تقع بلدة "شران" في الطرف الشمالي الشرقي من مدينة "عفرين" بنحو 13كم على الحدود التركية، تتبع لها 37 قرية، وفيها سدّ وبحيرة اصطناعية للسياحة، بيوتها تميل بانحدار لطيف نحو الجهة الغربية...

الأستاذ "منان حسن" مدرس تاريخ من أهالي "شران" التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 شباط 2014، ويقول: «أصبحت بلدة "شران" مركز ناحية منذ عام 1975، وقبل ذلك التاريخ كانت عبارة عن قرية قديمة تسمى "خربة شران" وهي أساس البلدة وقد توسعت مع الزمن لتصبح جزءاً منها وإحدى حاراتها القديمة، يؤلف سكانها نسيجاً اجتماعياً متماسكاً تجمعهم مجموعة من التقاليد التراثية الجميلة أساسها المحبة والتعاون في حياتهم اليومية وخاصة في مناسبات الأعراس والوفيات».

"شر" بالكردية يعني القتال، و"شارّ" تعني "ملك" باللغة الهورية

ويضيف: «يوجد في البلدة مخفر للناحية تمركزت فيه القوات الفرنسية بداية دخولها إلى المنطقة ووحدة إرشاد زراعي ومراكز تخديم السكان بالمياه والهاتف والكهرباء، كما يتواجد فيها مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، ويصلها بعفرين طريق معبدة».

مزار قره جوزرنة الأثري والشهير في الناحية

ويشير إلى أن سكان ناحية "شران" يشتهرون بزراعة الزيتون التي تشكل أكثر من 80% من مواردهم الحياتية، كما تزرع فيها الفواكه والخضراوات، بينما تربية الماشية فتأتي في المرتبة الثانية حيث يربي الناس قطعاناً كبيرة من الماشية لتأمين المواد الغذائية لمنازلهم والحصول على دخل إضافي من خلال بيع منتجاتها من حليب ومشتقاته ولحم وصوف وغيرها في بازار "عفرين" الأسبوعي وفي بازار "شران" الأسبوعي الحديث الذي يقام منذ عام 1998.

أما في مجال الصناعة فيقول: «تفتقر الناحية إلى المنشآت الصناعية الكبيرة التي تجذب الأيدي العاملة لذا ترك الكثيرون من أهاليها قراهم وسافروا إلى المدن السورية الكبرى بحثاً عن العمل، ومن المنشآت الصناعية الخاصة الموجودة عدد من معاصر الزيتون».

الدكتور محمد عبدو علي

كما تحدث الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تراث وتاريخ "عفرين" حول البلدة، ويقول: «موقع "شران" أو "خربة شران" وهي القرية القديمة، هو السفح الغربي لهضبة كلسية وهي جزء من سلسلة جبل الأكراد، وتبعد عن مدينة "عفرين" نحو 13كم باتجاه الشمال الشرقي، ويدل على موقع البلدة القديم وجود الحجارة الكلسية المهذبة والضخمة وكذلك وجود العديد من المقابر والآبار المنقورة في الصخور التي تعود إلى العهد الروماني».

ويتابع: «تتميز البلدة ببيوتها القديمة المبنية من الطين والحجر، أما بيوتها الحديثة فهي مبنية من الحجر والإسمنت، بلغ عدد سكانها نهاية عام 2001 بموجب قيود السجل المدني 2172 نسمة للبلدة، و47903 نسمة لمجموع الناحية، ويعمل سكانها بالزراعة وتحيط بها حقول الزيتون وبساتين أشجار الفواكه، وفيها محلات تجارية وورشات صغيرة للصيانة والحدادة، ومواد البناء ومعاصر للزيتون».

شران من الفضاء

ويضيف: «بلدة "شران" مركز ناحية مساحتها 331,35كم2 تحدها من الشرق منطقة "إعزاز"، ومن الجنوب قرى ناحية المركز في "عفرين"، ومن الغرب ناحيتا "المعبطلي" و"بلبل"، ومن الشمال الحدود التركية. وتتبع لها 37 قرية وسبع مزارع وكانت تلة المخفر مركزاً هاماً للقوات الفرنسية إبان الانتداب الفرنسي على "سورية"، وفي العهد العثماني كانت "شران" إضافة إلى العديد من القرى والبلدات تابعة لقضاء "كلس"، وكانت وفق هذا التقسيم العثماني ضمن ناحية تسمى "شقاغي ناحية سي" أو ناحية عشيرة "شكاكا". وورد اسم البلدة وكانت حينها قرية باللغة العثمانية باسم "شرانلي"، وفي عام 1975 تم إحداث ناحية في بلدة "شران" لتضم معظم قرى عشيرة "شكاكا" الذين لم تكن علاقاتهم ودية مع السلطات العثمانية؛ فهناك قصص وروايات حول حوادث مسلحة كثيرة معهم وقد عُرف الشكاكيون بالكرم من أمثال السيد "أوسي حبو"، وبسبب ذلك منحته السلطات العثمانية مرتبة "بك" وقلدته خلعة "البكوية". ولزعماء "الشكاك" مشاركة فعالة في الحياة البرلمانية في "عفرين" و"إعزاز"؛ فقد اُنتخب السيدان "منان نيازي" سنة 1932، ثم "حنان آغا جلوسي" سنة 1947 نائبين عن منطقة "إعزاز" في البرلمان السوري».

من ناحية أخرى يشير إلى أن "شران" تضم سد "ميدانكي" وبحيرة الاصطناعية السياحية التي أُقيمت عام 2000م، وقد ساهمت في رفع مستوى الإنتاج الزراعي والسياحي في المنطقة إذ تقوم بإرواء نحو 30 ألف هكتار من أراضي "سهل جومة" كما أصبحت موقعاً للجذب السياحي، تتميز البلدة بأن مساكنها تميل بانحدار لطيف نحو الجهة الغربية، وبدأت تظهر فيها مؤخراً الأبنية الحديثة بهيئة فيلات حديثة، ويضيف: «ومن الأماكن الشهيرة في الناحية أيضاً مزار "قره جورنة" المكتوب عليها اسم الشهيد "هوكر" –"خليل" بالعربية، ويشير تاريخه أنه كان في موقع "عين دارا" جنوب "عفرين" سكان يعتنقون الزردشتية منذ القرن 12م، والمزار أثري ديني يزوره الناس من مختلف الأنحاء للتبرك وأملاً بالشفاء من بعض الأمراض».

وعن سبب تسمية البلدة بهذا الاسم يقول الدكتور "علي": «"شر" بالكردية يعني القتال، و"شارّ" تعني "ملك" باللغة الهورية».