كانت مهنة تدريب الحيوانات على الرقص (كالدببة والقرود) مهنة طريفة لتسلية الناس في المدينة والريف قبل حوالي نصف قرن، لكنها أصبحت اليوم مهنة تراثية.

العم "يوسف صاغر" من حي "الخالدية" بـ"حلب" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 نيسان 2014 عن ذكرياته حول ترقيص الحيوانات بحلب قائلاً: «قبل ظهور وسائل الاتصال الحديثة في حياة المجتمع كالتلفاز والإنترنت والبث الفضائي كانت هناك وسائل تسلية تقليدية هدفها إضفاء جو من الفكاهة والمرح على حياتهم وخاصة خلال شهر رمضان الفضيل، ومن هذه الوسائل ترقيص الحيوانات في الحارات والساحات العامة بالمدينة؛ وذلك مقابل مبالغ مالية معينة لا تتجاوز "الفرنكين" في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي وما قبلها».

لم يكن هناك وقت محدد لقدوم مرقص السعدان إلى ريف منطقة "عفرين" ولكن حضوره كان خلال موسم الزيتون غالباً وفي هذه الفترة تتوافر النقود عند الأطفال والكبار على حد سواء، كما كان يأخذ الزيت بدلاً من النقود مقابل مشاهدة عروضه تلك

وأضاف: «كانت مهنة ترقيص الدببة والقرود مهنة شائعة في تلك الفترة، فقد كان صاحبها يشتري الحيوان من خارج البلاد سواء من "لبنان" أو من "اليمن" ليقوم بتدريبه فترة كافية حتى يصبح قادراً على فهم إشاراته وإيعازاته المضحكة؛ ليكون قادراً على تسلية المتفرجين وإضحاكهم فلا يشعرون بوقتهم خلال أيام شهر رمضان كما قلت».

نجاة عمر

السيد "نجاة عمر" من "عفرين" بريف "حلب" الشمالي قال: «يتذكر الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم 40 عاماً في "عفرين" الضجة التي كان راقص القرد يحدثها في الريف وخاصة من قبل الأطفال بقدومه، إن مجيء راقص القرد أو كما يسميه أهل "عفرين" براقص السعدان كان يخلق في القرية رعباً وفرحاً واستغراباً من قبل الناس. وبعض الأطفال كانوا يخافون من حضور راقص القرد إلى القرية ومعه حيوانه الغريب عن بيئتنا ومحيطنا بشكل كبير، وقد تراكمت في مخيلاتنا نحن أطفال ذلك الزمان قصص مختلفة حول القرود وعالمها المرعب، ومن هذه القصص أنه يسرق الأطفال ويأخذهم معه ليلاً إلى بلاد اليمن وغيرها.

قبل بدء العرض كان صاحب السعدان يدور مع دفه على الحاضرين ليضعوا فيه الفرنكات وهي أجرة العرض، وبعدها كان ينقر على الدف فيقوم القرد ببعض الحركات البهلوانية والراقصة وسط المتفرجين، وبعد الانتهاء من الرقص كان صاحبه يصدر له الإيعازات المختلفة التي ينفذها لإضحاك الحضور وإسعادهم».

ممد جمو

السيد "محمد جمو" من "جنديرس" – "عفرين" قال: «كان صاحب القرد يوجه أسئلة معينة له فيجيب عنها ببعض الحركات المضحكة؛ ما يجعل المتفرجين يضحكون رغم أنهم كانوا يخافون أن يقفز على أحدهم خاصة أن الناس كانوا يبسملون باسم الله بمجرد رؤيتهم للقرد؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن هذا الحيوان كان بالأصل إنساناً قد مسخه الله سبحانه وتعالى قرداً، ولذلك يجب ذكر عبارة البسلمة عند رؤيته».

وختم: «لم يكن هناك وقت محدد لقدوم مرقص السعدان إلى ريف منطقة "عفرين" ولكن حضوره كان خلال موسم الزيتون غالباً وفي هذه الفترة تتوافر النقود عند الأطفال والكبار على حد سواء، كما كان يأخذ الزيت بدلاً من النقود مقابل مشاهدة عروضه تلك».