يقع الجامع في محلة التونبوغا إلى الشرق من قصر العدل وجنوب الطبابة الشرعية, في الموقع المعروف باسم ساحة الملح, بناه نائب حلب في الدولة الشركسية (الأمير علاء الدين التونبوغا الناصري) سنة (718)هـ أيام السلطان الملك الناصر (ناصر الدين محمد بن قلاوون).

كان محل الجامع يعرف بالميدان الأسود وهو أول جامع بني بحلب بعد الجامع الكبير داخل سورها, وهو على كتف خندق يعرف بخندق (الروم) من جهة الشرق. موقع eAleppo التقى المهندس (ياسر عنجريني) معاون رئيس شعبة الأملاك في مديرية الأوقاف بحلب الذي حدثه عن الجامع قائلاً: "أنشئ هذا الجامع (المقر الأشرف العالي العلائي التونبوغا الناصري) في أيام دولة السلطان المالك الملك (الناصر محمد) في شهور (718) من الهجرة النبوية, وكان باتصال هذا الجامع من شماله مكان عظيم كان يخزن به الملح والآن يستخدم لطبع المناديل ولا أثر لهذا المكان الآن حيث فتح شمالي الجامع شارع عريض. وهذا الجامع شبيه بجامع (الأطروشي) بعظمته, وإتقان عمارته, وذكر (أبو ذر) في كنوز الذهب في سبب بناء هذا الجامع أن (التونبوغا) كان يكره خطيب الجامع الأموي (ابن العجمي) وكان لا يقبله فبنا هذا الجامع ليصلي فيه ولا يصلي خلفه".

وعن الهندسة المعمارية لهذا الجامع الأثري, وعمليات الترميم التي أجريت عليه أضاف الأستاذ (عنجريني): "نلاحظ عدم وجود الأعمدة داخل القبلية بل سور حجري (عضادات ضخمة), وسبب ذلك أنه كان حصل حريق هناك فأصاب العواميد شيء من التوهن فلف كل عمود بسارية من الحجر حفظا له. والعتبة فوق المحراب ذات هندسة بديعة حفظتها لنا الأيام مع ارتفاع بنائها وضخامة أحجارها.

المهندس ياسر عنجريني

وقد كانت بعض الجدران القبلية الشمالية للمسجد متوهنة (وهي معمول من الخشب), وصار يتطرق منه الهواء إلى القبلية فيتأذى به المصلون أيام الشتاء, فأزيل ذلك الخشب وبني عوضه من الحجر وذلك سنة (1340) هـ - (1921) م، وحصل في الجامع في نفس السنة شيء من الترميم من طرف دائرة الأوقاف وأهل الخير فعاد للجامع بعض رونقه, وكان قد أحدث أمام الباب الصغير الشرقي موضأ الذي منع الدخول إلى الجامع من هذا الباب وقد أزيل سنة (1340)هـ. ومن هذا الباب أيضا تخرج إلى الخندق القديم (خندق الروم) الذي كان محاطا بسور البلد، وقد رمم هذا الخندق سنة (1430) هجري وصار جادة واسعة ووراء هذا الجامع المحلة المعروفة (ببرية المسلخ), وفي الحقيقة فإن جدار القبلية الشرقي داخل بناء السور بدليل ما كتب عليه من خارجه: "بسم الله الرحمن الرحيم, أمر ببناء هذا السور في عهد أيام مولانا السلطان الملك الناصر(أبي السعادات بن محمد بن الملك الأشرف قايتاباني) عز نصره المقر الكريم جان بلاط مكافل حلب المحروسة وبتولي السيفي نائب القلعة الحلبية بتاريخ جماده الآخر سنة ثلاث وتسعمائة".

وأيضا في هذا الصدد تذكر الدكتورة (نجوى عثمان) في كتابها (الهندسة الإنشائية في مساجد حلب) عن هذا الجامع: "أزيل المنجور الخشبي بين الدعامات في الجدار الشمالي من القبلية, وبني جدار من الحجر المنحوت فيه أبواب ونوافذ وذلك سنة(1340)هـ - (1921)م, وفي نفس السنة أجريت عمليات ترميم حيث اقتطع جزء من الرواق في الزاوية الشمالية الشرقية بمنجور خشبي وجعل غرفة للإمام".

منظر داخلي لاحدى قبب الجامع

استغرق بناء هذا الجامع خمس سنوات, حيث اكتملت عمارته سنة (723)هـ, وللجامع بابان: غربي وهو بابه الكبير يستطرق منه إلى صحن الجامع, وبجانبه الميضأة والمغاسل, هي كبيرة كثيرة النفع, والباب الآخر: شرقي صغير يستطرق منه بواسطة جسر إلى ظاهر البلد (هذا الجسر مقام على خندق الروم), وقد ركب عليه (التونبوغا) باب قلعة النقير لما فتحها وخربها, وهذه المحلة تنسب إليه لأنها عمرت بسبب جامعه.يوجد على المنبر تاريخ هو (1375)هـ - (1955)م, وهو إما تاريخ بناء هذا المنبر أو تاريخ وضع الحجرة المحتوية على أية قرآنية فوقه.

وفي سنة (1984)م توفي إمام الجامع (أحمد المصري) ودفن في القبلية, وأحيط ضريحه بسياج حديدي.

المحراب