جعلت الكلمة صديقتها، والحرف سلاحها، فمرة ناصرت المرأة به، ومرات صاغت قافيتها لتكون ترجمان حبٍّ وسلام، استقت من الجاهلي واتخذت الغزل العفيف عنوانها، فكونت في قصائدها تعابير وصوراً لأنموذج مختلف.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الشاعرة "رنا رضوان" بتاريخ 12 آب 2020 فقالت عن بداياتها مع الشعر: «نشأتُ مع خالي الذي حبّبني في الشعر العمودي القديم لكثرة قراءاته أمامي بصوته الشجي، فأصبحت أهوى قراءة الشعر وكتابته، فكتبت النثر في بداية تجربتي، ثم طورت نفسي رويداً رويداً، وبتشجيع كبير منه قرأت الكثير لشعراء العرب حتى تَولَّدت لدي أذن موسيقية، ثم درست علم العروض والأوزان باجتهاد شخصي، كما قرأت الشعر العباسي والأموي والأندلسي، ودرست المعلقات، وتعمقت بها وبمفرداتها الصعبة حتى كتبت الشعر العمودي الموزون بشكل صحيح ومتقن عام 2012، وكانت أول قصيدة لي على بحر المتدارك بعنوان "اعتراف"، وهذه بعض أبياتها:

وجود أمثال "رنا" ضرورة وسياج للغة الشعر الأم، وإثبات لقدرته على المواكبة والموازنة للوزن الجميل، فمن منطلق الحب، ومن شعار الصدق دخلت تاريخ الشعراء العظام من أبهى أبوابه فهي تصدت بأشعارها للدفاع عن ضعفاء العاشقين، وامتلكت ناصية البيان عن أطوار حياة المعذبين سابحة هائمة بين صدى اشتياقهم، ومحلقة مع طيور نار غرامهم

سأقِرُّ إليكَ وأعْترفُ

أنّي بغَرامك أنجرفُ

فَعَواصفُ حُبكَ قدْ فَتَكَتْ

غلاف ديوانها

في قلبي ... تاهُ المنعطفُ

توقيع كتاب طيور النار

وَبِحقِّ عيونكَ يا عمري

من إحدى الأمسيات الأدبية

قلبي بلقائكَ يرْتَجفً

لن أسْكنَ يا روحي إلّا

في مَعبدِ عشقكَ أعْتكفُ

من شهدِ العشْقِ لنا نهرٌ

نتذوّق منهُ ونغترفُ

أسْقيكَ العشقَ ومنكَ بهِ

من شهدِ رضابكَ أرتشفُ

ودَعِ العُذّالَ بسيرتِهِمْ

فالرّوحُ لِحبكَ تنْصَرِفُ».

صدر لها ديوانان شعريان، حدثتنا عنهم قائلة: «طبعت ديوانين شعريين الأول بعنوان "صدى الاشتياق" صدر عام 2018، ويحتوي على ثمانين نصاً بين قصيدة ومقطوعة، وبه أشعار منوعة بين الغزل والشوق وقصائد دينية، وأشعار وطنية أتغنى فيها بحب "حلب" الشهباء خاصة والوطن عامة، وكتب مقدمة الديوان الشاعر العراقي "محمد حسين آل ياسين" الملقب بـ "شاعر الأمة"، وكانت المقدمة بمثابة شهادة فخر لي، يقع الديوان في مئتي صفحة عن دار "الرضوان" للطباعة والنشر في "حلب"، كان حفل التوقيع في دار "الكتب الوطنية" في "حلب" حيث قدمه الشاعر "محمد حجازي" مدير الدار، والناقد "عدنان الدربي" بحضور جمع غفير من الأدباء والشعراء والفنانين.

أما الديوان الثاني "طيور النار"، فقد صدر عام 2019، ويحتوي أيضاً على ثمانين نصاً بين قصيدة ومقطوعة، ومنوع بين الغزل والوطني والديني، وبعض أشعار الحكمة، وقد كتب مقدمة الديوان مع دراسة تحليلية شاملة لأغلب القصائد الشاعر "بلال سيف"، ولم أكن أتوقع أن أنال شرف هذه المقدمة لولا جهوده الرائعة في صياغة المفردات، يقع الديوان في مئتي صفحة عن دار "سوريانا" للطباعة والنشر في "دمشق"، وتم توقيعه في قاعة الفنان "عمر حجو" في المركز الثقافي في "العزيزية"، قدّمه الشاعر "محمد حجازي"، والناقد "زياد مغامس" الذي قال جملة لن أنساها بحياتي: (لو بيدي لوضعت هذا الديوان كمرجع في الجامعات والمكتبات)، وكانت هذه الكلمات مصدر فخر واعتزاز وتحفيز لتقديم الأفضل دوماً».

تتابع: «تم تكريمي من قبل منظمة "الطلبة العرب" عام 2017، ومن رابطة "المرأة للابتكار والإبداع" في "بغداد" عام 2018، ومن فرع نقابة العمال في "حلب" عام 2019، ومن رابطة المحاربين القدماء في مهرجان عيد الجيش، وكان لي شرف افتتاح المهرجان عام 2019، وكرمت في "اليمن" من كادر مجلة "أقلام عربية" عام 2020، وما أعدّه تكريماً لي أيضاً هو تلحين وغناء عدة قصائد غزلية ووطنية من بعض الملحنين والمطربين في كل من "سورية"، "لبنان"، و"العراق"».

يقول عنها الشاعر "بلال سيف": «وجود أمثال "رنا" ضرورة وسياج للغة الشعر الأم، وإثبات لقدرته على المواكبة والموازنة للوزن الجميل، فمن منطلق الحب، ومن شعار الصدق دخلت تاريخ الشعراء العظام من أبهى أبوابه فهي تصدت بأشعارها للدفاع عن ضعفاء العاشقين، وامتلكت ناصية البيان عن أطوار حياة المعذبين سابحة هائمة بين صدى اشتياقهم، ومحلقة مع طيور نار غرامهم».

وتقول عنها الشاعرة "غفران سويد": «تجيد "رنا" العزف على وتر لغة البيان، متمكنة من أدواتها الفنية ومفرداتها اللغوية، تنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية في قصائدها، إلا أنها أوجدت لنفسها مكاناً، ولها بصمة واضحة في الهرم الإبداعي من خلال أسلوبها في النسج الشعري بقوة المعاني والصور الفنية المتفردة وسلاسة الألفاظ، شهد لها النقاد بحرفية الإبداع في بناء قصائدها، وتتصف بصدق الإحساس فهي شاعرة ماهرة طورت نفسها بنفسها وقلّ أن نجد امرأة تفعل ذلك».

الجدير بالذكر أنّ "رنا رضوان" من مواليد مدينة "حلب" 1982 متزوجة ولديها ولدان، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، وتعمل مديرة البيت الثقافي العربي فرع "سورية"، كما أنها محررة ومدققة لغوية في مجلة "أقلام عربية".