تحتوي سوقها على مفرز حليبي أبيض يستخدمه السكان في إعداد أكلة "التالمة" الخاصة بالرعاة، وفي منح المربيات و"دبس العنب" طعم العسل، هي نبتة "الخاشل".

حول هذه النبتة وظروف نموها تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 أيلول 2014، العم "خليل إبراهيم" من "عفرين" قائلاً: «"الخاشل" نبتة برية تنمو بكثرة وبشكل طبيعي في الريف الشمالي لـ"حلب"، تتميز هذه النبتة بأوراقها الخضراء الدائرية الصغيرة التي تميل إلى الأصفر في آخر مرحلة من مراحل نموها، وتضم سوقها الحمراء سائلاً كثيفاً أبيض اللون له استعمالات غذائية محدودة في الريف.

ليس هناك حضور يذكر لنبتة "الخاشل" في حياتنا في الريف الشمالي لـ"حلب" إلا في إعداد "دبس العنب" والمربيات وأكلة "التالمة". خلال فترة أواخر فصل الصيف من كل عام تبدأ النسوة الريفيات إعداد مؤونتهن الشتوية التي تشمل مختلف أنواع المربيات والدبس بمختلف أنواعه، وخاصة "دبس العنب"

لا يستخدم سكان المنطقة هذه النبتة كغذاء أو يحفظونها كزهورات كغيرها من النباتات البرية مثل "البابونج" و"الخبيزة"؛ بسبب طعمها المر، وبسبب اعتقاد سائد عند السكان أنها نبتة سامة، ودليلهم على ذلك عدم تناولها من قبل الماشية، فالرعاة وخلال عملهم في المراعي المحيطة اكتسبوا خبرة كبيرة بالأعشاب والنباتات البرية، وذلك بمراقبة قطعان ماشيتهم؛ فالأعشاب والنباتات التي تتناولها الماشية تصلح للاستهلاك البشري كغذاء، أما الأعشاب التي تشمها الماشية ولا تأكلها فهي أعشاب سامة يجب الابتعاد عنها».

الخاشل.. إضفاء نكهة العسل على دبس العنب

وتابع العم "خليل" حديثه: «تنمو نبتة "الخاشل" في الأراضي الزراعية التي يتأخر الفلاحون في حراثتها مثل الأراضي المزروعة بالبصل والثوم، والحبوب كالقمح، والشعير، والعدس، والحمص، وغيرها. وتسمى هذه الأراضي محلياً "بريزة"، مع ملاحظة أن هذه النبتة لا تنمو بين الأشجار المثمرة كالزيتون والرمان والتفاح وغيرها؛ بسبب قيام الفلاحين بحراثتها وبشكل دوري.

تبدأ هذه النبتة بالنمو خلال فصل الصيف وتصل إلى آخر مرحلة من مراحل نموها في أواخر الصيف وبداية الخريف، حيث تجلبها النسوة للبيوت لاستعمالها في إعداد مادة "دبس العنب" ومربيات التين والعنب؛ حيث تمنح المربيات طعم العسل الطبيعي، كما يستخدمها الرعاة خلال رحلاتهم الطويلة في المراعي في إعداد أكلة "التالمة" المعروفة في منطقة "عفرين"، والخاصة بالرعاة».

العمة أمينة علي

وحول استعمالات نبتة "الخاشل" البرية في إعداد الدبس والمربيات؛ تحدثت السيدة "أمينة علي" لمدونة وطن قائلة: «ليس هناك حضور يذكر لنبتة "الخاشل" في حياتنا في الريف الشمالي لـ"حلب" إلا في إعداد "دبس العنب" والمربيات وأكلة "التالمة".

خلال فترة أواخر فصل الصيف من كل عام تبدأ النسوة الريفيات إعداد مؤونتهن الشتوية التي تشمل مختلف أنواع المربيات والدبس بمختلف أنواعه، وخاصة "دبس العنب"».

نبتة الخاشل البرية

وأضافت العمة "أمينة": «بعد الانتهاء من جني محصول العنب كل عام يقوم أهل الريف بإعداد "دبس العنب" كطقس اجتماعي سنوي لا بد منه، لأنه يشكل العمود الفقري للأكلات الريفية وخاصة خلال فصل الشتاء، إذ يتناولها المزارعون والرعاة خلال موسم البرد القارس ليمنحهم الحرارة والطاقة اللازمة في أعمالهم الشاقة.

بعد عصر الحبات يُسكب العصير في طنجرة كبيرة وتوضع على نار حامية مدة لا تقل عن ثلاث ساعات حتى يصبح العصير سميكاً وكثيفاً، وخلال مرحلة الغلي تقوم المرأة بوضع نبتة "الخاشل" المقطوعة حديثاً ضمن قطعة قماشية مغلقة بإحكام لوضعها في الدبس وتحريكه بها؛ لأن ذلك يمنح الدبس طعم العسل الطبيعي بنكهته الطيبة، لدرجة أن الكثيرين من متذوقيه لا يستطيعون التمييز بين الدبس والعسل الطبيعي، ولذلك فإن الأسر الريفية التي لا تملك خلايا نحل تستخدم "الخاشل" في تحضير دبسهم بهذه الطريقة.

كما تقوم النسوة باستخدام "الخاشل" في إضفاء طعم العسل على المربيات، مثل: "مربى التين"، و"العنب"، وغيرها، وبنفس الطريقة السابقة؛ إذ يضعن "الخاشل" في قطعة قماشية ويحركن بها المربى وهو على النار يغلي».

وأخيراً، قال "عبدو جمو" وهو راعٍ: «إن أكلة "التالمة" هي من الأكلات الخاصة بالرعاة وهي سهلة التحضير، حيث نقوم بإعدادها خلال رحلاتنا في الجبال والسهول؛ ففي تلك الرحلات نغيب عن بيوتنا أياماً وأسابيع.

لتحضير هذه الأكلة نقوم بحلب الماشية، ومن ثم نضيف إليها بضع قطرات من المفرز الحليبي الأبيض لشجرة التين أو نبتة "الخاشل"، وبعد بضع دقائق يتخثر الحليب ويتحول إلى أكلة "التالمة" ذات الطعم الرائع والفائدة الغذائية الكبيرة».