"أكتب كي أكون، حيث الكتابة في دمي وكينونتي ففي البدء كانت الكلمة، أكتب لأن الكتابة تخيف الطغاة أكثر من رصاصة، أكتب من أجل الحياة، الخير، الحب، الجمال، والإنسان الذي يختزن كل هذه القيم النبيلة في داخله، أكتب كي يعود الإنسان إنساناً، أكتب لأن الكتابة صنو الحياة.. وتركها صنو الموت".

بهذه الكلمات المعبرة يبدأ حديثه معنا القاص (عبد الهادي قاشيط) وهو من مواليد حلب عام 1967، بدأ من جريدة البعث صفحة على دروب الإبداع عام 1991، ومنها انطلق إلى باقي الصحف السورية وبعض الصحف العربية، كتب القصة القصيرة والقصيرة جداً، له مقالات في النقد الأدبي والمسرحي، شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات والمسابقات، وحصل على بعض الجوائز المادية والمعنوية أهمها الجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة لاتحاد الكتاب العرب بحلب عام 1998 عن قصة (رسالة إلى السيد المدير العام).

يقول القاص (عبد الهادي قاشيط) لـ eAleppo عن مجموعته القصصية الوحيدة التي أصدرها وكانت بعنوان (تداعيات في حضرة الضمير): "في الحقيقة لم أكن راضياً كل الرضا عن المجموعة شكلاً ومضموناً، وهذا ما دفعني إلى التريث بإصدار مجموعات أخرى، بالإضافة إلى ظروف الحياة القاسية وخاصةً المادية التي تقف حجر عثرة في وجه المبدع أو على الأقل تحدّ من نشاطه".

وعن مواصفات القصة الناجحة يقول (قاشيط): "من حيث الفن القصصي أرى بأن مقومات النجاح معروفة أهمها التشويق والإثارة والمفاجأة والاختصار والتصعيد والإدهاش، ولكن من حيث المضمون أجد بأن النجاح والفشل لفظان نسبيان لا يُفهم أحدهما إلا بالنسبة للآخر، بمعنى أنهما لا يحتملان الإطلاق، فلا فشل مطلق ولا نجاح مطلق، فالقاص الذي يفشل نسبياً في الحوار قد ينجح نسبياً في الفكرة أوالسرد، وعلى العموم ثمة خطوط عامة أساسية يجب أن ترتكز عليها القصة لتكون أقرب للنجاح، وهي أن تعبر عن ضمير الأمة والكاتب، وتنتمي إلى بيئة الكاتب، وتبتعد ما أمكن عن الشعارات الجوفاء، وأن يأتِ الكاتب بما لم يأتِ أو ما لم يجرؤ أبناء جيله على الإتيان به".

وعن الساحة الأدبية من وجهة نظر (عبد الهادي قاشيط) يذكر: "الساحة الأدبية في سورية مثلها مثل أي ساحة أدبية في الوطن العربي، تحمل الكثير من التناقضات، هذه التناقضات تعكس طبيعة الشخصية العربية المبدعة ومن الطبيعي أن الساحة الأدبية تماماً كالساحة الرياضية والفنية وغيرها، فيها الحسن والأحسن وكذلك الرديء، لكن أبرز الظواهر في المشهد الثقافي التي يمكن الحديث عنها بإسهاب هي الغرور، بالإضافة إلى عدم إفساح المجال للأقلام الواعدة من قبل البعض أي إغلاق الطريق بوجه المستقبل".

ويختم القاص (قاشيط) حديثه فيقول: "أرى أن البقاء للكلمة المطبوعة، ولا خوف عليها من الكلمة الالكترونية، كما أرى أيضاً أن النقد الأدبي والصحافة الثقافية العربية في أفضل الحالات، وليس صحيحاً أن النقد مقصّر ولا يواكب الإبداع، وليس صحيحاً أن الناقد مبدع فاشل، وهذا الاعتقاد يشير إلى وجود أزمة ثقة من المبدع تجاه الناقد والعكس ليس صحيحاً، وفي الحقيقة إن من يقولون بقصور النقد والنقاد يقعون بتناقض صارخ، فمن جهة يتهمون النقد بالتقصير إن لم يتناول نصوصهم وأعمالهم، ومن جهة أخرى يهاجمونه ويقولون إن الناقد مبدع فاشل حين يسلط الضوء على بعض المطبات الأدبية في نصوصهم".