«الشعر موهبة تصقلها المعرفة؛ الدراسة؛ الثقافة؛ همومك؛ وهموم الناس؛ بل الحياة بكل إسقاطاتها..»

هذا ما قاله الشاعر "حسين أحمد حسين" حين التقاه موقع eSyria بتاريخ (9/11/2008)م، وتابع توصيفه للشعر قائلاً:

لكل شاعر إحساسه الخاص به، قاموسه الخاص، فقد أرى أنا النصف الملئان للكأس وأنت ترى النصف الفارغ، وكل إنسان يحمل رؤية ونضرة معينة..

**«الشعر بشكل أوضح كلمة، والكلمة مجنحة، وهذه الكلمة المجنحة تأخذك إلى عالم واسع رحب لا حدود له، حدود الكون، الشعر هو جرح ينزف نوراً وناراً، الشعر هو جرح ينزف ليسيل منه الشقاء والدمع تارة، ويرنّم الأفراح تارة أخرى، ولو جمعت كل هذه الأشياء فستخرج بنتيجة ألا وهي الشعر..».

وعن بداياته مع الشعر يقول:

** «بداياتي كانت عبارة عن (خربشات)على الأوراق، ومن أولى كتاباتي أذكر وأنا في الصف الثامن جاء "سيل" إلى مدينة "منبج" فكتبت في ذاك المشهد بعض الأبيات، أذكر أيضاً في صغري أني كنت أنا وصديقي الأديب "حسين بكار" نخرج إلى خارج المدينة ونجلس نسمع بعضنا ما كنا نكتبه في تلك الأيام، حيث كان يُسمعني ما يكتب من قصص، وأنا اسمعه شعرا».

*لمن كنت تكتب آنذاك؟

** «طبعا عمر الشباب يفرض نفسه وبقوة على بدايات أي شاعر، فلا بد للحب أن يحتل جل كتاباته، كانت كتاباتي تتناول تلك المرحلة من العمر بكل تفصيلاتها، والحبيبة هي الحاضر الأول في كلمة كانت تقال، فالكتابات كانت تدور بين معاناة الحب، وهجر الحبيبة، والشوق إليها، وإلى ما هنالك..».

*كانت طفولتك في قرية "السويدة الجنوبية"، الجارة الهادئة لنهر "الساجور"، حدثنا عن ذكرياتك مع "الساجور"؟

** «أذكر أنني قلت في "الساجور":

أودعت في الساجور حين تركته.......... وجهي وميلادي وشمس شبابي

نهر "الساجور" هو نهر صغير مشاكس، ابن الفرات البكر، نهر تربينا على ضفافه غرسنا فيه أجمل الذكريات وما زلنا نعشقه ونحبه ومازال يجري في كل تفصيلات حياتنا.

الهدوء، العذوبة، الرقة، كل هذا رضعناه مع "الساجور"، ترك "الساجور" في شعري مشاعر الحزن والقلق، الحب والخوف، كل هذه المشاعر تأتي تباعاً كالنهر يفيض حيناً، ويهدأ حيناً آخر، يشاكس مرة، ومرة أخرى يكون جميلاً..».

*هل الشاعر يختار موضوعه، أم الموضوع يختار الشاعر؟

**«بالنسبة لي كلا الأمرين، فأحيانا الموضوع هو من يختارك وبقوة ولا تجد نفسك إلا وأنت في تناغم مع الكلمات تكتبها شعرا، وأذكر مثالا على ذلك أنني يوماً شاهدت في التلفاز تفجيراً، ومن ضحاياه طفل صغير وشاهدت أمه وهي تبكي فكتبت في ذلك قصيدة بعنوان (رسالة عاجلة جداً)، ومن أبياتها أذكر لك:

مـاذا تقــول لمن قتلــتَ أبــاهُ / ورميت بالموت الأصــم أخــاهُ

مـاذا تقـول لمن نزعت جذورهُ / من صــدر أم قــد حبته جنــاهُ

هذي الدمى تبكي فمن يلهو بها / ولمــن تركـت ثيــابه ودمــاهُ

مــاذا تقــول لأمـه إن أسـرجت / عند المســـاء نجومه وصباهُ

مــاذا تقـــول لأمــه إن بعثــرت / يومـاً طفولته وفــاح شـــذاهُ

ورأتْ قميـصَ العيـد رفَّ خميلةً / من يرتديه وقد قطفتَ جناهُ

هذه القصيدة لم استطع النوم إلا بعد كتابتها، هذه القصيدة كتبتني بالرؤية وكتبتها بالألم والحسرة.

وهناك قصائد الشاعر هو من يختار الموضوع لقصيدته.

*أي الصنفين أقوى وأشد وقعاً؟

** «طبعا الموضوع الذي يختارك يفرض نفسه عليك يكون وقعه أقوى، والقصيدة التي تكتبك أصدق وقعاً وأروع فنية من تلك التي تكتبها أنت..».

*أنت تكتب القصيدة العمودية، وتكتب شعر التفعيلة، ما لذي يدفع الشاعر لاختيار النمط لقصيدته تفعيلة أو قصيدة عمودية؟

** «من يتحكم بالاختيار هو الفكرة، ومدى عرض الفكرة، الشعر العمودي يقيدك قليلاً من ناحية القافية والبحر، أما شعر التفعيلة فهو أرحب وأوسع يعطيك مداً أكثر، وأنا شخصياً أميل إلى الشعر العمودي على الرغم من أني أكتب بأريحيةً في شعر التفعيلة..».

*بماذا يتميز الشاعر عن الشاعر؟

** «لكل شاعر إحساسه الخاص به، قاموسه الخاص، فقد أرى أنا النصف الملئان للكأس وأنت ترى النصف الفارغ، وكل إنسان يحمل رؤية ونضرة معينة..».

*أخيراً، هل ينتهي الطموح عند عمر معين؟

** «لا أبداً، لا اعتقد أن طموح الإنسان ينتهي عند عمر بعمر أو بسنة أو بلحظة معينة، الطموح لا بد أن ممتد مع الإنسان، وهو أمل زرعه الله في الإنسان.

أما طموحي فهو أن تصل كلماتي إلى جميع الناس، وأنا يعرفوني كشاعر..».

بقي أن نذكر أن الشاعر "حسين احمد الحسين" من مواليد (1959)م قرية "السويدة الجنوبية" في ريف "حلب"، درس الابتدائية في قريته، أما الإعدادية والثانوية فقد كانت في مدينة "منبج"، ومنها إلى "دمشق" ليدرس في كلية "الشريعة ويتخرج منها في عام (1986)م، وهو الآن يعمل مدرساً للتربية الإسلامية...