منحت كلية الهندسة المعارية بجامعة "حلب"- قسم نظريات وتاريخ العمارة، الطالب "محمود زين العابدين" يوم الخميس 4/11/2010م درجة الماجستير بتقدير امتياز وذلك عن بحثه الذي حمل عنوان "تقويم تجربة إعادة تأهيل بعض المباني التاريخية العثمانية في سورية بوظائف ثقافية- حالة التوظيف المتحفي- دراسة مقارنة".

وقد ضمت لجنة الحكم على الرسالة كلاً من الأستاذ الدكتور "علاء الدين لولح" مشرفاً "جامعة "حلب" والأستاذ الدكتور "محمد الحاكمي" عضواً "جامعة البعث" والدكتورة "لميس حربلي" عضواً "جامعة حلب".

أعتقد أن هذه الدراسة ستوجه أي عمل يتعلق باستخدام المباني التاريخية مستقبلاً وسوف تستفيد منها الإدارات المعنية بالدرجة الأولى وسيتفيد منها الطالب والباحث وستشكل إضافة كبيرة على البحث العملي ككل، ثم إن نشاط الطالب بحد ذاته هو من يجعل هذه الدراسة قيد التنفيذ أم لا، وأنا أتوقع منه المزيد في المرحلة المقبلة لأنه وكما عودنا عليه بنشاطه وحيويته وحركته الدؤوبة

eAleppo تابع مناقشة الرسالة والتقى بالطالب "محمود زين العابدين" ليحدثنا عما حمله معه في رسالته فقال: «مما لاشك أن الوظيفة الثقافية من أفضل الوظائف التي يمكن أن نوظف بها المباني التاريخية، وهي وظيفة متممة وملتصقة بالنشاط الإنساني، وتلبي احتياجات السكان، وقد استنتجت من خلال دراستي لهذا البحث، أنه من الصعب جداً تطويع الفراغ التقليدي بوظيفة متحفية، لأن شروط تصميم المتاحف غير متوفرة فيها، إضافة إلى وجود مشكلة حقيقية في توظيف المباني التاريخية السكنية بوظائف متحفية، وكان هناك لبعض التجارب انعكاسات سلبية على أصالة المدينة، وعلى الاستقرار السكاني فيها، مما سرّع في هجرة السكان من بيوتهم وأحيائهم السكنية.

المهندس محمود زين العابدين

وفي التجربة التي تعرضت لها في تأهيل بعض المباني العثمانية بوظائف متحفية، وجدت أن معظمها عبارة عن مبان سكنية، ومن خلال الدراسة الميدانية لتلك الحالات الدراسية، نصل إلى أنه يجب ألا نوظف المباني السكنية بوظائف متحفية، لوجود سلبيات كثيرة أشير إليها وبشكل مفصل في هذا البحث، ومن أهمها ضيق الفراغات المعمارية "الغرف" للمسكن، إذ تواجه المباني السكنية الموظفة متحفياً صعوبة في انسيابية حركة الزوار، إضافة إلى عدم تناسب حجم المعروضات مع الفراغ المعماري، ولا يقتصر هذا التناسب على الحجم فحسب، بل على موضوع المعروضات نفسها، ومنها أسلوب العرض المتحفي، وعدم تجاوب المكان مع أساليب العرض وطبيعة المعروضات لذلك يجب علينا أن نفتش عن برنامج للتوظيف الثقافي».

  • إلى ماذا توصلت في نتائجك؟
  • مع أعضاء لجنة الحكم

    **«استنتجنا بدراستنا هذه أن الحالة السكنية لا يمكن تطويعها بسهولة بوظائف ثقافية، ويجب أن نبحث عن وظيفة تتناسب مع وظيفة المسكن، كأن نوظفها بمتحف يعكس النمط الاجتماعي للحياة السكانية، ونتعرف من خلاله على الشكل المعيشي للعائلة، أو كأن يوظف على شكل متحف للطبخ، يعرّف بالمأكولات التقليدية، وبالأواني، أو بأي وظيفة لها صلة بالبيت العربي التقليدي، فمن غير الممكن قبول وظيفة متحفية للمساكن إلا في إطار يتناسب مع الوظيفة الأقرب لتصميمه الأساسي، أي إنه يعكس نمط معيشة الأسرة، ونرجح اللجوء إلى المباني الخدمية في عملية التوظيف الثقافي، لأنها أكثر استجابة للوظيفة المتحفية، فكما وجدنا من خلال دراستنا ومتابتعتنا لجميع الحالات الخدمية، بأنها المباني الخدمية تتميز باتساعها، ووجدنا بأنها من أنسب الحالات في عملية حجم المعروضات المتوفرة في المباني الخدمية، فالمبنى العام أكثر استجابة لتطويع فراغاته بوظائف متحفية. على أن تتم جميع هذه الأعمال مع الحفاظ على أصالة المبنى وعدم التعرض للتصميم الأصلي له».

    الدكتور "علاء الدين لولح" مشرف البحث منذ ولادته وحتى مناقشته يحدثنا عن أهمية موضوع الرسالة فقال: «أهمية الموضوع تكمن في كيفية التعامل مع التراث العمراني، وهذا التراث العمراني هو ثروة ثقافية في المقام الأول لكنه أيضاً ثروة مادية يجب استثمارها بما يخدم عملية التنمية المستدامة لمجتمع المدينة القديمة كون معظم أجزائها يتركز في هذا القسم، لذلك أتت فكرة إعادة توظيف هذه المباني بما يزود المدينة القديمة باحتياجاتها من المرافق العامة "الثقافية والاجتماعية والاقتصادية " وهذه الأجزاء مهمة لمجتمع المدينة ككل، وهذه الدراسة وضعت إطاراً علمياً لضبط عمليات إعادة التاهيل بحيث لا يؤثر إعادة استخدام هذه المباني التاريخية على الاستقرار السكاني للمدينة، فالوظيفة الثقافية في المدينة القديمة هي وظيفة مقبولة وضرورية لبناء الإنسان ثقافياً بالإضافة إلى بنائه اجتماعياً».

    من الحضور

    *برأيك هل ستأخذ هذه الرسالة حقها وتترجم على أرض الواقع؟

    ** «أعتقد أن هذه الدراسة ستوجه أي عمل يتعلق باستخدام المباني التاريخية مستقبلاً وسوف تستفيد منها الإدارات المعنية بالدرجة الأولى وسيتفيد منها الطالب والباحث وستشكل إضافة كبيرة على البحث العملي ككل، ثم إن نشاط الطالب بحد ذاته هو من يجعل هذه الدراسة قيد التنفيذ أم لا، وأنا أتوقع منه المزيد في المرحلة المقبلة لأنه وكما عودنا عليه بنشاطه وحيويته وحركته الدؤوبة».

    الأستاذ "أحمد رياض أزرق" الاستشاري في تخطيط المدن من مؤسسة سما العقارية يعتبر أن هذه الدراسة مجدية لحد كبير لكن جميع هذه الدراسات تحتاج إلى تشريعات مناسبة وملائمة لطبيعة الحال ، وعن هذا يضيف: «نحن نعيش بأزمة حقيقية من ناحية المباني التي أخذت صفة القدم أصاحبها غير قادرين على التصرف بها لأن التشريعات الحالية لا تساعدهم، فوجود تشريعات جيدة ومناسبة تجعل صاحب المبنى القديم يقوم بترميم ما يملكه بأسلوب قانوني ومدروس حينها يصبح المبنى مؤهلاً لاسغلاله بالشكل الأمثل، الدراسة التي قدمت جيدة جداً لكنها تحتاج إلى عمق كبير وغوص في تجربة الحالة، لكنها في الوقت ذاته فتحت أفاقاً جديدة ونوافذ للوصول إلى دراسات أكثر عمقاً وسنشاهد بالتأكيد في المرحلة المقبلة دراسات أخرى اعتمدت في مبناها على هذه التجربة».

    الجدير ذكره أن الطالب "محمود زين العابدين" من مواليد "حلب" عام /1968/م يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، من جامعة "يلدز" للتقنيـة بإسـتانبول /1994/م ، وحاصل على الدبلوم في نظريات وتاريخ العمارة من كلية الهندسة المعمارية "جامعة حلب" /2006/ م ، أسس مركز "شادروان" للتراث العمراني في "حلب" /2008/م والذي يشغل حيزاً كبيراً من أعماله في الفترة الحالية لاهتمامه بموضوع إحياء التراث العمراني والمحافظة عليه، صدر له ستة كتب صدرت بعدة لغات "عمارة المساجد العثمانية" و"جولة تاريخية في عمارة البيت العربي والبيت التركي"، "اسطنبول جسر الحضارات"، "البيوت ذات الفناء الداخلي"، "حلب عمارة المدينة القديمة"، "فضاءات من العمارة الإسلامية".

    شارك في الكثير من المؤتمرات الدولية والندوات العربية ونظم العديد من الأنشطة الثقافية والمعارض المتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي لكونها أحد اهتماماته.