إلى جانب دراستها للغة العربية، نجحت "رومانس سعيد" في استثمار موهبتها الفنية التي ولدت لديها منذ الطفولة، وحوّلت جهدها وإبداعها إلى قيمة مادية من خلال الأعمال اليدوية المميزة واللوحات المتقنة التي تنجزها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 12 حزيران 2020 مع "رومانس سعيد" لتحدثنا عن تجربتها في استثمار موهبتها وتطويرها، حيث قالت: «ورثت موهبتي عن جدي الذي كان رسام بورتريه وكاريكاتير، وقد لاحظت عائلتي ومدرساتي الأرضية الخصبة التي استندت عليها للخوض في مجال الفن، وهنا بدأت الحكاية فقد كنت أحب الرسم والألوان كثيراً، وبدأت تتبلور الموهبة لدي عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي عام 2003، وبدأ مشواري بتمثيل مدرستي ومدينتي ضمن منظمة "الطلائع" في مجال الرسم، استمريت بالعمل على تطوير نفسي وتجربة كلّ الأنماط، وفي بداية الأمر استهواني نمط رسم الطبيعة الصامتة والتظليل بالفحم، وعملت على إنجاز الكثير من اللوحات ضمن هذا النمط، كما كان لي العديد من التجارب الجميلة في مجال الألوان التي أضفت على طريقة عملي شيئاً جديداً، كما كانت لي تجربة في مجال رسم (الثري دي)، ولاحقاً استقريت على نوع من أنواع الرسم وهو فن "الماندالا" الذي شدّني للتوسع في تفاصيله، فقمت بالبحث عنه بشكل كبير وتعمّقت في أسسه حتى ارتبط اسمي بهذا النوع من الرسم، وأصبح لدّي كم كبير من اللوحات لهذا النمط بالإضافة إلى لوحة جدارية قمت بإنجازها».

على الصعيد الشخصي فقد حقق لي هذا المشروع فائدة كبيرة، حيث تعرفت على عدد كبير من الفنانين وتبادلنا الخبرات، وقدمنا معاً ما استطعنا تقديمه من فائدة لمواهب بلدنا المبتدئة والشابة

وتكمل "رومانس" حديثها عن كيفية استثمار موهبتها لتحقيق الفائدة المادية، وعن مشاركاتها الفنية من خلال أعمالها، فقالت: «منذ عام 2018، بدأت بمشروعي الصغير الذي يتجسد في استثمار موهبتي وتحويل أعمالي إلى عمل حقيقي يحقق المنفعة المادية، واعتمد هذا المشروع على صنع القطع اليدوية المختلفة الأفكار والأشكال، وبحسب الطلب؛ حيث يقوم الزبائن بالتوصية عليها وشرائها حين إتمامي العمل عليها، وكانت نتيجة المشروع ملفتة وحققت ما أرجو منه، وكان هذا المشروع حجر أساس وسّع المجال أمامي لكي أعمل على العديد من الخامات الجديدة مثل الرسم على البورسلان، الخشب، الفخار، الزجاج والأحجار، وقد وُفقت في أعمالي هذه وأحب الناس ما أقدمه، وهو ما شجعني على تقديم المزيد والبحث عن كل جديد.

من لوحات الماندالا

أما فيما يخص مشاركاتي فقد شاركت بمعرض "سيدات حلب" منذ ستة أشهر، وقد جمع هذا المعرض عدداً كبيراً من النساء اللواتي يمتلكن مواهب، ولديهن مشاريع صغيرة، وكان الهدف منه تسليط الضوء على هذه المواهب وعلى القطع والأعمال التي ينجزنها، وتجسدت مشاركتي من خلال عدة لوحات وصناديق خشبية، وبعض الأعمال اليدوية المصنوعة من الفخار، وكذلك الأكواب والفناجين وعدة قطع أنجزتها بعجينة السيراميك، فضلاً عن فواصل الكتب وعدة أفكار أخرى، وشكل هذا المعرض دفعة معنوية كبيرة، وفرصة لتسليط الضوء على أعمالي ومشروعي، كما كانت لي مشاركة في مشروع لدعم المواهب السورية الشابة، من خلال التعريف بعدد كبير من الشباب المبدعين الذين لم يحصلوا على الفرصة، وذلك بنشر أعمالهم المميزة ضمن مجموعة على موقع "فيسبوك" تضم عدداً من الفنانين والإعلاميين ومهتمين في مجال الفن والرسم، كما عملنا على تجهيز لقاءات إعلامية لهم لتسليط الضوء عليهم أكثر، فضلاً عن الكورسات التعليمية التي عملنا على رفعها على المجموعة بشكل دوري ولكافة أنماط الفن، وذلك لتطوير موهبة المبتدئين وتنمية قدرتهم على تقديم المزيد».

وتتابع: «على الصعيد الشخصي فقد حقق لي هذا المشروع فائدة كبيرة، حيث تعرفت على عدد كبير من الفنانين وتبادلنا الخبرات، وقدمنا معاً ما استطعنا تقديمه من فائدة لمواهب بلدنا المبتدئة والشابة».

بعض الأعمال اليدوية

"محمد يمان غنام" مهندس عمارة داخلية وديكور، وفنان تشكيلي، قال: «"رومانس" شخصية جميلة وروح مرحة تتجسد من خلال أعمالها وإنتاجها الفني، فكما أنّ العينين منفذٌ لروح الإنسان، كذلك أعمال الفنان منفذٌ لروحه وصلة بشخصيته، وقد التمست الإبداع والجمال المميز والذوق الرفيع من خلال أعمالها الخلّاقة، سواءً اليدوية منها أو رسومات "الماندالا" التي أبدعت في إنجازها بكل احتراف، وبحكم موقعي كمحاضر بكلية الفنون والعمارة أرى أن موهبة هذه الشابة كالبذرة تحتاج لعناية وسقاية لكي تنمو وتزدهر وتثمر».

"مرهف المصري" رسام، وزميل "رومانس"، عنها قال: «هي من الرسامين المميزين جداً، وأنا شخصياً معجب بكل الأعمال التي تقدمها، وبشكل خاص "الماندالا" بسبب تميزها في هذا المجال واختصاصها به، رغم صعوبته حيث يحتاج إلى صبر ودقة عالية، إلا أنها تمكنت من احترافه، وتركت بصمة مميزة فيه، كما أنها تملك دائماً أفكاراً جديدة تجبر المشاهد على أن يتأمل لوحاتها لوقت طويل، فضلاً عن أعمالها اليدوية التي تحمل دوماً لمستها الخاصة التي أعدّها موهبةً ونمطاً آخر من الفن، والجمع بين الرسم والأعمال اليدوية والتوفيق بينهما إضافة للدراسة ليس أمراً سهلاً على أي شخص، وهو بحد ذاته إنجاز، واستثمار هذه المواهب في المنفعة المادية وتحويلها لعمل حقيقي هي خطوة مهمة جداً تحثُّ الفنان على تقديم المزيد من الإبداع والتميز على الدوام».

لوحة ثري دي

يذكر أنّ "رومانس سعيد" من مواليد "حلب" 1993، طالبة في السنة الرابعة بجامعة "حلب" - كلية اللغة العربية.