نوقشت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها الباحثة زهرة الشيخ عبود وعنوانها التحليل النحوي للآيات الكريمة حتى نهاية القرن الثاني الهجري, بتاريخ 1722008 وكانت بإشراف الأستاذ الدكتور مصطفى جطل من جامعة حلب وعضوية كل من الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الأقطش من جامعة اليرموك والأستاذ الدكتور محمد فلفل من جامعة البعث والأستاذ الدكتور محمد موعد من جامعة دمشق والأستاذ الدكتور ظافر يوسف من جامعة حلب.

وجاءت الرسالة في تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.

فأمّا التمهيد فقد تناول أثر القرآن الكريم في نشأة التحليل النحويّ، حيث درست الباحثة فيه أثر القرآن الكريم في نشأة علم النحو، وارتباط البدايات الأولى له باللحن في قراءة القرآن الكريم، وعرّفت التحليل النحويّ، وميّزته من علم النحو. ثمّ درست التحليل النحويّ والقرآن الكريم، وقـد تبيّن لباحثة أنّ للقرآن الكريم دوراً هامّاً وأساسيّاً في نشأة علم النحو والتحليل النحويّ، وأنّ التحليل النحويّ قد كان سابقاً للقواعد النحويّة في الظهور.

وتناول الفصل الأوّل أصول التحليل النحويّ، فقدّمت الباحثة لتلك الأصول بدراسة عرّفت بمصطلح أصول التحليل النحويّ، وميّزته من مصطلح أصول علم النحو، وغيره من المصطلحات التي قد تلتبس به، ممّا كان شائعاً في الدراسات المتقدّمة والحديثة. وانتقلت بعد ذلك إلى دراسة أصول التحليل النحويّ، فعرضت آراء النحاة والدارسين قديماً وحديثاً في العلوم والمعارف التي يجب على المحلّل النحويّ معرفتها، والتي عددناها أصولاً لهذا التحليل، ثمّ عرضنا الأصول التي اعتمد عليها النحاة في تحليلهم النحويّ للآيات الكريمة،وهي خمسة أصول أولّها معرفة قواعد النحو، الذي درست الباحثة فيه أثر معرفة القواعد في اختيار الوجه النحويّ في التحليل، وفي رفض هذا الوجه، وفي تعدّد الأوجه، وفي التأويل والتعليل في التحليل. وثانيها معرفة المعنى، الذي درست فيه المعنى وبيّنّا أثره مفرداً وعامّاً في التحليل النحويّ، وفي تعدّد أوجه التحليل، وفي رفض وجه نحويّ. وختمت هذه الفقرة بدراسة التفسير والسياق القرآنيّ وأثرهما في التحليل، وأثر المعنى في التأويل والتعليل في التحليل كذلك.

وثالث أصول التحليل النحويّ الذي درست فيه هو أصول علم النحو، وهي القياس، والاحتجاج والاستشهاد، والتأويل وأساليبه، والتعليل وأنواع العلل، والأصل الرابع هو علوم القرآن والدين، التي درست فيها أثر معرفة كلٍّ من القراءات القرآنيّة، ورسم المصحف، والوقف والابتداء، وأسباب النزول، والمعارف العامّة، والفقه وأحكام التشريع في التحليل النحويّ للآيات الكريمة. وآخر هذه الأصول كان علوم اللغة العربيّة، التي تشمل علم الصرف، ولغات العرب ولهجاتهم، والمعنى المعجميّ، ومعاني الأدوات، وعلوم البلاغة.

أما الفصل الثاني فتناول دراسة أدلّة التحليل النحويّ وقرائنه، وقد انقسم على أربعة أقسام، درست في الأوّل منها الأدلّة والقرائن لغة واصطلاحاً. وفي الثاني تحدّثت عن الأدلّة والقرائن اللفظيّة التي اعتمد عليها في التحليل النحويّ للآيات الكريمة، وهي العلامة الإعرابيّة، والرتبة، والصيغة الصرفيّة، والمطابقة، والربط، والتضامّ، والعوامل اللفظيّة، والنغمة. واختصّ القسم الثالث منها بدراسة الأدلّة والقرائن المعنويّة. وآخر الأقسام تناول تضافر الأدلّة والقرائن في التحليل النحويّ، حيث عرضت فيه آراء الباحثين في تضافر القرائن، ولاسيّما تمّام حسّان، ومن ثمّ تحدّثت عمّا جاء في مصادر البحث من تضافر القرائن.

وأفرد الفصل الثالث للنقد والتقويم، حيث تناولت الباحثة فيه عمل النحويّين في التحليل النحويّ للآيات الكريمة بالدراسة والنقد والتحليل، وذلك من جانبين، يرتبط أحدهما بالعلاقة ما بين التحليل والقواعد، فكان عنوانه التحليل والتقعيد. ويرتبط الآخر بالعلاقة ما بين التحليل والتفسير ومعرفة المعنى، فكان عنوانه التحليل والتفسير.

وجاء التحـليل والتفسير، في ثلاثة أقسـام تناولت التحليل والمعنى، والتحـليل

والمذاهب الدينيّة والفكريّة، والتحليل وعناصر التفسير الأخرى. فأمّا التحليل والمعنى فقد عرضت فيه الآراء التي تناولت الصلة ما بين النحو والمعنى، ولاسيّما تلك التي يرى فيها أصحابها أنّ للنحو عامّة، وللتحليل النحويّ أو الإعراب خاصّة، دوراً هامّاً في إيضاح المعنى وتفسيره وشرحه، وعلى رأس هؤلاء عبد القاهر الجرجانيّ، وقد بيّنّت أنّ للتحليل دوراً هامّاً في تفسير الآيات الكريمة المحلّلة من جهة، وأنّ معنى هذه الآيات له أثر كبير في معرفة الوظيفة التركيبيّة الصحيحة من جهة أخرى. حيث درست فيه التحليل وأثره في المعنى، وأثر المعنى في التحليل.

وأمّا التحليل والمذاهب النحويّة والفكريّة فقد تبيّن للباحثة، بعد البحث فيها ودراسة أثرها في التحليل النحويّ، وأثر التحليل النحويّ فيها، أنّ هذه المذاهب لم يكن يظهر أثرها في التحليل، وأنّ ذلك سببه ما كان يلقاه النحويّ خاصّة، وأصحاب هذه المذاهب عامّة، من ذمّ وتعنيف وتجريح وتضييق منعهم من عرض آرائهم تلك على العامّة، وأنّ أثر هذه المذاهب ظلّ، في أغلب الأحيان، محصوراً في المنهج، ولم يكن يجرؤ أصحابه على الولوج به إلى باب التفسير والتأويل، ومعرفة معنى الآيات الكريمة.

وآخر الجوانب التي تناولت الباحثة فيها التحليل والتفسير بالنقد هو التحليل وعناصر التفسير الأخرى، وقد عرضت فيه أهمّ ما اعتمد عليه في التفسير من المعارف والعلوم، ومدى تعاونها مع التحليل النحويّ في إيضاح المعنى من جهة، وفي معرفة الوظائف التركيبيّة للمفردات من جهة أخرى. وقد تبيّن أنّ ذلك التعاون والأثر في معرفة الوظائف التركيبيّة كان موجوداً، فقد سبقت دراسته في سياق أصول التحليل النحويّ. أمّا التعاون لإيضاح المعنى فإنّ الملاحظ أنّهم لم يكونوا يعتمدون اعتماداً كبيراً، أو مقصوداً و مباشراً على ذلك التكامل والتعاون في عناصر التفسير، في تلك المرحلة المتقدّمة من تاريخ التحليل النحويّ، وتاريخ التفسير، على الرغم من أنّ التفسير قد ضمّ الكثير من المعارف التي كان لمعظمها أثره في التحليل النحويّ، لكونه أصولاً أو أدلّة وقرائن في هذا التحليل.

وأمّا الخاتمة فقد عرضت فيها الباحثة زهرة الشبخ عبود أهمّ النتائج التي وصل إليها البحث، وبعض المقترحات التي يمكن أن تغني الدرس النحويّ التطبيقيّ والتفسير، وقد لفت البحث النظر إلى ضرورة قيام دراسات لمعرفة أهمّ الأدلّة والقرائن التي يحتاج إليها المحلّل في كلّ باب نحويّ، وأنّه يمكن البحث عنها في مظانّها في كتب النحو، نعني قواعد كلّ باب وشروطه, وأكّد البحث أيضاً أهمّيّة الاعتماد على تضافر الأدلّة والقرائن في التحليل النحويّ.

وأمّا المنهج العامّ الذي اتّبعه البحث، فقد كان منهجاً وصفيّاً في الفصلين الأوّل والثاني، وامتزج المنهج الوصفيّ بالنقديّ في الفصل الأخير.

وأمّا منهج عرض الأمثلة من المصادر فقد كان منهجاً تاريخيّاً، حيث كنّا نعرض الأمثلة والشواهد من الأقدم إلى الأحدث، منذ البدايات الأولى للتحليل النحويّ، على يد المفسّرين الأوائل، إلى آخر هؤلاء المفسّرين النحويّين الذين نتناولهم في البحث، معتمدين في ذلك على تاريخ وفاتهم. وقد كانت الباحثة تعرض بعض الأمثلة، وتحيل على بعضها الآخر. بينما كان هذا المنهج انتقائيّاً من حيث نوع الأمثلة التي عرضتها، والمقياس في ذلك إنّما كان مدى وضوح هذه الأمثلة في التعبير عن الفكرة التي نعرض لها.

وأشارت الباحثة إلى أمر مهمّ, وهو أنّ عنوان البحث وهو" التحليل النحويّ للآيات الكريمة حتّى نهاية القرن الثاني للهجرة " قد كان واسعاً منذ البداية، وكان القصد إلى بيان ذلك ، وتخصيص مجال البحث، من خلال الدراسة التطبيقيّة التي اتّجهت إلى بحث ودراسة أصول التحليل النحويّ للآيات الكريمة وأدلّته وقرائنه، وذلك في المدّة الزمنيّة التي حدّدها العنوان، وهو نهاية القرن الثاني للهجرة، ولذلك كان لابدّ من هذا التوضيح.

وبعد الاستماع إلى دفاع الباحثة ومناقشتها من قبل لجنة الحكم قررت اللجنة منح الباحثة زهرة الشيخ عبود درجة الدكتوراه في الآداب قسم اللغة العربية بتقدير جيد جداً وبعلامة قدرها 80%.