بداياته مع الأدب كانت بعد عشرات من السنين قضاها في العمل الوظيفي الذي تنقل من خلاله في أكثر من مكان، هذا ما أكسبه خبرة حياتية دفعته إلى أن ينقل أفكار وتجارب جيله إلى الأجيال القادمة، وذلك عبر الأدب الذي وجد فيه خير طريق لذلك..

الروائي "علي الإبراهيم" الذي التقيتنا به في eSyria بتاريخ 5/1/2010م، تحدثنا معه عن علاقته بالرواية التي نالت جل اهتمامه الأدبي، فيبدأ حديثه بالقول:

هو عشقي للرواية التي للأسف قلّ اهتمام القراء بها في هذه الأيام..

«بدايتي مع الكتابة الأدبية كانت في العام 1974م ولم أنشر حينها أي عمل أدبي فكتبت "الشيخ والجبل" وهي رواية تتحدث عن "جبل الشيخ" وأبطاله وهي مؤلفة من ثلاثة أجزاء مودعة لدى وزارة الثقافة في "دمشق"، وهناك أعمال أخرى منها "ذكريات بعثرها زمن ماض"، "الوالي" عُمير". أما الأعمال التي نشرت لي فهي "سيرة وزير" و"آلام زينب".. وبالنسبة لأعمالي الأخرى فهي معدة جميعها للنشر وسترى النور قريبا بإذن الله..».

الناقد حسن النيفي

وعن دافعه لدخول مضمار الأدب يقول:

«الدافع هو تجربة الحياة، أريد من كتاباتي هذه نقل تجربتي في الحياة للأجيال القادمة، ولتكون خير شاهد لحياتنا، وأملي في ذلك أن توجد بعض الأمور التي ربما ستستفيد منها الأجيال القادمة في حياتها وأن تتنبه لخطورتها، وعلى رأسها النواحي التربوية والأخلاقية. أحاول أن انبه هذا الجيل إلى خطورة السموم التي تستهدفه من خلال القنوات الهابطة والبرامج السيئة..».

الروائي علي الإبراهيم

تحتل المرأة مرتبة مميزة عند الروائي "علي الإبراهيم"، وهو يراها اكثر من مقولة "نصف المجتمع"، ويقول عن ذلك:

«أنا أرى المرأة أهم وأعمق من مقولة "نصف المجتمع" فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، فعندما تكون هذه المرأة صاحبة وعي وتربية صحيحة ستبني مجتمعا فاضلا من خلال بنائها لأسرة فاضلة تتحلى بالوعي والمعرفة. وبالتالي سيكون المجتمع قادراً على فرز ما هو مفيد عما هو ضار والنتيجة مجتمع قوي متماسك.

ولنا مشاهدات كثيرة للمرأة العربية ودورها البنّاء في "فلسطين و"الجولان" و"الجزائر"، وأمثلة التاريخ كثيرة.

وقد كانت المرأة هي البطل في روايتي "آلام زينب" تناولت دور المرأة غير الواعية في هدم الأسرة وضياع مستقبل أبنائها...».

  • لِمن تقرأ من الأدباء، وبِمن تأثرت؟
  • «قراءاتي قديمة نوعا ما، قرأت لـ "طه حسين"، "العقّاد" نجيب محفوظ"، والعديد من الروايات السوفييتية. وأقرب ما قرأت لنفسي الروايات الشعبية التي تتحدث عن البيئات الشعبية وما يجري فيها، وكانت روايات "نجيب محفوظ" تهتم بهذه البيئة، وأيضا الراحل "العجيلي" استطاع أن يحظى بقبول واسع لكتاباته التي اهتمت بالبيئة الشعبية التي كان يعيش فيها، وأنا شخصيا أميل إلى هذه المعالجات التي أراها قريبة من الناس ويوميات حياتهم.

    أما عن سؤالك تأثري بغيري، فأنا أحاول ألا أتأثر بغيري من الكُتاب وأسعى لأن يكون لي منهجي الخاص في الكتابة الذي أتميز به من غيري..».

  • ما حصة "منبج" في كتاباتك؟
  • ** «لمنبج الحصة الأكبر في حياتي، ولدي الآن رواية أُسطّر فيها مرحلة عزيزة على قلبي لها عمق في نفسي، فيها محبة وعشق ووجدان، وعلى سبيل المثال إن كنتَ يوما تحبُ فتاة وتحبك، واليوم تراها قد شابت والأحاديث تدور بينكم. فروايتي هذه هي استذكار لتلك الأيام التي عايشتها في فترة الشباب، لذلك اطلقت عليها "ذكريات بعثرها زمن ماض". وفي هذه الذكريات تتربع الذكريات المنبجية..».

  • لماذا اخترت الرواية دون غيرها من الأجناس الأدبية؟
  • **«هو عشقي للرواية التي للأسف قلّ اهتمام القراء بها في هذه الأيام..».

  • ختاما.. هل هناك مشروع أدبي تعمل عليه؟
  • ** «أعمل على مشروع مسرحي لا بد أن يبصر النور، أعمل حاليا على النص ولمّا تكتمل فصوله حتى الآن، وإن شاء الله سينجز قريبا ليصل بعدها إلى خشبة المسرح..».

    الأستاذ الناقد "حسن النيفي" الذي تولى تقديم معظم أعمال الروائي "الإبراهيم" يتحدث لنا عن تجربته الأدبية فيقول:

    «لعل أهمية العمل الأدبي إنما تكمن في الدرجة الأولى في قدرته على حيازة ما هو إنساني بشكل عام، وكذلك في قدرة الكاتب على فلسفة ما هو عادي وعابر في نظر الآخرين. ما يدفعني إلى الإقرار بهذه الحقائق هو مطالعتي لمجموعة من الأعمال الروائية للكاتب الأستاذ "علي إبراهيم العلي"، وهذه الأعمال منها ما هو مطبوع كـ "سيرة وزير"، "آلام زينب"، ومنها مازال مخطوطا كـ "الشيخ والجبل"، "نهاية بطل".

    ولعل الحيّز المتاح لي لا يسمح لي بالتحدث عن هذه العمال فنيا وجماليا لذلك أكتفي بالإشارة إلى المنحى العام للمنجز الروائي للأستاذ "الإبراهيم" فأقول: إن الفحوى الذي تتأسس عليه معظم الأعمال الأدبية الروائية هي صراع الإنسان مع ذاته ، هذه الذات التي يتجاذبها قطبان، إن شطرا من هذه الذات قد ترسخت فيه جملة من المبادئ والقيم والأعراف الثقافية، تنضح فيها شعارات الإخلاص والرجولة، أما الشطر الآخر فهو الذي يعيش في اللحظة الراهنة خاضعا لكل شروط هذه اللحظة وحيثياتها، إنها شطرٌ مثقل أو محكوم بسيرورة لا يستطيع أن يحيد عنها، عليه الرضوخ للمال والقيم الاستهلاكية والزيف وكل ما هو مفسد للفطرة الإنسانية، ولعل الكاتب أراد أن تكون مساحة الصراع فسيحة فترك لقلمه العنان لكي يسرد بصبر وأناة الصفحات الطويلة والطويلة جدا، متتبعا بإمعان ودقة مصير أبطاله وشخصياته. ولعل هذا هو السبب الذي جعل أعماله الأدبية تتصف بالطول في عصر يميل إلى الاختزال والسرعة..».