قبل ظهور حملات التلقيح الوطنية كان لمرض "سعلة قيقي" الذي يصيب الأطفال العديد من المعالجات الشعبية والتقليدية التي كان يمارسها أهالي الريف.

حول أهم هذه المعالجات ودورها في حياة الناس تحدثت العمة "بنفش حمو" من "جنديرس" لمدونة وطن "eSyria"، وذلك بتاريخ 13 نيسان 2014 قائلةً: «قبل حوالي 25 عاماً لم يكن الطب بمستواه الحالي المتطور، فلم يكن هناك أطباء ومستشفيات ومستوصفات؛ ولذلك كان أهل الريف يلجؤون إلى مختلف أنواع العلاجات التقليدية والشعبية المتوارثة جيلاً بعد جيل، وذلك بسبب خطورة هذا المرض الذي كان يحصد سنوياً أرواح المئات من أطفال المنطقة. ومن أهم هذه المعالجات الشعبية التي كانت معتمدة تمرير الطفل المصاب من خلال ثقب كبير موجود ضمن حجر كبير، وهذه الحجارة كانت منتشرة في العديد من قرى المنطقة، ومن أهمها: حجر "عرشقيبار"، وحجر "جلمة"، وغيرهما، وعند إصابة الطفل بهذا المرض كان أهله يأخذونه إلى قرية "عرشقيبار" الواقعة إلى الشرق من مدينة "عفرين" بنحو 5كم وتحديداً إلى الجبل الذي يطل على تلك القرية، وعلى الجبل كان يوجد حجر مجوف ومثقوب وهو خاص لمعالجة هذا المرض؛ حيث كان الأهل يمررون الطفل المصاب عبر الثقب ثلاث مرات ولثلاثة أيام متتالية، لقد كان ذلك كفيلاً بمعالجته والشفاء التام منه، هذا أهم علاج لهذا المرض وأكثره انتشاراً بين سكان المنطقة، ومن المعالجات الشعبية الأخرى إعطاء الطفل المريض شراب "شقائق النعمان" المرّ؛ وذلك بغليها في الماء ومن ثم إعطائه ليشربها، وكذلك إعطائه مغلي الزعتر البري الأخضر».

من الأدوية الشعبية الخاصة بمرض "سعلة قيقي" أيضاً مادة أصبحت اليوم مفقودة من الحوانيت والأسواق وهي "سكر بولات" الذي يشتريه الريفيون من الباعة الجوالين أو العطارين خلال جولاتهم في القرى، و"سكر بولات" عبارة عن مادة صلبة وحلوة المذاق يتم وضعها في الماء الفاتر حتى تنحل تماماً قبل أن يشربها الطفل المريض، أو أن يضع المصاب بالمرض قطعة من "سكر بولات" في فمه ويمصها للمعالجة

وتابعت: «من الأدوية الشعبية الخاصة بمرض "سعلة قيقي" أيضاً مادة أصبحت اليوم مفقودة من الحوانيت والأسواق وهي "سكر بولات" الذي يشتريه الريفيون من الباعة الجوالين أو العطارين خلال جولاتهم في القرى، و"سكر بولات" عبارة عن مادة صلبة وحلوة المذاق يتم وضعها في الماء الفاتر حتى تنحل تماماً قبل أن يشربها الطفل المريض، أو أن يضع المصاب بالمرض قطعة من "سكر بولات" في فمه ويمصها للمعالجة».

العمة "بنفش حمو "

وحول هذه المعالجات وفوائدها على مرضى "سعلة قيقي" قال الدكتور "محمد عبدو علي" الطبيب والباحث التراثي في "عفرين": «لم يكن أمام الناس قبل ظهور الأطباء والأدوية الفعالة والمعالجات العلمية إلا اللجوء إلى الطبيعة المحيطة للحصول منها على ما يخفف آلامهم،

بداية أود القول: إن "سعلة قيقي" تسمية شعبية لمرض كان خطيراً ويحصد أرواح المئات سنوياً قبل حوالي 30 عاماً، أما اسمه الطبي فهو "السعال الديكي" وهو مرض جرثومي معدٍ له فترة حضانة ومرض ونقاهة، وبشكل عام يستمر المرض من ثلاثة أسابيع حتى الشهر، ولكن بعد بدء حملات التلقيح الوطنية ضده تراجعت خطورة هذا المرض إلى أدنى مستوياتها».

الدكتور "محمد عبدو علي"

وأضاف: «بالنسبة لفوائد المعالجات الشعبية - التقليدية التي كانت تمارس من قبل الناس سابقاً، فقد كانت تفيد ولكن لذلك أسبابه العلمية الثابتة، والمعروف عن مرض "السعال الديكي" أن نوباته تهدأ في الأماكن التي تقل فيها الرطوبة والعكس صحيح، وبما أن الحجر المثقوب كان موجوداً فوق قمة الجبل في قرية "عرشقيبار" فإن المريض كان يشعر بتحسن ملحوظ؛ لأن قمم الجبال تقل فيها الرطوبة علمياً ونتيجة تكرار أخذ المريض إلى القمة كان يتحسن وضعه الصحي تدريجياً لكونه اجتاز فترة المرض عموماً، وبالمحصلة فإن التحسن في صحة المريض لم يكن بسبب الحجر وثقبه إنما نتيجة قلة الرطوبة كما قلت. أما بالنسبة للأعشاب ففوائدها معروفة في الطب بشكل عام، والناس في الريف استخدموها بعد تجربتها عبر الزمن وبعد تكرار فائدتها تم اعتمادها كدواء، مثل: "الزعتر البري"، و"البابونج"، و"شقائق النعمان"».

شقائق النعمان أحد العلاجات الشعبية للمرض