تتميز بطعمها اللذيذ وفوائدها الصحية وحضورها البارز في النظام الغذائي لأهل الريف الشمالي لـ"حلب" منذ أقدم الأزمنة، إذ يتم إعدادها وتحضيرها وحفظها كمؤونة على نطاق واسع، إنها أكلة "الخلوليك".

حول هذه الأكلة وحضورها في حياة أهل الريف الشمالي لـ"حلب" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 أيار 2014 الجد "عبدو محمد إيبو" من "جنديرس"، بالقول: «بشكل عام يعتمد أهل الريف -وجلّهم يعملون في الزراعة والرعي- في نظامهم الغذائي على ما تنتجه حقولهم ومواشيهم من محاصيل ومنتجات، وهي منتجات صحية وطبيعية مفيدة للصحة، من هذه المنتجات مثلاً تعد النسوة أكلة شهيرة ولذيذة تسمى "الخلوليك"، أو كما يسميها بعضهم "خلوليك اللبن".

أعتقد أن تسمية المناسبة بـ"البيرية" مرتبط بكلمة "البئر" أو "البير" شعبياً حيث تتجمع الماشية لشرب الماء بعد جولة صباحية من الرعي كما تتجمع النسوة لحلب الماشية ضمن أجواء اجتماعية جميلة تسودها الأغاني والرقص والمرح

وحول ارتباطها بمناسبة اجتماعية، قال: "لتحضير هذه الأكلة وإعدادها مناسبة معروفة في منطقة "عفرين" بريف حلب الشمالي تسمى "البيرية"، وموعدها فصل الربيع من كل عام حيث تنمو الأعشاب وتتوافر المراعي؛ ما يؤدي إلى ازدياد كميات الحليب ووفرتها. ومضمون المناسبة أنه وفي فصل الربيع يخرج الرعاة على شكل جماعات في رحلات رعي إلى الجبال والسهول المحيطة ولا يعودون إلى قراهم حتى قدوم فصل الخريف، ولكنهم خلال تلك الفترة يتجمعون وقت الظهيرة في كل يوم لسقاية الماشية من أحد الآبار أو الأنهار القريبة، وفي هذا الموعد اليومي تتجمع النساء فيذهبن قوافل إلى مكان سقاية الماشية، حيث تقوم كل واحدة بحلب ماشيتها لاستعمال الحليب في صنع وتحضير مختلف أنواع الأكلات لتناولها مباشرة أو لحفظها في مطابخهن كمؤونة شتوية، ومن أهم هذه الأكلات "خلوليك اللبن" التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه المناسبة».

"الخلوليك".. وجبة الإفطار الصباحي

وختم: «أعتقد أن تسمية المناسبة بـ"البيرية" مرتبط بكلمة "البئر" أو "البير" شعبياً حيث تتجمع الماشية لشرب الماء بعد جولة صباحية من الرعي كما تتجمع النسوة لحلب الماشية ضمن أجواء اجتماعية جميلة تسودها الأغاني والرقص والمرح».

وحول طريقة تحضير أكلة "الخلوليك" تحدثت العمة "مريم شيخو" من "جنديرس" بالقول: «بعد حلب الماشية في مناسبة "البيرية" يتم تحويل الحليب إلى لبن قبل تحضير "الخلوليك" منه.

يوم "البيرية" - حلب الماشية

ولتحضيرها تقوم السيدة بوضع كمية مناسبة من اللبن بعد تمليحه ورش كمية من الحبة السوداء عليه في كيس قماشي نظيف، ومن ثم ربط الكيس جيداً وتركه مدة لا تقل عن يومين حتى ينشف اللبن تماماً بخروج الماء منه، وهذا الماء يستعمل في تفتيت الحصيات البولية وغيرها.

بعد جفاف اللبن تضع السيدة بجانبها صحناً مملوءاً بزيت الزيتون لتقوم بدهن يديها به، ومن ثم أخذ كمية قليلة من اللبن في كل مرة لصنع كرات صغيرة بحجم كف اليد منها وتصفها على صينية مدهونة بالزيت، وبعد الانتهاء من عملية صنع الكرات اللبنية تعرضها للهواء حتى يجف، وهنا أود القول: إن السيدة وقبل ظهور الأدوات العصرية كانت تعرض الكرات اللبنية للهواء الطبيعي أما حالياً فتعرضها لهواء المروحة الكهربائية».

الجد عبدو محمد إيبو

وأضافت السيدة "مريم": «إذا قامت السيدة بتحضير "الخلوليك" لتناولها مباشرة فإنها تضعها على المائدة، أما إذا كانت قد أعدتها لتحفظها كمؤونة شتوية فإنها تجهز قطرميزات زجاجية تحوي كميات مناسبة من الزيت، ومن ثم تضع هذه الكرات فيها بكل لطف مع إغلاق أفواهها بإحكام لأن منع دخول الهواء إلى داخل القطرميزات إلى جانب الزيت يمنع فساد "الخلوليك" حتى الشتاء التالي، حيث تقل كميات الحليب لتقوم ربة المنزل بفتح القطرميزات فتتناولها الأسرة.

"الخلوليك" أو "خلوليك اللبن" هي أكلة خاصة بالفطور الصباحي في الريف يتم تقديمها على المائدة، وهي مغرّقة بالزيت وذلك إلى جانب الشاي، والزيتون المخلل، والزعتر البلدي».

وختمت: «إن هذه الأكلة هي إحدى الأكلات التي يحبها أهل الريف وخاصة الأطفال منهم، وهي مفيدة وصحية إذ تدخل في تركيبتها منتجات ومواد طبيعية كالحليب وزيت الزيتون، وهي مواد تفيد صحة الإنسان عموماً وصحة الأطفال على وجه الخصوص؛ لذلك من النادر أن تدخل مطبخاً في "عفرين" ولا توجد على رفوفه هذه الأكلة وهي محفوظة كمؤونة فصل الشتاء».