احتفل نزلاء سجن "حلب" المركزي" بأعياد نيسان على طريقتهم، وذلك عندما قدموا لوحات فنية ورياضية متنوعة، تخللها مباراة لكرة القدم جمعت منتخب سجن "حلب" المركزي وفريق شباب نادي "الحرية"، إضافة إلى عروض التايكوندوا ومسابقة الشطرنج وكرة الطاولة، كما قدمت فرقة الرقص العربي الحلبي عرضاً ترافق مع أنغام آلة "البزغ" التي أمتعت الحضور دون استثناء، وذلك يوم الأربعاء 27/4/2011م في مقر سجن "حلب المركزي".

موقع eAleppo حضر الاحتفالية والتقى العميد "بسام غازي علولو" مدير "سجن حلب" المركزي ليحدثنا عن أهمية الاحتفالية، وما نوعية النشاطات التي يقدمها السجن، فأجاب: «أراد نزلاء سجن "حلب" المركزي أن يشاركوا الوطن في أعياد نيسان، وهي أعياد غالية على قلوبنا جميعاً، وهي ليست المرة الأولى التي يقدم فيها نزلاء السجن هذه العروض، وتكمن أهميتها بالتأكيد أنها تعرف الناس على نشاطات السجن المتنوعة.

لم أشعر أبداً بأنني أزور سجناً على الإطلاق، لم أر الصورة التي يتحدث عنها الآخرون عن مفهوم السجن، سعدت كثيراً لوجودي معهم، وأحسست بشعورهم أيضاً، هي دعوة مني لكل فنان أن يزورهم أيضاً، اطلعت على واقع العمل المسرحي في السجن، وإن شاء الله سأقدم لهم عملاً خاصاً بهم

ولا تقتصر على النشاط الرياضي فحسب، فنحن لدينا عدة أنشطة فكرية وثقافية ومهنية، وعلمية، وفنية يقوم على إدارتها السجناء ذاتهم، وبالتعاون مع إدارة السجن، والتي نعمل من خلالها على تأمين كافة مستلزماتهم بالكامل، لنوصل فكرة للناس جميعاً أن السجن هو مؤسسة إصلاحية مهمة جداً، وليس مجرد مكاناً للقصاص أو العقوبة، ويمكنك التعرف أكثر على هذه التفاصيل من خلال السجناء أنفسهم».

"علاء عجوز" مدرب كرة القدم لفريق الصغار بالسجن

"عبد القادر العبدو" أحد أعضاء فريق كرة الطاولة في سجن "حلب المركزي، يقول عن كيفية ممارسة هوايته ونشاطه: «نمارس هوياتنا كل حسب اهتماماته، والأمر متاح للجميع، فلكل لعبة لدينا مشرف خاص لها يقوم بتسجيل الأسماء الراغبة بممارسة اي لعبة، يقوم بالتنسيق مع إدارة السجن من ناحية تأمين مستلزمات اللعبة وتخصصي وقت مناسب لممارستها.

وبالنسبة لنا كأعضاء فريق كرة الطاولة فالفرصة متاحة لنا يومياً من الساعة الثانية ظهراً وحتى الخامسة، أما بالنسبة للمتدربين فيمكنهم ذلك لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، يضم فريقنا /6/ لاعبين أساسيين، ويمكن في كل مرة أن يضاف إليهم لاهبين جدد، ونقوم بإعداد دوري صغير بيننا لتنشيط هذه اللعبة وتنميتها، وهناك مستويات متميزة جداً بالفريق، وماساعد على إنجاح هذه اللعبة لدينا هو الاهتمام والتواصل من قبل إدارة السجن التي لم تبخل علينا بأي مطلب لتطوير هذه اللعبة».

فريق كرة الطاولة

"علاء عجوز" مكلف بتدريب الفئات العمرية الصغيرة للعبة كرة القدم في السجن، يحدثنا عن فريقه وآلية ممارسته لهذه اللعبة فيقول: «التنظيم يكون بالتنسيق مع إدارة السجن وفق مواعيد محددة ومتفق عليها، ونحاول أن نكون منظمين بشكل كبير، وجميع أعضاء الفريق متواجدون باستمرار ولذلك لا نعاني من موضوع الغيابات، ونلاحظ مدى الرغبة الكبيرة لدى النزلاء الذين هم بالأصل ممارسي هذه اللعبة قبل فترة سجنهم من خلال المحافظة على قوة بدنه وحيويته دون أن يفقدها.

في المقابل هناك الكثير ممن لديهم الميول ويرغبون بأن يدخلوا عالم كرة القدم ولم تسنح لهم الفرصة في الخارج بممارستها، فنحن نؤمن لهم الأجواء المناسبة لذلك، ونوفر لهم الاحتكاك المباشر من خلال التمارين والمباريات، فريقي مؤلف من /30/ لاعباً صغيراً، ولدينا مستويات متباينة، لدينا من هم مميزون، وأدنى من ذلك.

العميد "بسام غازي علولو" مدير سجن "حلب " المركزي

قمنا باختبارهم بعدة مباريات داخلية مع فرق السجن الأخرى، وعدة لقاءات مع فرق خارجية، ومايشجعهم دائماً هو حضور إدارة السجن لكافة الفعاليات والتي تشجعهم باستمرار وتشكل لهم حافز قوي على تقديم الأفضل، في الوقت أعتبر أن هذه الأنشطة تشعر السجين براحة نفسية كبيرة جداً، حيث تسنح له الفرصة من رؤية أشخاص جدد من الخارج أتت لمشاركته، وبحد ذاته فإن تفعيل الدور الرياضي داخل السجن له دور إيجابي كبير على نفسية السجين، وسمعة السجن بشكل عام».

"وضاح حميد" أحد الموقوفين في "سجن حلب المركزي": «أعمل في المهن اليدوية داخل السجن، أتيحت لي الفرصة منذ ثلاث سنوات تقريباً، وذلك عندما تقدمت بطلب إلى إدارة السجن بإمكانية إدخالي آلة "البزغ" إلى داخل السجن، فوافقت الإدارة بعد تأكدها أني أملك الرغبة والهواية في ذلك، كما سمحت لي بالمشاركة في العروض المسرحية التي يقيمها مسرح السجن، وحينها لاقت إعجاباً كبيراً لدى الحاضرين هنا.

كما شاركت بفقرة الغناء، فأوكل إلي مهمة اكتشاف مواهب فنية أخرى لنشكل فرقة خاصة بنا أيضاً، إضافة إلى توفير الأجواء المناسبة داخل السجن، كالاحتفالات العامة، والأعياد وغيرها، نمارس هوايتي داخل غرفتي بعد انتهائي من وظيفتي في مهنة تصنيع قطع الهدايا والصمديات، وهذه أيضاً هي فرصة عمل مهمة لي، لا أشعر بالملل أبداً، مشاركتي اليوم تتضمن العزف على آلة البرغ مرافقة لعازف الطبل في الرقصة العربية».

"محمود برادعي" مدرب فريق التايكواندو حدثنا عن فرقه ومشاركته لعرض اليوم: «بدأنا لأول مرة بـ/5/ لاعبين فقط، وخلال مدة قصيرة جداً وإدارة السجن مشكورة التي أمنت لنا كل متطلباتنا استطعنا خلال فترة قصيرة أن يكون لدينا فريقاً كبيراً مؤلفاً من/50/ لاعباً شاركوا اليوم في عرضهم، قدمنا ثلاثة عروض سابقة وبأعداد أقل من ذلك.

لكن اليوم هو العرض الأضخم لنا، بدأنا بالتعريف عن هذه اللعبة من مرحلة الصفر، ودعونا كل من يملك الرغبة المبدئية والذين يملكون الهواية في ممارستها، وبحثنا عن الخامات التي طورناها، وبالمقابل لاحظنا مدى استمتاع السجين بهذه الرغبة وتنميتها، سمحت لنا الإدارة أن نتمرن يومياً داخل مسرح السجن، ولدينا يومين في الأسبوع للنزول إلى باحة السجن من أجل تمارين اللياقة والتقوية.

لا فرق بين ما نمارسه هنا وبين الرياضة بأي مكان آخر سوى العامل النفسي التي تحاول إدارة السجن التغلب عليه دائما من خلال وقوفها إلى جانباً، وتكريم المتفوقين، ودعمهم، وفي أحيان كثيرة مكافئتهم، وهي مشكورة على ذلك، لذلك يمكنك مشاهدة الحماس الكبير أثناء تقديمهم للعرض اليوم».

"مصطفى شعار" مدير فرقة الرقص العربي في السجن، حدثنا عن فرقته وتدريبها داخل السجن ومشاركته فقال: «أتيت إلى هنا وأجيد الرقص العربي، حيق دربت عدة فرق للرقص العربي ومنها فرقة "شهباء حلب" عند السيد "بشير معيرية" ومع وصولي إلى هنا شاهدني السيد العميد مدير السجن، وأعجب بما أقدم مع زميلين آخرين، فوافق على تأسيس فرقة خاصة لنا هنا نشارك بها في كل مهرجانات السجن.

فرقتنا مؤلفة من /6/ أشخاص ممن يتقنون الرقص العربي الحلبي على أصوله، وأمنت لنا الإدارة مكاناً خاصاً للتدريب، أدير الفرقة حالياً، ولدي عدة طرق في تعليمها، "الرقم، إيقاع الطبل" ونقدم فيها جميع أنواع الرقص العربي " العربي الثقيل، الرقصة العسكرية، العربية الخفيفة، الولدة، الدرجة" وغيرها، أما عن حفلاتنا فهي مختلفة في أماكنها ومسموح لنا أن نشارك بكل احتفالية تقام هنا، هناك من يشجعنا من زملائنا، ويعجبون بأدائنا، في الوقت ذاته هي حافز كبير لأن نقدم الأفضل».

أما "محمد مكي" فيقول عن رأيه بأنشطة السجن، ومشاكرة الفرق الخارجية لهم: «جميع هذه النشاطات وعلى اختلافها لها نتائج إيجابية بالتأكيد، فهي عامل رئيسي لنسيان واقع السجين، وتفريغ طاقاته، وتنميتها، هي فرصة لأن نعبر عن ذاتنا، وما بداخلنا، نملك الكثير من الطاقات والمواهب التي تعمل إدارة السجن على اكتشافها، ومساعدتها للظهور.

لا يمكنني وصف مدى شعور السجين بالراحة النفسية عندما ينتهي من تقديم أي فقرة أو عندما يشارك بأي عرض ويسمع تصفيق الحصور له سواء من السجناء أو إدارة السجن، أو عندما يحصل على مكافئة ما، وخصوصاً عندما نعلم أن إدارة السجن تكافئ الموهوبين في كل مرة، الكثير يتأثر بما يقدمه الآخرون، وأكبر دليل على ذلك هو الدموع التي ذرفت من الجميع عند مشاهدتهم لعرض مسرحية "العودة إلى الضمير" داخل مسرح السجن.

جد كبير ملقى على عاتق الإدارة بالكامل، ونحن نقدر لهم تعبهم معنا، ولن ننسى فضلهم علينا، لأنهم استطاعوا أن يحولوا إنساناً كان مجرماً في وقت ما مضى، لكنهم وأن يزيلوا عنه هذه الصفة ويعيدوه إلى الوطن مواطناً صالحاً بعون الله تعالى».

"عمر حجو" يعد بمسرحية، و"مصطفى هلال" يعد بحفلة

أخيراً كان لمشاركة الفنان الحلبي" عمر حجو" و"مصطفى هلال" الوقع الخاص لدى الجميع، والذين طالبوهم بمشاركة خاصة لهم داخل السجن، وعن هذا قالوا: «لم أشعر أبداً بأنني أزور سجناً على الإطلاق، لم أر الصورة التي يتحدث عنها الآخرون عن مفهوم السجن، سعدت كثيراً لوجودي معهم، وأحسست بشعورهم أيضاً، هي دعوة مني لكل فنان أن يزورهم أيضاً، اطلعت على واقع العمل المسرحي في السجن، وإن شاء الله سأقدم لهم عملاً خاصاً بهم».

أما الفنان "مصطفى هلال" فيضيف: «بالتأكيد شعور جميل أن نكون مع السجناء ونشاركهم أفراحهم، وهذا واجب علينا، لأنهم بالنهاية هم إخوتنا ولهم حق علينا كما الكثيرين، وجدت خلال مشاهدتي لليوم خامات جيدة، وأناس تعشق الموسيقا، وإن شاء الله سأعمل أيضاً على إقامة حفلة خاصة لنزلاء سجن "حلب" المركزي تقديراً لهم».