تميزت الندوة الدولية الخامسة التي أقامها المعهد العالي للغات في جامعة حلب ومنظمة "اليونسكو" بمستوى عال من المحاضرات والموضوعات المتعلقة بقضايا تعليم اللغة ومحاولة طرح الحلول لها.

eAleppo كانت حاضرة في هذه الندوة ورصدت عدة لقاءات, منها مع الدكتور "أحمد سعدي" من الجزائر الذي قدم بحثاً بعنوان: "الترجمة و التنمية اللغوية, وذهب فيه إلى أن تعليمية اللغات عملية تعتمد على اللغة الأم أو اللغة التي يمتلكها المتكلم مسبقاً لتحصل على التفعيل المطلوب والفهم السريع للوحدات المعجمية الجديدة المراد نقلها إلى المتعلم، وينبغي أن يكون المعلم مترجماً ويقدم تمارين في الترجمة تليق بمستوى المتعلمين".

وقال: "إن الترجمة وسيلة بيداغوجية من أهم الوسائل التي يرغب المتعلم في استعمالها ولا أفهم أية بيداغوجية تمنع المعلم من استعمال الترجمة التأويلية أو التبسيطية، إذا كان معلم الفرنسية أو الإنجليزية يشكو من عدم الفهم عند التلاميذ والتلاميذ بدورهم يشكون من عدم التفهيم عنده والترجمة تحل مشكلة الطرفين، وإذا بقي المعلم متمسكاً بأحاديته ويطلب من المتعلم أن يفهمه بمجهوده الذاتي فإن هذا المعلم قد يضيع سنوات طويلة ويعقد عملية تعليم اللغة لغير الناطقين بها... وسواء اعتبرت الترجمة فناً أو علماً أو كليهما معاً فهي تبدو قديمة قدم الإنسان على وجه البسيطة، ومن ثم قد تعني فهم القصد بوسيلة أو بأخرى عندما لا تتوفر لغة مشتركة بين المرسل والمتلقي".

كما التقينا الدكتور "عبد الحق بلعابد" أستاذ اللسانيات والترجمة- قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الجزائر سألناه عن مداخلته التي حملت عنوان: «شبكات القراءة» فقال: "إن ما وصلنا إليه اليوم من أزمة في الخطاب التعليمي والتربوي لدافع إلى أن نشحذ الهمم المعرفية والبحثية، لكي نضع طرائق علمية، تكون عونا للعالم، ومنهاجا للمتعلم، لأنهما مدارا العلم وقطبا الفهم في الدراسات الديداكتيكية الآن، لنجدد من طرائقنا التعلمية، وكيفية معالجة النصوص المقدمة للطالب/ القارئ. ومن بين هذه الطرائق التعليمية نجد شبكة القراءة، كقراءة منهجية، التي تعد من البدائل الديداكتيكية لتبليغ وتحليل النص الأدبي- وغير الأدبي – الذي مازلنا نحلله تحليلا كلاسيكيا يخلو من وعي علمي ومنهجي لمستويات التبليغ اللغوي لدى الأستاذ والطالب على حد سواء, لهذا نحن بصدد اقتراح هذه الطريقة البديلة، المتمثلة في شبكة القراءة، التي تعي بخطواتها الإجرائية، وبإستراتيجيتها التأويلية، وتحديداتها المفاهيمية، مستفيدة بذلك من كل الطروحات النقدية الأدبية- وغير الأدبية- المعاصرة".

كما التقينا الدكتور محمد الأمين خلادي أستاذ اللغة العربية كلية الآداب والعلوم الإنسانية الجامعة الإفريقية العقيد أحمد دراية، أدرار، الجزائر. وسألناه عن مداخلته التي حملت عنوان: فاعلية الانسجام في الخطاب اللساني- سياقة المصطلح اللساني الحديث ومناعة التلقي– فقال: "إن موضوع المصطلح اللساني الحديث يُعدّ محور في كل دراسة نقدية، أدبية كانت أم لغوية أم فنية أم جمالية...؛ ذلك لأنه متعلق بالحقائق التالية: حقيقة كون اللغة المفتاحُ لكل الحقول العلمية والمعرفية والفنية، ثم حقيقة العنوان العام للمؤتمر؛ إذ اللغة والألسنية هي الجسر الموصل لاستيعاب العلوم الإنسانية المعاصرة والقديمة أيضا، ثم حقيقة الترجمة واللغات الأجنبية موازاة مع العربية، لأن المقارنة أضحت ضرورة علمية منهجية في التعامل مع الآخر".

أما الدكتور فؤاد عبد المطلب من جامعة البعث, فحدثنا عن بحثه الذي حمل عنوان: نظرات حول اكتساب اللغة الإنكليزية وأثره في اللغة العربية, قائلا: " تعد اللغة الأجنبية وسيلة لا غنى عنها في تنمية اللغة القومية وذلك عن طريق تعلمها وفهمها وترجمتها. وأقدر الناس على إدراك هذه الحقيقة هو الشخص الذي يتقن لغة أجنبية إذ يحس أنه قادر على التواصل مع أهلها والتعامل معهم بالصورة المطلوبة. وقد لا يشعر الشخص الذي لم يتعلم لغة أجنبية في حياته بوجود أناس يختلفون عنه في أسلوب حياتهم وتفكيرهم. صحيح أن معرفة لغة أجنبية، سواء أكانت هذه المعرفة دقيقة أم عامة، لا يترتب عليها بالضرورة خلق شعور ود وتفاهم مع أهل هذه اللغة. بيد أن تعلم اللغة ينمي مشاعر الود وروح التفاهم إن وجدت بذورها، كما قد توجد حالات تساعد فيها دراسة اللغة على خلق رغبة في التفاهم، ووضع حد لسوء الفهم. فإذا أردنا أن نُعدّ تلاميذنا للحياة في عالم اليوم وجب علينا أن ننهض بتدريس اللغات بوصفها وسيلة للتواصل أولاً. ويتطلب ذلك دائماً إعادة النظر في قضايا مثل: الأسس النفسية والاجتماعية لتعلم اللغة، وطرق تدريس اللغات، والمواد التي تستخدم في تدريسها، واستخدام الوسائل السمعية والبصرية، والطرق الصحيحة الثابتة لقياس نتائج التدريس وتقويمها، وتدريب المعلمين الأكْفَاء".

وتطرق الدكتور "وليد محمد السراقبي" من جامعة البعث إلى موضوع: «تعليم اللغة العربية لغير الناطقين لها قضايا وحلول» قال: " إنّ تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينبغي أن يستفيد من المناهج النفسية والسلوكية والمعرفية في دراسة اللغة، إلا أن أهم الأسس التي يمكن اعتمادها في ذلك هو الطريقة التواصلية الوظيفية، لأن التواصل هو الهدف النهائي لتعلّم اللغة الثانية وتعليمها. فإذا كانت النظريات الأخرى لها الهدف الأخير نفسه، فإن الطريقة التواصلية غير استراتيجية النظر إلى اللغة ذاتها، وطريقة وصفها، وأساليب التعلّم والتعليم، ومحتوى التعليم أيضاً. وهذه الطريقة "لا تفترض طريقة واحدة للتعليم... لكن الطريقة التواصلية تتمحور حول الطالب وليس حول المعلم، وبعبارة أخرى فإن هذه الطريقة طريقة مرنة تتيح للمتعلم أن يقوم بمختلف الأدوار".

وفي الختام كان لـ eAleppo حديثا مع الدكتور "صالح الخطيب" عميد المعهد العالي للغات بجامعة حلب الذي حدثنا عن التوصيات التي خرج بها المؤتمرون, فعددها قائلا: " أولا: توجيه كلمة شكر وتقدير للسيد رئيس الجمهورية الدكتور "بشار الأسد" راعي العلم، ثانيا: توجيه برقية شكر وتقدير للسيد الأستاذ الدكتور "غياث بركات" وزير التعليم العالي على رعايته الكريمة لندوة تعليم اللغات: قضايا وحلول، ثالثا: تجميع البحوث المقدمة إلى هذه الندوة على قرص مضغوط بعنوان الندوة الدولية الخامسة: «تعليم اللغات قضايا وحلول 2008 ». رابعا: تعزيز المنهج المقارن في تعليم اللغات، خامساً: إحداث مجلة علمية محكَّمة متخصّصة بتعليم اللغات، سادساً: إحداث وحدة مهنية متخصّصة بالترجمة تابعة لمكتب ممارسة المهنة في المعهد العالي للغات، سابعا: إعادة تدريس اللغة العربية لغير لمختصين في الكليات والمعاهد انسجاماً مع قرار تمكين اللغة العربية مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تأليف المقررات وفق مناهج حديثة ومتطورة تقدم المادة العلمية بأسلوب عصري يحبّب اللغة إلى الطلبة، ثامنا: اقتراح الموافقة على تأسيس جمعية دولية لمدرسي اللغات لغير المختصين ".

وعقب إعلان هذه التوصيات وزعت الشهادات على المشاركين في هذه الندوة الدولية.