قبل نضج التين وعندما تكون الثمرة فجة يستعملها أهالي ريف "حلب" في إعداد طبخة لذيذة تسمى "البقلاوي"، ويتميزون بها عن غيرهم من المناطق السورية، كما يستعملونها أيضاً كدواء تقليدي لشفاء بعض الأمراض.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 13 آب 2015، العمة "أمينة علي"، فتحدثت عن استعمالات "التين الفج" بالقول: «تشتهر منطقتنا بزراعة التين بمختلف أنواعه: "الأصفر، والقرعي، والماصوري، والبنّي" وغيرها، وتتم زراعتها بوجه أساسي في "الحواكير" المنزلية وبين أشجار الزيتون بقصد الاستهلاك المنزلي من دون أن تدخل في المجال التجاري حتى الآن، وشجرة التين من الأشجار التي تساهم في ترسيخ المحبة والألفة بين الناس لكونها مباحة للجميع وبإمكان أي شخص قطف ثمارها وتناولها من دون اعتراض صاحبها؛ ولهذا السبب يلجأ السكان إلى الإكثار من زراعتها إلى جانب الطرق فيأكل منها عابرو السبيل.

يجب تحذير الأطفال من اللعب بـ"البقلاوي" ومفرزها الحليبي لأنه يؤدي إلى التهابات وحرقة في العيون وفي جميع الأماكن الحساسة من الجسم

قبل نضج الثمار تسمى شعبياً "البقلاوي" ولها استخدامات متعددة عند السكان؛ وفي مقدمتها طبخة "البقلاوي" الشهيرة التي تتميز بها المنطقة وتتفرد بإعدادها، وهي طبخة لذيذة وصحية ولا يتم إعدادها إلا مرة واحدة في العام لأن موسم الثمار قصير».

أمينة علي

وأضافت العمة "أمينة": «لإعداد هذه الطبخة نقوم في البداية بفرم حبتين من البصل وقليها في زيت الزيتون حتى يصبح لونها ذهبياً، ثم نضيف إليها حبات من التين الفج بعد فرمها وتقطيعها إلى مكعبات خشنة.

نفرم البندورة أو نذيب القليل من دبس البندورة في الماء ونضيفه إلى المزيج مع الفلفل الأسود ورشة من الملح، نضع الطبخة بعدها على النار الهادئة مدة لا تقل عن عشرين دقيقة فتصبح جاهزة لتناولها خلال وجبتي الغداء والعشاء، ويتم تناول لبن العيران البارد والفليفلة الحمراء بجانبها.

البقلاوي

تعد طبخة "البقلاوي" من الطبخات السريعة والصحية التي يتم تناولها في البيت أو يتم إعدادها في الجبال والسهول من قبل الرعاة الذين يعتمدون في إعداد مختلف أنواع طبخاتهم على ما توفره لهم الطبيعة المحيطة».

وقالت "بياظ إبراهيم" وهي ربة منزل: «يستخدم سكان المنطقة المادة البيضاء التي تخرج من "التين الفج" أو كما يسمى "البقلاوي" في إعداد أكلة شهيرة وتراثية ولذيذة تسمى "التلمة" التي يتم إعدادها بسرعة، وهي من الأكلات المحببة عند الأطفال والمفيدة لصحتهم بوجه كبير لأنها تتكون من مادة الحليب، كما يتم تحضيرها من قبل الرعاة خصوصاً وهم في الجبال وذلك للإفطار الصباحي».

التلمة

وأضافت: «لتحضير "التلمة" نقوم بحلب الماشية وغلي الحليب جيداً بهدف القضاء على الجراثيم، ثم نتركه حتى يبرد، في تلك الأثناء نقوم بقطف حبة أو حبتين من "التين الفج" ونضيف بضع قطرات من مفرزها الحليبي الأبيض إلى الحليب حين يصبح "فاتراً" والانتظار عدة دقائق؛ حيث يأخذ الحليب قواماً صلباً كالجبن فيتم تناولها بعد رش قليل من السكر الناعم عليها؛ وخاصة عندما يتناولها الأطفال.

وبسبب وجود هذا المفرز الحليبي الأبيض في ثمار "التين الفج" يقوم الرعاة بجمع الحبات اليابسة من تحت أشجار التين لاستعمالها كعلف لماشيتهم؛ إذ يعتقدون أنها تزيد من كمية الحليب وخاصة خلال فصل الصيف؛ حيث تقل الأعشاب والحشائش».

وتابعت "بياظ" حديثها: «إضافة إلى الاستعمالات الغذائية المذكورة يستخدم الريفيون أغصان شجرة التين كعلاج لبعض الأمراض الشعبية الشائعة وفي مقدمتها "الثآليل" الجلدية، فعندما يصاب شخص ما بهذا المرض عليه مراجعة المعالج الشعبي في قريته ليبادر إلى قطع غصن صغير من شجرة التين وتجريحها بالسكين ثم رميها على سطح بيته؛ ويكون ذلك في فصل الصيف والانتظار حتى يجف الغصن؛ لأن ذلك كفيل بتجفيف تلك الثآليل الجلدية وبالتالي معالجتها».

وختمت: «يجب تحذير الأطفال من اللعب بـ"البقلاوي" ومفرزها الحليبي لأنه يؤدي إلى التهابات وحرقة في العيون وفي جميع الأماكن الحساسة من الجسم».