عندما نجول بنظرة سريعة على الأسماء التي ولدت مسرحيا على خشبة جامعة "حلب"، نيقن وقتها القيمة الفنية لهذه الخشبة والتي يزيد عمرها عن آلاف العروض والتي لا تزال تتوالد حتى اليوم، ومن لا يدخل ليتنفس هواء الكوادر العاملة هناك لن يستطيع الإجابة عن سؤال, هل خشبة الجامعة مسرح أم قطعة من الخشب السميك؟

eAleppo حلّ ضيفا على عدد من المواهب والتي وقفت يوما -وربما لاتزال إلى الآن- أمام متابعي المسرح الجامعي، وأولها "نور السيد" وهو طالب في كلية "الهندسة الميكانيكية" وله تجارب كثيرة كانت بدايتها مع "رصاصات" و"من هو الميت" وغيرها، حيث يقول عن المسرح وما يعنيه للشاب في مرحلة الجامعة: «عندما نقول مسرح، فهذه الكلمة التي تختصر الكثير من الفن والحب والحرية، فنحن نعبر عن كلمة تختصر الكثير من المعاني وخاصة عندما يرتبط الموضوع بالشباب الجامعي وما يملكه من مقومات النشاط والحركة والنجاح، فالمسرح عموما والجامعي خاصة فسحة تستطيع من خلالها أن تتقمص شخصيات أنت في واقعك لا تستطيع أن تعيشها، بمعنى آخر الخروج عن المألوف في هذه الحياة الروتينية التي نعيشها، ولعب أدوار-لا أبالغ إن قلت- بأنها خالدة في الذاكرة أكثر من أي مواقف حياتية تمر بنا يوميا».

كانت البداية مع تجربة دخلناها وكلنا أمل أن تضيف شيئا إلى حياتنا وهي بالفعل كانت كذلك، ولكن بالمقابل تركت الكثير من الأسى على خشبة تعلقنا بها كثيرا، ووددنا لو كانت الظروف مواتية أكثر حتى نبقى على ارتباط بها، وللأسف أخذت قراري بالابتعاد عنها، حيث كان هذا القرار عندما كنت طالبا، وكان من الممكن وقتها أن أعود مع بذل الكثير من التضحيات، ولكن إذا كان للطالب طريق وعر إلى مسرح "جامعة حلب"، فالطريق أمام المتزوج مسدود أو غير موجود حتى

هذه هي نظرة شاب ممثل لما يعنيه المسرح له ولشريحة كبيرة تبذل الوقت والجهد للتعبير عما يجول في داخلها، ولكن ربما كان لـ"أحمد الصالح" رأي آخر وهذا الأخير خريج "معهد السكك الحديدية" وله أعمال أيضا تمتد إلى أكثر من ستة أعوام مثل "نعم مع وقف التنفيذ" حيث كان له رأي آخر: «من منّا لا يعرف أنّ المسرح في "سورية" عموما بحاجة إلى إسعافات سريعة لأنّه وصل إلى مرحلة حرجة باستثناء بعض التجارب الفردية المبدعة والتي تبعث الحياة في خشبتنا، فكيف بالمسرح الجامعي، والطلاب المرتبطين به وما يعانونه من مشاكل اقتصادية واجتماعية ودراسية، حتى باتت الخشبة خيارا لا يمكن أن يرتبط مع إكمال التحصيل العلمي، فإما أن تكون طالبا مستقرا في دراستك، أو أن تكون فاشلا دراسيا واقتصاديا، مقابل "صفقة" تحصل عليها في نهاية عرض مسرحي لا يتجاوز الساعتين، عانيت أنت حتى أوجدته شهورا طوال، وإذا أردنا أن نقول ممن نعاني فالمأساة أننا نعاني من القائمين على دعم المسرح الجامعي، كلّ تلك المشاكل -والتي لا تزال إلى اليوم- دفعتني إلى اعتزال الخشبة الجامعية إلى دون رجعة».

"نور" و"مضر" في "من هو الميت"

وبالعودة إلى أشخاص لا تزال أقدامهم تلامس خشبة "جامعة حلب" وهو "مضر رمضان" ليفتح ما في جعبته من أزمات تتكرر في المسرح الجامعي وخاصة فيما يتعلق بالدعم الغير موجود والذي يقدمه المسرح الجامعي للمواهب الشابة: «بصراحة لا يقدم المسرح الجامعي في حلب للهواة أي شيء سوى الظهور على الخشبة الجامعية التي ليس لها أن تدعى خشبة، لفقدان الكثير من المعدات الواجب توافرها من جهة، ومن جهة أخرى لا يقدم هذا الظهور أي استفادة حقيقية للموهوب أو المحترف لأنها دائما ما تكون على نطاق ضيق ولا تتجاوز سور الجامعة، لكن ربما العام الماضي كان فيه قطرة غيث عبر المهرجان الفرعي الذي قدم عددا من الفرق الجيدة، وقدمها بصورة مباشرة للساحة الفنية، فإن استمر هذا المهرجان قد يكون هناك نهضة فعلية للمسرح الجامعي والذي يعتبر ممر مشاة أكثر من كونه قاعدة انطلاق، وإذا أردت إفراد تجربتي الخاصة لعرض بعض المعضلات، حيث أنّه فنيا قدم المسرح الجامعي لمضر رمضان فرصة للظهور والاحتكاك إلى حدٍ ما، لكن تلك الفرصة لم تكن لتكبر لولا الجهود الفردية، فكثيرون هم الذين عملوا بجهد كبير في إطار المسرح الجامعي وغابوا في رمشة عين، أما عمليا فقد أثرّ المسرح لجامعي على حياتي بشكل سلبي، وذلك بسبب فقدان الإدارة المسؤولة عن الكوادر العاملة في المسرح الجامعي فكثيرا ما نضطر لدفع مبالغ من جيوبنا الخاصة وإضاعة أوقات طويلة بحثا عن مكان للتدريب فيه أو عن كوادر "ترضخ" للعمل في المسرح، لكن بعد انطلاقة المهرجان أصبحنا نرى استجابات جيدة إلى حد ما لكنها مازالت تحتاج للحماية ولتأمين الحقوق اللازمة للكوادر على أنها حق وليست صدقة».

وفي النهاية لا بد أن نكون مع أحد الوجوه والتي ظهرت لفترة لم تتجاوز العملين، ثم غابت لأسباب باتت واضحة للجميع ولكن "الغصة" أنّه وبشهادة كثيرين كان موهبة يفترض أن تكمل طريقها، وهو "عماد ياسين": «كانت البداية مع تجربة دخلناها وكلنا أمل أن تضيف شيئا إلى حياتنا وهي بالفعل كانت كذلك، ولكن بالمقابل تركت الكثير من الأسى على خشبة تعلقنا بها كثيرا، ووددنا لو كانت الظروف مواتية أكثر حتى نبقى على ارتباط بها، وللأسف أخذت قراري بالابتعاد عنها، حيث كان هذا القرار عندما كنت طالبا، وكان من الممكن وقتها أن أعود مع بذل الكثير من التضحيات، ولكن إذا كان للطالب طريق وعر إلى مسرح "جامعة حلب"، فالطريق أمام المتزوج مسدود أو غير موجود حتى».

"أحمد الصالح" في "رصاصات"
"عماد ياسين" في "رصاصات"