اكتسب أهل الريف في محافظة "حلب" عبر الزمن خبرة واسعة في معالجة الحليب وتحضير قائمة طويلة من الأكلات المميزة، وبطرائق مختلفة كالغليان والتخمير والتخليل والتخثير وغيرها.

العم "عبدو أوسو" وهو راعٍ منذ أكثر من 60 سنة قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 أيلول 2014، متحدثاً حول الأكلات التي يعدها الريفيون من الحليب: «منذ أكثر من ستين عاماً وأنا أعمل في الرعي، في طفولتي كنت أرافق والدي في رحلات الرعي الطويلة إلى الجبال والسهول، ولم نكن حينها نرجع إلى البيت لعدة أسابيع؛ لذلك كنا مضطرين لإعداد طعامنا بأنفسنا وذلك باستخدام حليب الماشية، وبما أن الرعاة عموماً يقضون فترات طويلة في البراري فإنهم اكتسبوا مع الزمن خبرة كبيرة في إعداد طعامهم بأنفسهم، ويمكننا تقسيم الأكلات والأطعمة التي تُشتق من الحليب إلى قسمين: الأول هي الأكلات التي تُعد خلال وجود الرعاة في الجبال والسهول لتناولها مباشرة، والثاني هي الأكلات التي يتم إعدادها في البيوت من قبل النسوة خلال مواسم توالد الماشية وحلبها وتكون عادة في فصل الربيع؛ حيث يتم تناول تلك الأكلات مباشرة أو تُحفظ كمؤونة منزلية أو لتُباع في الأسواق».

باعتباري راعٍ سأتحدث عن الأكلات التي كنا نعدها خلال وجودنا في المراعي لتناولها مباشرة، وأولها: "فِرو" وهي أكلة لذيذة وصحية، وتنتج من تخثير حليب الماشية التي وُلدت حديثاً وذلك بعد غليها، و"القيماق" الذي كنا نجمعه من سطح الحليب المغلي بعد أن يتم تبريده، أما "التالمة" فهي أكلة شائعة وخاصة بالرعاة، ويتم تحضيرها بوضع قطرات من المفرز الحليبي الأبيض لشجرة التين أو لنبتة "خاشل" البرية في الحليب الفاتر، وخلال لحظات يكتسب الحليب قواماً كثيفاً كالجبن طعمه لذيذ وطيب

يتابع: «باعتباري راعٍ سأتحدث عن الأكلات التي كنا نعدها خلال وجودنا في المراعي لتناولها مباشرة، وأولها: "فِرو" وهي أكلة لذيذة وصحية، وتنتج من تخثير حليب الماشية التي وُلدت حديثاً وذلك بعد غليها، و"القيماق" الذي كنا نجمعه من سطح الحليب المغلي بعد أن يتم تبريده، أما "التالمة" فهي أكلة شائعة وخاصة بالرعاة، ويتم تحضيرها بوضع قطرات من المفرز الحليبي الأبيض لشجرة التين أو لنبتة "خاشل" البرية في الحليب الفاتر، وخلال لحظات يكتسب الحليب قواماً كثيفاً كالجبن طعمه لذيذ وطيب».

"الدوبيركي"

وتقول السيدة "حميدة حمو" وهي إحدى الخبيرات في تحضير مؤونتها السنوية بمختلف أصنافها من الحليب: «أكثر الأكلات شيوعاً التي تُشتق من الحليب هي "اللبن"؛ ولتحضيره يُغلى الحليب ويُترك حتى يصبح فاتراً ويُمزج به كمية من اللبن المعد سابقاً ويُحركا جيداً ومن ثم يُغطى بالقماش الدافئ، وبعد نحو 15 ساعة يتحول المزيج إلى لبن ومن "اللبن" أيضاً تُحضر عدة أكلات، مثل: "العيران" بعد تمديد اللبن بالماء، و"السمن" الذي يزال من سطح "اللبن" الذي يوضع في "المخضة" التي تُحرك طويلاً، أما "السوزمة" أو "الخلوليك" فيتم تحضيرها بإضافة الملح إلى اللبن ووضعه في كيس خام أبيض لتصفيته من الماء، ومن ثم إضافة الحبة السوداء إليه ثم تُحضر على شكل كرات وتوضع على صينية لتجفف في الظل؛ لتوضع في قطرميزات لحفظها بعد أن تُغمر بزيت الزيتون، ويمكن تسخين "العيران" لتطفو على سطحه مادة بيضاء تسمى "ليري" تزيلها النسوة لوضعها تحت الشمس حتى تجف حينها تسمى "كشك" يتم حفظها لفصل الشتاء بغية استعمالها في الطبخ بعد تذويبه في الماء، كما تعد النسوة من "اللبن" أكلة "الدوبيركي" حيث يوضع "اللبن" بعد إضافة الملح إليه في كيس قماشي للتخلص من مائه الزائد، ويسمى الناتج من اللبن في الكيس "لبنة" يتم تناولها على الفطور الصباحي، ويتم غلي "اللبنة" حوالي ساعة على نار هادئة لتتحول إلى "دوبيركي" قبل حفظها في قطرميزات لفصل الشتاء».

وأضافت: «أما "الجبن" فيتم تحضيره بغلي الحليب مع إضافة "دوا الجبن" الذي تشتريه النسوة من الباعة الجوالين، ومن ثم يوضع ضمن قطعة قماشية ليتحول إلى مكعب كبير يسهل تقطيعه إلى مكعبات صغيرة لاحقاً بعد تمليحه، البقايا الناتجة من تحضير الجبن توضع في كيس من الخام الأبيض للتخلص من مائه فينتج عنه أكلة "القريشة" أو "اللورك"، والباقي يسمى "جورتان"، وتكون "الجورتان" على شكل كرات صغيرة تجفف بالشمس وتؤكل، وأخيراً، هناك أكلة "شوجه" وهي أكلة خاصة بمرضى الحصيات البولية لأنها تفتتها، وتعد من ترشح ماء "الجبن" خلال وضعه في كيس من الخام الأبيض».

"السوزمة أو الخلوليك"
موسم حلب الماشية في الربيع