حمام المدينة في "منبج"، هو الحمام الكبير في مدينة "منبج" والذي يغلب عليه الطابع المعهود الذي تواجدت عليه الحمامات الأثرية من حيث التصميم العام، والأقسام المتعارف عليها في الحمامات الجماعية من (براني، وجواني..)، وأيضا لابد له أن يحمل نفس الوظيفة والهدف الذي أنجز له، إذ أنه كان مقصداً لرجال المدينة ونسائها للاستحمام في وقت لم تكن البيوت تحوي الحمامات الخاصة، حيث تخصص أوقات خاصة لاستحمام النساء.

تُظهر اللوحة الموجودة على باب الحمام على أنه تم إنجازه في العام (1904) أي في العهد العثماني، وفي زمن السلطان "عبد الحميد" كما ذكر لنا الباحث في تاريخ "منبج" الأستاذ "حسين علي البكار" مؤلف كتاب "منبج سيرة ومسيرة" حين التقينا به بتاريخ (3/11/2008)م ويضيف:

هناك حالياً دراسة من قبل مجلس مدينة "منبج"، ومتابعة من مديرية الآثار لإعادة ترميم الحمام، إضافة لإشراك جانب "تركي" في العملية، بحيث يتم المحافظة على المعالم الأثرية للحمام

«بني الحمام في عام (1904)م كما تشير اللوحة الموجودة على بابه وهي مكتوبة باللغة التركية، وترجمتها تقول: "السلطان يبارك لأهل المدينة بهذا الحمام".

قبب الإنارة للحمام

الحمام مؤلف من عدد من القبب التي تضاء بواسطة الزجاج، وهذا الحمام لا يختلف عن الأبنية العثمانية بشيء كونه حديث العهد وأنا في عام (1960)م وصلت إلى المدينة حيث كان الحمام يعمل صباحاً للنساء ومساء للرجال، كما يتألف الحمام أيضاً من (الجواني، والبراني)، ومن القنيل أو الموقد الذي تشعل فيه النار لتسخين الماء وهو ممدد بشكل علمي، فالماء الحار والبارد يأتي من صنبورين اثنين، ويتم خلط الماء في جرن حجرية».

وعن الطقوس التي كانت ترافق الاستحمام أضاف "البكار" قائلاً: «لا يوجد طقوس مختلفة في حمام "منبج" عن باقي الحمامات، باستثناء بعض الأشياء الخاصة حيث كانت النساء يجلبن الطعام معهن إلى الحمام، وأغلب ما يدخلنه معهن هو (الكبة النية، والمجدرة)، وفي الفترة الأخيرة كانت بعض العائلات تأتي بالبنات إلى الحمام قبل حنة العروس بيوم، حيث يأتين بالعروس ويحتفلن بها، طبعا هذا هو الحمام الكبير، حيث كان يوجد حمام آخر خلف "جامع العلائي" يعمل على الماء البارد وكان يسمى بالحمام الصغير».

فواز المرشد

أما من الناحية الأثرية والتصميم العمراني للحمام فيحدثنا الأستاذ "فواز المرشد" مراقب الآثار في مدينة "منبج"، والذي التقينا به بتاريخ (3/11/2008) حيث يقول: «الشكل العام للحمام هو شكل من البناء العثماني، ولكن وخلال الحفريات التي كانت بجانب الحمام وعلى عمق (6) أمتار ظهرت لدينا جدران قائمة يقوم عليها بناء الحمام الحالي، وهذه الجدران تعطي سبقا تاريخيا للحمام أقدم من الفترة العثمانية، لم يتم اكتشاف دليل قاطع يبين قدم الحمام، وهناك علائم ترجح بعض هذه الآثار إلى الفترة المملوكية، وطبعا هذا لا يعطينا دليلاً أنه هل كانت هذه الآثار لحمام سابق أم غير ذلك، ولكن على العموم هناك معالم أثرية هامة جداً ظهرت خلال حفر أساسات لبناء فندق لصالح مجلس البلدية، وهذه المعالم تشير إلى أن هذا المكان تم استخدامه منذ فترات زمنية، تعطي للحمام وللمنطقة التي تحيط به أهميتها التاريخية المرتبطة بقدم مدينة "منبج"، التي دائما ما يتم اكتشاف معالمها الأثرية خلال أي عملية حفر تتم، ومن خلال ما يظهر على الحمام فقد تم بناؤه في العام (1904)م.

أما عن شكل البناء فقد أضاف "المرشد" قائلاً: «الشكل الحالي للبناء هو من الطراز العثماني مثله كبقية الحمامات العثمانية الموجودة، حيث إنها مجهزة بإنارة خارجية، ومداخن تهوية تتشابه جميعها من حيث الشكل، وطبعا حمام "منبج" ليس بالحمام الضخم مقارنة بالحمامات الأخرى ذات الأهمية الكبيرة، وإنما هو حمام بني شكلاً وحجما بما يتناسب مع حجم المدينة، والتعداد السكاني إبان تشييده».

أما عن خطة إعادة الترميم للحمام المهمل حالياً ختم "المرشد" قائلاً: «هناك حالياً دراسة من قبل مجلس مدينة "منبج"، ومتابعة من مديرية الآثار لإعادة ترميم الحمام، إضافة لإشراك جانب "تركي" في العملية، بحيث يتم المحافظة على المعالم الأثرية للحمام».

هذا وهناك دراسات لدى مجلس مدينة "منبج" لتحويل الحمام إلى "متحف شعبي".