نال الطالب "ياسر عبد الرحيم" درجة الدكتوراه في علم الجمال بتقدير امتياز وبعلامة قدرها /87/ درجة عن أطروحته المعنون: "الرؤيا الجمالية في فكر العقاد" والتي نوقشت على مدرج إيبلا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة "حلب" يوم الخميس 20/5/2010.

تألفت لجنة الحكم من السادة الأساتذة: الأستاذ الدكتور "فؤاد المرعي" عضواً من "جامعة حلب"، والأستاذ الدكتور "أحمد زياد محبك" عضواً من "جامعة حلب"، والأستاذ الدكتور "حسين الصديق" مشرفاً من "جامعة حلب"، والأستاذة الدكتورة "ماجدة حمود" عضواً من "جامعة دمشق"، والدكتور "مصلح النجار" عضواً من "الجامعة الهاشمية في الأردن".

دراسة "العقاد صعبة" ومما يحمد للباحث "ياسر" أنه استطاع فهم "العقاد" ودراسة نتاجه الجمالي، وهي دراسة صعبة وشاقة في آن معا، وهناك بعض الأخطاء التي وقع بها الباحث وهي طبيعية، ولا تمس جوهر البحث، فما يحمد للباحث لغته الجيدة واستيعابه لما يكتب

eAleppo حضر جلسة المناقشة والتقى بالدكتور "فؤاد المرعي" من لجنة التحكيم حدثنا عن رأيه فيما قدمه الباحث "ياسر عبد الرحيم" بالأطروحة فقال: «أتفق مع كثير من الأفكار التي وردت في الرسالة لكني أختلف مع أفكار أخرى، وموضوع الغوص في الرؤيا الجمالية في أطروحات الدكتوراه فكرة رائعة وغير مطروقة من ذي قبل، والجهد المبذول من قبل "ياسر" كان واضحاً ومتميزاً لكن هذا لا يغني عن الاختلاف، وقد برزت شخصية الباحث "ياسر عبد الرحيم "من خلال دفاعه عن بعض الأفكار والحق أننا كنا نفتقد لمثل شخصية الباحث "ياسر" في كثير من أطروحات سابقة».

الدكتور حسين الصديق المشرف على الرسالة

من جانب آخر قال الأستاذ الدكتور "أحمد زياد محبك": «البحث يدور حول علم من أعلام الثقافة العربية هو "عباس محمود العقاد"، وهو بحث جريء تقدم به الباحث "ياسر عبد الرحيم"، وخاض تجربة دراسة الأفكار الجمالية عند العقاد، والباحث متمكن من بحثه وواع لما يكتب، وبحثه استوفى الرؤيا الجمالية في فكر العقاد ولم يخلُ من بعض الأخطاء في الأحكام التي أطلقها عن "العقاد" والتي خطّأ بها "العقاد"، ونحن نوافقه في بعضها ونخالفه في بعضها الآخر».

بينما قالت الأستاذة الدكتورة "ماجدة حمود": «دراسة "العقاد صعبة" ومما يحمد للباحث "ياسر" أنه استطاع فهم "العقاد" ودراسة نتاجه الجمالي، وهي دراسة صعبة وشاقة في آن معا، وهناك بعض الأخطاء التي وقع بها الباحث وهي طبيعية، ولا تمس جوهر البحث، فما يحمد للباحث لغته الجيدة واستيعابه لما يكتب».

الدكتور أحمد زياد محبك والدكتور فؤاد المرعي

أما الدكتور "مصلح النجار" من الجامعة "الهاشمية" في الأردن" حدثنا عما اتفق مع البحث وما اختلف معه فقال: «أنا مطلع بشكل كبير جداً على المشهد الأكاديمي على مستوى الدراسة الأكاديمية لأقسام اللغة العربية في معظم أنحاء الوطن العربي، وأطروحة اليوم لديها سوية أعلى مما قدم وشاهدنا وناقشنا، لمسنا الجرأة في الطرح وتقديم الفكرة، وبقليل من التنقيح وبعض اللمسات الإضافية سيكون لهذه الدراسة مكانتها الكبيرة التي سيتخذ بها ضمن إطار الدراسات الجمالية العربية عموماً، أتفق مع ما قدم من طرح في مسألة الأحكام الصارمة والتي برز تشدده في إطلاقها سواء أكان في حالة الإعجاب أم المخالفة على الرغم من ميلي لأسلوب "العقاد" وأفكاره لكني لا أميل إلى تطرفه وهذا ما تأثرت به الأطروحة.

بالمحصلة القارئ العربي سيكون مسروراً بما قدم له من دراسات أكاديمية في هذا الجانب لأن الدراسة الأكاديمية في الغالب سويتها أعلى بكثير مما يقدم من دراسات عشوائية».

الدكتورة ماجدة حمود والدكتور مصلح النجار

من جهته حدثنا الدكتور "حسين الصديق" المشرف على أطروحة الدكتوراه المقدمة عن رأيه في هذه الأطروحة من حيث النوعية واختيارها لمجال البحث والمناقشة فقال: «الأطروحة رائدة في مجالها بمعنى أنها الأولى من نوعها، فهي أول أطروحة دكتوراه في الرؤيا الجمالية في الأدب الحديث، واستطاع أن يكون باحثها "ياسرعبد الرحيم" صاحب اختصاص سلفاً هو إنجاز له باعتبارها خطوة أولى بالنسبة إليه حتى يكمل بها مسيرته، على الرغم ما قيل من قبل لجنة التحكيم إلا أن الإيجابيات لم تذكر إلا في إطارها العام فقط وهذا متعارف عليه في مناقشة أطروحات الدكتوراه والماجستير عموماً».

الباحث "ياسر عبد الرحيم" حدثنا عن بحثه قائلاً: «"عباس محمود العقاد" ذو ثقافة موسوعية، ومؤلفاته تمثل ثقافة عصره، ويمكن عدّها وثيقة تحتوي على صورة عريضة للحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية التي شهدها عصره، فقد اشتغل بالأدب والفلسفة والاجتماع والنقد والتاريخ والسياسة والتراجم، وامتازت كتاباته بالبحث والتحليل والدقة، وهو متنوع الثقافة بين الأصالة والتجديد، فقامت مؤلفاته على استيعاب الثقافة العربية والغربية معاً، ومن هنا فإنَّ دراسة الرؤيا الجمالية لديه يمكن عدّها صورة عن هذا الفكر الجمالي العربي، فأفكاره الجمالية لا تمثل رؤيته الفردية فقط، وإنَّما تمثل أبرز المفاهيم الجمالية التي يمكن رصدها في ذلك العصر.

إذ أنَّ الفكر الجمالي عند الفرد جزءٌ من الفكر الجمالي السائد في المجتمع، والعلاقة بينهما جدلية قائمة على التأثر والتأثير، ومهمة علم الجمال دراسة انعكاسات الواقع الاجتماعي وتطوراته في الفن، ورصد الوعي الاجتماعي وأسسه الجمالية من خلال الأعمال الفنية، والعمل على تطوير ذلك الوعي وإشاعته بين أفراد المجتمع لإغناء الشخصية الإنسانية وتحسين علاقاتها بالواقع.

لقد اهتمت هذه الأطروحة بالفكر الجمالي عند "العقاد"، وهذا ما ميّزها من باقي الدراسات التي اهتمت "بالعقاد"، وهي دراسات تأريخية تناولت مواقفه النقدية، والمعارك الأدبية، وجوانب من شخصيته، وترجمة حياته، ووصف مؤلفاته وتصنيفها. على حين أنَّ الجانب الجمالي لديه لم يُدْرَس دراسة علمية تساعد على صياغة فكره الجمالي بصورة متكاملة، والإشارة إلى بعض النصوص الجمالية لديه في تلك الدراسات لا تشكل هذه الصورة ولا تحدد موقعه في الفكر الجمالي المعاصر، وكانت أقرب إلى ميدان النقد منها إلى ميدان علم الجمال، وهذا ما حاولت هذه الدراسة تلافيه».

*ماذا عن منهج البحث؟

** رصدت هذه الدراسة ظاهرة من ظواهر علم الجمال، وهي الرؤيا الجمالية؛ واقتصرت على دراسة النصوص النثرية في فكر العقاد، وقامت على منهج معرفي هو المنهج الثقافي الاجتماعي الذي يدرس الظاهرة الجمالية انطلاقاً من أصولها الثقافية الاجتماعية التي أنتجتها وأثَّرت فيها، وعملت على تحقيقه من خلال منهج إجرائي يعتمد على جمع النصوص الجمالية والأفكار الفلسفية المتعلقة بها من مصادرها التي بلغ عدد صفحاتها أكثر من خمس وعشرين ألف صفحة مما كتب العقاد، ومن ثمّ تصنيف تلك النصوص المنتقاة ودراستها دراسة تحليلية ثقافية اجتماعية في ضوء علم الجمال، وقد كان من أهم المشاكل التي اعترضت هذه الدراسة عدم وجود نموذج يحتذى في مثل هذه الدراسات الجمالية العربية المعاصرة التي تنطلق من البنى الثقافية الاجتماعية ضمن الواقع الاجتماعي، وكثرة مؤلفات العقاد التي تجاوزت مئة كتاب في مواضيع عدة، ومن أهم النتائج التي توصل إليها البحث هي أنَّ البنية الأساسية التي تثبت أصالة الرؤيا الجمالية في فكر العقاد هي المعرفة التي انطلق العقاد منها إلى مفهومي الجمال والأدب، فالمعرفة لا يمكن تجاهلها أو الغض من شأنها، إضافة إلى واقعه الاجتماعي الثقافي الذي كوّن تلك الرؤيا، وقد جاءت آراء "العقاد" في مفهومي الجمال والأدب نظرات غربية في رداء إسلامي، فقد أخذ العقاد من الثقافة الغربية الجديدة الوافدة واستوعبها، وفي الوقت نفسه حافظ على الثقافة العربية (العالمة) وجمع بينهما في رؤيا معرفية وعت حقيقة الماضي ولم تستخفَّ به، كما وعت حقيقة الحاضر ولم تغفل عنه، وبذا اكتسب قيمة موضوعية حددت رؤيته الجمالية للواقع الثقافي الاجتماعي، فبقدر ما يعي المبدع الواقع تكون رؤاه أكثر وضوحاً، وبديهي أنَّ إقامة التوازن بين الأصالة والمعاصرة يجعل العمل الفني معبراً عن الواقع الذي يصدر عنه، لأنَّه يعبّر عن هموم وقضايا تهمُّ الثقافة الاجتماعية، وبذلك يبدو منسجماً مع هذه الثقافة.

الجدير ذكره أن الباحث "عبد الرحيم" تخصص في علم الجمال في مرحلة الماجستير فقدم أطروحة في هذا التخصص عنوانها "الرؤيا الجمالية عند الرافعي" ونال عليها درجة امتياز سنة 2001، وتابع في التخصص ذاته فنال الدكتوراه في علم الجمال بدرجة امتياز أيضاً، وهو عضو في اتحاد الصحفيي، كما له العديد من الدراسات والبحوث المنشورة في عدد من الدوريات المحلية والعربية.