بصحة كاملةٍ وعزيمةٍ لا تلين يتابع الدكتور الجامعي "محي الدين قراوني" مهامه العلمية والتدريسية والإدارية في كلية الزراعة بجامعة "حلب"، وتخصيص جلّ وقته لخدمة الطلبة، وما زال حتى الآن يشرف على تخرج عديد الأكاديميين الزراعيين.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 17 أيار 2020 الدكتور "محي الدين قراوني" في مكتبه بكلية الزارعة، واستمعت لسيرة حياته التي قضى أغلبها في التدريس والبحث العلمي، حيث قال: «ولدت عام 1940 في مدينة "دير الزور"، ونلت الثانوية بتفوق عام 1962، ولم يكن هناك جامعة في كل المحافظة فذهبت لمدينة "دمشق"، وجاء قبولي بكلية الزراعة التي تخرجت منها بعد أربع سنوات بدرجة جيد جداً عام 1966 عينت بعدها مباشرة بمديرية التبغ في "اللاذقية"، وبقيت هناك لمدة أربع سنوات، ونجحت بعدها بمسابقة المعيدين التي أعلنت عنها جامعة "حلب"، وأوفدت بعدها إلى "بلغاريا" لدراسة رسالة الدكتوراه، وعدت عام 1975 للعمل بجامعة "حلب" بصفة وكيل للكلية في عام 1979 وإضافة لمهامي بكلية الزراعة طلب مني المساهمة بتأسيس كلية الزراعة الثانية في "دير الزور"، وتسلم مهام العمادة هناك، وبقيت في هذا المنصب مدة 24 عاماً، أي حتى عام 2001. وخلال عملي هناك أسسنا كلية الزراعة الثانية وجهزناها بكل الوسائل العلمية والمخابر، وانتدبنا العديد من دكاترة جامعة "حلب" للتدريس فيها، وخرجت الكلية العديد من المهندسين الزراعيين، وبعضهم تابع دارسة الماجستير والدكتوراه».

أغلب دكاترة كليتنا الحاليين هم من تخرجوا على يد الدكتور "قرواني"، هو مرجع وقامة علمية نفخر ونعتز بها، وكثيراً ما نلجأ إليه للاستشارة والبحث العلمي، ويعتبر من مؤسسي وتطوير وتجهيز كليتنا بكافة الوسائل العلمية

وتابع عن الأعمال التي قام بها: «خلال مسيرتي العلمية والتدريسية التي قاربت الخمسين عاماً، أشرفت على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وكان هناك بعض الطلبة العرب من "العراق"، و"الأردن"، وكنت عضواً في لجنة تقييم الاختصاصيين لمنح جائزة المنظمة العربية للتنمية الزراعية في "القاهرة" في عام 1977، وقدمت بحثاً علمياً بزراعة العدس ومدى استجابته للتسميد الفوسفاتي في المناطق الجافة، وكذلك استصلاح الأراضي المالحة، وتحديد كمية ونوعية المادة العضوية المضافة للتربة وتحسين الخواص، إضافة لتقديمي ومشاركتي بأبحاث زراعية كثيرة ومتنوعة، كما شاركت في المؤتمرات السنوية للتعاون المشترك بالجامعات السورية، وفي الخارج؛ كان لي مشاركات وبحوث علمية في أغلب الدول العربية و"إيطاليا"، و"ألمانيا" من خلال تقديم بحث عن ظاهرة التملح نتيجة الاستخدام الخاطئ للزراعة، وقمت بتأليف تسعة كتب جامعية دراسية، وكنت أيضاً عضواً في هيئة مجلة "بحوث" بجامعة "حلب"، ومجلة "الباسل" للعلوم الزراعية».

الدكتور زهير عباسي

وختم بالقول: «لكلية الزراعة أهمية كبرى في تطوير المحصول والإنتاج الزراعي بالقطر، وتعدُّ من أهم مصادر الدخل الوطني في أغلب البلدان المتقدمة والمتطورة.

حرصت خلال مسيرتي العلمية والدراسية الطويلة مع عدد من الزملاء الراحلين منهم والأحياء على الالتزام بالدوام والتدريس بشكل منتظم، وإعطاء المعلومة المفيدة، والتعامل بأخلاق وروح مرحة، وكنت حريصاً على تقديم المساعدة للجميع، ورغم تقاعدي عام 2004 أقوم كل عام بتقديم طلب للتمديد، وما زلت حتى الآن على رأس عملي بالكلية لشغفي بهذا العمل، أعتني بصحتي وأمارس رياضة المشي كثيراً، وأبتعد عن تناول كل ما هو مضرُّ بالصحة والانفعال والتوتر».

الدكتور حسام بهلوان

الدكتور "حسام بهلوان" قال عنه: «أغلب دكاترة كليتنا الحاليين هم من تخرجوا على يد الدكتور "قرواني"، هو مرجع وقامة علمية نفخر ونعتز بها، وكثيراً ما نلجأ إليه للاستشارة والبحث العلمي، ويعتبر من مؤسسي وتطوير وتجهيز كليتنا بكافة الوسائل العلمية».

الدكتور "زهير عباسي" قال: «أذكر تماماً عندما دخلت الكلية في السنة الأولى، ودخل الدكتور "قرواني" إلى المدرج، وكيف ألقى محاضرته الأولى تاركاً انطباعاً مريحاً لدى أغلب الطلبة الجدد، وكيف أحببنا الدروس والدوام بفضله، وكان يحثنا على التعمق بالدارسة؛ وأن يكون هدفنا المستقبلي التطلع للدراسات العليا وعدم التوقف عند مرحلة معينة. أخذت بنصيحته وهو صاحب فضل على الكثير مثلي من الزملاء عندما أصبحنا أكاديميين، هو أخ وأب حنون لجميع العاملين بالكلية من طلبة ومدرسين، وحضوره في هذا السن الكبير بيننا يدل على روح الشباب والعطاء الذي لا ينضب».

الدكتور قرواني مع طلابه الأكاديميين

بقي أن نذكّر أنّ للدكتور "قراوني" ستة من الأبناء جميعهم من حملة الإجازات الجامعية.