تنتشر في منطقة "عفرين" العديد من المزارات الدينية المقدسة التي يزورها الناس في أيام خاصة للتبرك وطلباً لتحقيق الأمنيات والرغبات وأملاً بالشفاء من بعض الأمراض ومن هذه المزارات مزار "قره جورنه".

موقع eAleppo قام بزيارة إلى المزار والتقى بعض المواطنين هناك سألهم خلالها عن أهمية المزار في حياتهم فقالت السيدة "فاطمة عمر" من مدينة "عفرين": «للمزارات بشكل عام حضور قوي في حياة سكان المنطقة وهذا الحضور نشأ قديماً واستمر مع الزمن وعلى الرغم من التطور العلمي والطبي إلا أنها ما زالت حاضرة في حياة الكثيرين وخاصّة كبار السن مثلنا حيث ما زلنا نعتقد بفعالية المزارات وتأثيراتها الايجابية في حياتنا.

بالنسبة لتاريخ هذا المزار فإنه غامض ولكن هناك لوحة مثبتة فيه كتب عليها نص مضمونه بأن هذا المزار يعود إلى شهيد اسمه "هوكر" وهو من أحفاد أحد الكهنة الزردشتيين من قرية "عين دارا" وكان أحد قادة "عماد الدين زنكي" قتل في القرن الحادي عشر لدى عودته من تحرير مدينة الرها من البيزنطيين

طبعاً المزارات تكتسب قدسيتها لدى الناس بسبب وجود ضريح على هيئة قبر مغطى بالقماش الأخضر والضريح هو لأحد الرجال الصالحين، ونتيجة الاقتناع به إلى حد كبير يزوره الناس من مختلف المناطق للتبرك وطلب تحقيق الأمنيات.

الضريح داخل المزار

مزار "قره جورنه" مزار مقدس كغيره من المزارات وهو يقع إلى الشمال الشرقي من مدينة "عفرين" بنحو 15 كم وذلك بالقرب من الجسر الواقع في وادي "قره جورنه" ويمكن الوصول إليه عبر طريق "عفرين" مفرق قرية "مشعلة" بالتوجه غرباً نحو "بحيرة ميدانكي" الشهيرة، ويوجد بجانبه شجرتان ضخمتان من أشجار البلوط المعتبرة في المنطقة فهي موجودة إلى جانب أغلب المزارات في المنطقة».

وأضافت السيدة "فاطمة": «يأتي الناس إلى المزار أسبوعياً ليقدموا بالقرب منه ذبيحة وتكون في الغالب دجاجة طالبين مساعدته على تحقيق أمنياتهم ومن ثم طبخ اللحم تحت ظلال الأشجار لتناوله أو تقديمه إلى عابري السبيل والمحتاجين ومن ثم يقوم الشخص بربط قطعة قماش بأغصان إحدى شجرتي البلوط كي لا ينساه صاحب المزار- الضريح فيحقق له أمنيته في النجاح أو الزواج أو أملاً بالحمل والإنجاب والشفاء من بعض الأمراض الشائعة مثل مرض الرعبة الشديدة التي تصيب شخص ما أو الكوابيس التي يشاهدها الشخص في نومه أو وجع الظهر والرأس وغيرها».

الأقمشة تزين أغصان شجرة البلوط قرب المزار

السيد "محمد خليل" من "جنديرس" قال: «زيارة هذا المكان جزء من معتقداتنا الشعبية والدينية فالمزار له قدسية ويتميز بقوة تأثير كبيرة في حياتنا وهناك الكثير من الناس أعرفهم جاؤوا للمزار وقدموا ذبيحة عنده وربطوا أقمشة في أشجاره فتحققت أمنياتهم وشفوا من بعض الأمراض أو تحققت رغباتهم.

لقد جئت إلى هنا اليوم طالباً من المزار بأن يساعد ابني على تحقيق النجاح في الشهادة الإعدادية في العام القادم ولأجل هذه الرغبة قدمت ذبيحة للمزار وربطت قماشة، وسنرى».

الدكتور محمد عبدو علي

وحول المزار وأوصافه وتاريخه قال الدكتور "محمد عبدو علي" وهو طبيب له العديد من الدراسات والكتب حول منطقة "عفرين": «في البداية أود القول بأنّ كلمة "قره جورنه" هي كلمة تركية وتعني "قره"- الأسود، و"جورنه"- الجرن فتصبح الكلمة "الجرن الأسود" باللغة العربية وقد استمد المزار تسميته من جرن كبير مصنوع من حجر البازلت كان موجوداً بجانبه ولم يعد موجوداً في الوقت الحالي.

يقع مزار "قره جورنه" إلى جانب الجسر المقام على وادي "قره جورنه" الجميل والرائع الذي يوجد فيه جدول ماء رقراق ومجموعة من أشجار الدلب التي تغطي الوادي بمسافة حوالي 2كم، المزار تقليدي من حيث البناء ويؤمه جموع المتبركين في يوم الأربعاء من كل أسبوع لذبح دجاجة عنده».

وأضاف: «بالنسبة لتاريخ هذا المزار فإنه غامض ولكن هناك لوحة مثبتة فيه كتب عليها نص مضمونه بأن هذا المزار يعود إلى شهيد اسمه "هوكر" وهو من أحفاد أحد الكهنة الزردشتيين من قرية "عين دارا" وكان أحد قادة "عماد الدين زنكي" قتل في القرن الحادي عشر لدى عودته من تحرير مدينة الرها من البيزنطيين».

وختم: «إنّ اسم "هوكر" باللغة الكردية يعني "خليل" وربما أطلق عليه هذا الاسم تيمناً باسم جد الأنبياء سيدنا "إبراهيم خليل"، "هوكر" كان حفيد أحد الكهنة الزردشتيين من تل "عين دارا" آمن بالإسلام ديناً وتصوف فيه وله أسراره قاد فرقة من جيش "عماد الدين زنكي" وشارك في تحرير مدينة "الرها" في القرن 11 م من الصليبيين وعند عودته مع بعض رفاقه هاجمتهم قوة صليبية واستشهدوا في هذا المكان المبارك».