بهدوء تمضي يوميات الطبيب "يزن السرماني" في استقبال مرضاه من أبناء الأحياء الشعبية الفقيرة، حيث يقدم خدماته الطبية بأقل التكاليف الممكنة، ودون تحميلهم أعباءً مالية مبالغ بها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 29 أيلول 2020 عيادة طبيب الداخلية والقلبية "يزن السرماني" في حي "الفردوس" الشعبي بمدينة "حلب" واستمعت منه لسيرة حياته الطبية والمهنية، فقال: «جذوري تمتد لمدينة "خان شيخون" العائدة لمحافظة "إدلب"، ومنذ صغري كان هدفي وطموحي دراسة الطب البشري لخدمة الناس والمرضى، وكنت أطمح للوصول لمرتبة خالي الطبيب "مأمون السرماني" بشهرته الواسعة واختصاصه النادر بدراسة الخلايا الجذعية، وشكل هذا الاندفاع والحافز لدى والدي ووالدتي سعادة، وهما اللذان وعداني بتسخير كل الإمكانيات لتحقيق هذا الهدف.

بدأت علاقتي بالدكتور "يزن" عام 2016 من خلال دراستنا اختصاص الداخلية والقلبية معاً ولفت نظري هدوءه وقلّة كلامه مقابل صدقه وتفانيه لخدمة زملائه، وتشاركنا معاً في المناوبات الليلية والعمل معاً بالجمعيات الخيرية خلال فترة الحصار على مدينة "حلب" لتقديم كل مساعدة ممكنة للأهالي، بالمختصر هو إنسان وطبيب يستحق التقدير والاحترام

كان والدي ضابطاً طياراً وكنا دائماً في حالة تنقل وترحال من مدينة لأخرى حسب مكان خدمته، ولذلك درست الثانوية العامة في مدرسة "السعادة" بمدينة "دمشق"، ونجحت بتفوق وبمجموع قدره 235 درجةً منحتني مقعداً لدراسة كلية الطب بجامعة "حلب" بفارق علامة واحدة عن رغبتي الدراسة بجامعة "دمشق" إلى جانب إقامة أهلي، وكان هذا عام 2006، تخرجت من الكلية عام 2012، وقد أبهرت جداً بالمستوى العلمي والطبي لمدرسي كلية الطب بجامعة "حلب"، من خلال أسماء وقامات طبية مرموقة أمثال الدكاترة "رياض أصفري"، "بشير مبيض"، الطبيب الجراح "حسن كيالي"، "سيلوا اشخانيان"، وغيرهم، وفي المرحلة التي تلتها وبنتيجة المفاضلة درست اختصاص الداخلية والقلبية وهو اختصاص واسع وشامل يحتاج للتحليل والبحث المستمر وقصة سريرية ومناوبات بمشفى الجامعة، وتخرجت منه بعد دراسة استمرت خمس سنوات بدرجة جيد جداً كان ذلك عام 2017».

استعداد لمعالجة الكورونا

ويتابع: «خلال دراسة سنوات الاختصاص كانت خلالها الأحياء المحررة حديثاً في مدينة "حلب" بوضع صحي وطبي صعب وسيئ، لذلك وضعت نفسي بخدمة الأهالي من خلال التطوع بجمعية "التآلف" بمشروع المتطوعين للأعمال الخيرية، وكانت مهمتنا زيارة هذه الأحياء وتقديم الخدمات والعلاج الطبي لهم دون مقابل، وخلال تلك المرحلة تأثرت كثيراً بما كنت أشاهده من صور وحالات مؤلمة لأطفال وكبار السن وناس بسطاء لا يملكون شيئاً وهم بأشد الحاجة للمساعدة. ولم يقتصر عملي التطوعي على مكان واحد بل حرصت على الوجود في أغلب أماكن النازحين والمحتاجين في المخيمات والسكن الجامعي لتقديم العلاج والدواء، ورغم الجهد الذي كنت أبذله مع عدد كبير من الأطباء إلا أن السعادة وراحة الضمير كانت تغمرني.

بعد الانتهاء من دراسة الاختصاص فتحت عيادتي الخاصة في حي "الحمدانية" لفترة قصيرة، وكان بعدها قراري الذي حزمت عليه أمري بالعودة والانتقال من جديد للأحياء الشعبية الفقيرة، ونقلت عيادتي لحي "الصالحين" شرق "حلب"».

فحص شامل للمرضى داخل العيادة

وعن عمله الخاص يتابع القول: «الناس في هذه الأحياء الشعبية بسطاء، ونظراً لضعف حالتهم المادية يبتعدون عن مراجعة الطبيب، ونتيجة ذلك شجعتهم على زيارة العيادة وتبادلت الثقة معهم من خلال مساعدتهم ومد يد العون لهم، وأخذ مبلغ رمزي بسيط جداً للمعاينات، وإعفاء من ليست لديه القدرة على الدفع وتقديم الدواء المجاني ومساعدة من هو بحاجة لعمل جراحي لدى المشافي العامة والجمعيات الخيرية، وتقديم الرشد والنصح خاصة بعد جائحة "كورونا"، كما وضعت نفسي كطبيب جاهز للتعامل مع هذه الآفة الخطيرة في جميع الأوقات وعلى مدار أربع وعشرين ساعة بهاتف مفتوح، وهي مهمة إنسانية وطبية من صلب عملنا، ويجب التصدي لها وعدم الهروب منها لحين شفاء المرضى».

وأضاف: «ممارسة مهنة الطب والبحث العلمي تشغل أغلب أوقاتي، وعملي لا يتوقف حتى في أيام العطل والأعياد، وأنا دائم البحث عن شراء أفضل المعدات الطبية الحديثة التي تساعدني بكشف الحالات السريرية بشكل دقيق داخل عيادتي، ولم أفكر ولو للحظة بالسفر خارج القطر نهائياً رغم حصولي على منحة دراسية في "إيطاليا"، وكان شعاري خدمة أبناء بلدي أهم من كل المغريات، وأن مهنتنا إنسانية ووجدانية تتطلب منا الوقوف مع المرضى ضمن كل الظروف، وفي النهاية أنا سعيد جداً وضميري مرتاح من نتاج عملي رغم التعب والجهد الذي أبذله حتى على حساب واجباتي المنزلية أمام أبي وأمي وطفلي الوحيد وزوجتي الطبيبة، والهواية الوحيدة التي أحرص على ممارستها هي رياضة السباحة التي كنت فيها متفوقاً عندما كنت طالباً في مدينة "دمشق"».

أيام دراسة الاختصاص بمشفى الجامعة

الدكتور "يوسف إسماعيل" اختصاص قلبية قال: «تعرفت على الدكتور "يزن" خلال دراسة مرحلة اختصاص الداخلية رغم أنه كان يسبقني بسنوات الدراسة، ومستحيل أن تراه بحالة تشنج أو توتر، زادت وكبرت صداقتنا مع مرور الأيام، ووجدت فيه الإنسان والطبيب الهادئ الشغوف المحب للبحث العلمي، إضافة لحسن تعامله مع مراجعيه ومرضاه من أبناء الطبقة الفقيرة الذين أحبوه أيضاً، وهو لا يبالغ ولا ينظر للعامل المادي كثيراً بقدر ما يهمه صحة وعافية المرضى، وجاهز لتقديم الخدمة الطبية للجميع ليلاً ونهاراً دون تردد».

الدكتور "عماد الدين بيرم" قال: «بدأت علاقتي بالدكتور "يزن" عام 2016 من خلال دراستنا اختصاص الداخلية والقلبية معاً ولفت نظري هدوءه وقلّة كلامه مقابل صدقه وتفانيه لخدمة زملائه، وتشاركنا معاً في المناوبات الليلية والعمل معاً بالجمعيات الخيرية خلال فترة الحصار على مدينة "حلب" لتقديم كل مساعدة ممكنة للأهالي، بالمختصر هو إنسان وطبيب يستحق التقدير والاحترام».

الجدير بالذكر أنّ الدكتور "يزن السرماني" من مواليد "خان شيخون" عام 1988.