وجد الدليل السياحي "عبد الحي القدور" المفعم بحبّ التراث ضالته عندما قام بشراء إحدى الدور العربية القديمة المعروضة للبيع في حي "باب أنطاكية"، وقام بترميمها وتحويلها إلى فندق سياحي أثري يرتاده السياح والمهتمون بالتاريخ والراحة النفسية بعيداً عن ضوضاء التكنولوجيا.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 20 نيسان 2020 زارت دار "حلبيا"، والتقت صاحبها "عبد الحي القدور" الذي تحدث عن قصته مع الدار، فقال: «حكاية عشقي للتاريخ والبناء الأثري تعود لسنوات طويلة، وكان لهذه الدور القديمة مكانة خاصة في قلبي عندما كنت أزورها برفقة المجموعات السياحية متعددة الجنسيات، فأنا بحكم عملي في مديرية سياحة "حلب" كرئيس لشعبة الأدلاء السياحين بفرع المنطقة الشمالية، كنت أرافق هذه المجموعات في "حلب"، وكان طلبهم بشكل خاص زيارة الأماكن التراثية والتاريخية بالمدينة القديمة للتعرف عليها ومشاهدتها على أرض الواقع، وفي إحدى الزيارات عام 1995 دخلنا سوق "باب أنطاكية" الأثري بمحلاته التجارية المتنوعة، وطريقه المرصوف بالحجر البازلتي الأسود والأبيض، ولفت نظري عرض أحد أصحاب هذه الدور منزله للبيع، كنت أعرف تفاصيلها جيداً، وأعرف ما يعني أن يكون لدى المرء بيت تراثي، فقمت بشرائه دون تفكير بأي أمر سوى أن يكون لي مكان بهذا الجمال والسكينة في هذه المنطقة، وحرصاً على ألا تهدم في يوم ما وتتحول لمقاسم تجارية حديثة، ويضيع معها الكثير من معالم حضارتنا وهويتنا الثقافية».

لدي محل تجاري نعتاش منه، وأخذت مهنة بيع الأقمشة القديمة من محل والدي، شيد هذا السوق التجاري في العهد الروماني واليوناني، وتعاقبت عليه حضارات قديمة، ورمم العديد من أجزائه بحقب مختلفة، وتتمتع دار "حلبيا" بجاذبية بنائها وموقعها الهام، وتم المحافظة على معالمها السياحية، ورممت بطريقة جاذبة على الطريقة القديمة التي تريح الزوار والسياح القادمين لرؤية معالم المدينة القديمة، فهي استثمار راقٍ ومجدٍ يجلب النفع لصاحبها، ولعمالها الكثر، وبالوقت نفسه للبلد، وتنقل الصورة المشرفة عن "سورية"

وعن عملية الترميم أضاف: «العملية ليست سهلة ومكلفة بكل تأكيد، وكنت حريصاً منذ بداية العمل في المحافظة على طابع الدار التاريخي والأثري في جميع الزوايا والأماكن، وأثناء عملية الترميم كان يزورني الكثير من الحلبيين والسياح الأجانب الذين أبدوا إعجابهم بهذا البيت ذي الجاذبية الشرقية البحتة.

صاحب الدار أمام المكتبة

حرصت على أن يكون العمل بالخشب القديم الذي يدعى محلياً (الطنوب )، وهو ذو رائحة خاصة تنشر إحساساً بالحياة، وأبقيت على النوافذ والأعمدة الخشبية المتوضعة في الأسقف بمكانها، وقمنا بجلي حجر الجدران المزخرف والمنقوش بالكتابات والتواريخ والرسومات. استمرت عملية الترميم عامين متواصلين، وبعد الانتهاء قمت بترخيص الدار، وأطلقت عليها اسم "حلبيا" تيمناً بمدينتي العريقة، وحولتها إلى فندق تراثي سياحي يشابه الكثير من الفنادق التراثية الموجودة في "إسبانيا"، "بلجيكا"، "هولندا"، "المغرب"، "تونس"، وفي عام 2000 افتتحتها أمام المهتمين، وبدأت الوفود السياحية من غالبية البلاد الأوروبية بزيارة الدار وطلب الإقامة فيها لما وجدوا فيها من راحة نفسية وبدنية ومتعة وهدوء وطمأنينة».

وأضاف: «يتجاوز عمر هذه الدار المئة عام، وبجانبها مسجد "زقاق الشيخ نعسان" المشيد في العام 1305 ميلادي، تضم 12 غرفةً وأرض ديار واسعة، ومطبخاً، وبئر ماء، وتتميز بالبرودة الطبيعية صيفاً، والدافئة شتاء، وحرصنا على عدم وجود أيّ أجهزة إلكترونية داخل الغرف، فلا يوجد تلفزيونات ولا هواتف، والإنارة صفراء خافتة، ووضعنا خوابي المياه مع الطاسات المعدنية بكل أرجاء الدار، وكذلك الشموع والبخور على الطاولات، مع الجلوس على كراسي القش القديمة، كما قمنا بتحويل إحدى الغرف لمكتبة مطالعة، ووضعنا فيها كتبنا التاريخية المكتوبة باللغتين العربية والأجنبية.

من الأجواء الدافئة للدار

ومن خبرتي الطويلة في السياحة أنصح من يمتلك داراً تراثية بتطوير الفكرة، فغالبية السياح يبحثون عن مثل هذه الاستراحات والفنادق الخاصة التي تجمع التاريخ والهدوء والراحة النفسية، وسحر ومتعة الشرق».

"ماهر جاويش" صاحب أحد المحال التجارية في سوق "باب أنطاكية"، قال عن هذه المنطقة: «لدي محل تجاري نعتاش منه، وأخذت مهنة بيع الأقمشة القديمة من محل والدي، شيد هذا السوق التجاري في العهد الروماني واليوناني، وتعاقبت عليه حضارات قديمة، ورمم العديد من أجزائه بحقب مختلفة، وتتمتع دار "حلبيا" بجاذبية بنائها وموقعها الهام، وتم المحافظة على معالمها السياحية، ورممت بطريقة جاذبة على الطريقة القديمة التي تريح الزوار والسياح القادمين لرؤية معالم المدينة القديمة، فهي استثمار راقٍ ومجدٍ يجلب النفع لصاحبها، ولعمالها الكثر، وبالوقت نفسه للبلد، وتنقل الصورة المشرفة عن "سورية"».

النوافذ والشموع وأباريق المياه

الجدير بالذكر أنّ صاحب الدار "عبد الحي القدور" من مواليد 1956 ويحمل إجازة بالأدب الفرنسي من جامعة "حلب"، ويجيد التحدث بأربع لغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.