً، هذا الجبل مغطى بمختلف الأشجار الحراجية والطبيعية وخاصة أشجار السنديان.

بلبل من الفضاء

"بلبل" مركز قديم لناحية تتبعها اليوم 30 قرية و13 مزرعة وتبلغ مساحتها العامة 229,95كم2، وتحدها من الجهة الشرقية ناحية "شران" ومن الغرب ناحية "راجو" ومن الجنوب ناحية "المعبطلي"، أما من الطرف الشمالي فتحدها الحدود السورية –التركية، وترتفع عن سطح البحر 695م».

ويضيف الدكتور "محمد": «"بلبل" بلدة صغيرة وهي أقرب ما تكون إلى قرية كبيرة يبلغ عدد سكانها بموجب قيود السجل المدني 4260 نسمة بالنسبة للبلدة و46602 نسمة لعموم الناحية والبلدة هي مركز ناحية منذ العهد العثماني.

يعمل سكان الناحية بالزراعة وخاصة زراعة الزيتون وكذلك بتربية الماشية بسبب وجود الأراضي الرعوية بشكل واسع وكبير، أما بالنسبة للبلدة فالسكان يعملون في حرف كثيرة ففيها العديد من ورشات صيانة الآلات الزراعية كالجرارات وأدواتها كما تنتشر في البلدة محلات الحدادة والنجارة وصناعة مواد البناء مثل مصانع "البلوك" وعدد من معاصر عصر الزيتون واستخراج الزيت.

تتميز مساكنها القديمة بأنها مبنية من الحجارة والطين ولها سقوف مصنوعة من الخشب أما الحديثة فهي إسمنتية ومنتشرة بشكل تدريجي على سفح الجبل الكبير، وكباقي المدن في المنطقة امتد إليها شيئاً فشيئاً نظام الفيلات العمراني الحديث.

إلى الشرق من البلدة بنحو 12كم يقع موقع "النبي هوري" التاريخي والأثري والسياحي الذي يأتيه السياح والزوار من مختلف المناطق خاصة أنه يقع على ضفاف نهري "عفرين" و"صابون"، وفي السنوات الماطرة تتفجر في ناحية "بلبل" عشرات الينابيع محولة إياها إلى حدائق جميلة ورائعة جاذبة للزوار».

وحول اسم "بلبل" يقول: «إن اسم بلدة "بلبل" هو في الحقيقة اسم حديث تم إطلاقه عليها وهو اسم طائر عذب الصوت يكثر في الأحراج الجبلية المحيطة بالبلدة، أما اسمها القديم الذي يعود إلى فترة الحكم العثماني في المنطقة فهو "عزي".

في الناحية وتحديداً بجوار قرية "شيخورز" تتواجد خمسة مكامن للرخام والمرمر الملون وخاصة النوع الأسود منه الذي ذكره الأخوان "راسل" في الصفحة 67 من كتابهما الشهير "تاريخ حلب الطبيعي" عن أن الرخام كان يُجلب من "كلس" إلى "حلب" في القرن الثامن عشر وهو يُستعمل في صناعة البلاط ومستلزمات إكساء الأبنية، علماً أن بعض هذه المكامن تستثمرها الدولة وبعضها الآخر يتم استثمارها من قبل الأهالي هناك، كما تتواجد فيها مكامن لمادتي الحديد والنحاس.

كان فيها سوق أسبوعي خلال العهد العثماني لأنها كانت مركزاً لناحية كبيرة، ومركزاً إقطاعياً لآل "إسماعيل زاده" في أوائل القرن العشرين، وكان يرتاد هذا السوق أبناء القرى المجاورة إلا أن أهميته تراجعت كثيراً بعد رسم الحدود السورية – التركية وزرع الجانب التركي الألغام على الحدود؛ ما أعاق وصول سكان القرى الكردية وخاصة من الجانب التركي ففقد السوق أهميته وفقدت "بلبل" أهميتها الإدارية والتجارية لينتقل السوق إلى بلدة "راجو" التي أصبحت مركز ناحية كما تحول سكان بعض قراها الشرقية إلى مدينة "إعزاز" لقربها منهم».