هو أحد الوجوه الثقافية والفنية البارزة في "ريف حلب الشمالي" اهتم بمجال إحياء التراث الشعبي ونشره وتعريف العالم به؛ من خلال العزف على آلة "الزرنة"؛ إنه الفنان الشعبي "أحمد ناصر" ولقبه "حجّي ناصر".

مدونة وطن "eSyria" التقت في "عفرين" بتاريخ 2 كانون الثاني 2016، المعمّر "عبدو محمد إيبو"، فحدثنا عن ذكرياته مع "حجّي ناصر" قائلاً: «ينتمي الراحل "حجي ناصر" إلى الجيل الفني –الشعبي الذي نسميه محلياً بالجيل القديم؛ الذي عاش قبل فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وكان له الدور البارز والرئيس في حماية التراث الشعبي الشفهي للمنطقة من خلال آلات موسيقية خاصة كـ"الطبل والزرنة والمزمار"، وغيرها.

كان الراحل إنساناً محبوباً بين الناس وصاحب "نكتة" حاضرة استطاع من خلالها دخول قلوب وعقول الناس قبل أن يوافيه الأجل عام 2015؛ تاركاً خلفه جيلاً كاملاً من أبنائه وأحفاده يعملون في المجال الفني

وقد كان من أبرز شخصيات تلك المرحلة إلى جانب شقيقه "حنان ناصر" اللذين حملا لواء الموسيقا والتراث الفني، فقد كان عازفاً شعبياً من الطراز الرفيع، وله شهرة كبيرة في هذا المجال في عموم الريف الشمالي لمحافظة "حلب" بسبب مشاركاته في المئات من مناسبات الأفراح والسهرات الفنية والحفلات العامة، وبراعته في عزف المقامات الفنية المختلفة».

المعمر عبدو محمد إيبو

وأضاف: «خلال ليالي فصل الشتاء الطويلة كانت وما زالت تعقد في الريف سهرات غنائية اجتماعية في بيوت المخاتير أو في "مضافات الأغوات"، وكان بطل هذه السهرات بلا منازع العازف "حجي ناصر" الذي كان يعزف بآلته مختلف الملاحم الغنائية المعروفة في التراث الشعبي، وأجمل فقرات تلك الليالي التي تستمر حتى ساعات الصباح الأولى؛ المباريات الفنية التي تقام بين عدد من العازفين والمغنين القادمين من مختلف القرى والمناطق؛ وسط حضور كبير من المتفرجين.

إضافة إلى ذلك كان للراحل حضور مهم في حفلات الأعراس التي تشهدها المنطقة من خلال فرقته المؤلفة من أشقائه وأبنائه وأحفاده الذين تخرجوا على يديه في مجال العزف، ويكون بذلك مؤسس جيل فني معاصر قادر على الاستمرار في حماية التراث الفني، ومن أبرز هؤلاء الفنان المعروف "حسين ناصر"».

الأستاذ عبد الرحمن حاجي عثمان

وختم: «كان الراحل إنساناً محبوباً بين الناس وصاحب "نكتة" حاضرة استطاع من خلالها دخول قلوب وعقول الناس قبل أن يوافيه الأجل عام 2015؛ تاركاً خلفه جيلاً كاملاً من أبنائه وأحفاده يعملون في المجال الفني».

ويقول الباحث "عبد الرحمن حاجي عثمان" مدير موقع "تيريج عفرين" الثقافي المنوع حول سيرة الراحل: «العازف "حجي ناصر" وهو لقبه الشعبي الذي يعرف به في مجتمعه المحلي واسمه الحقيقي "أحمد ناصر حسين" من مواليد قرية "شيركانلي" في منطقة "عفرين"، عام 1941.

المرحوم حاجي ناصر

بحسب عادات وتقاليد الأسرة فقد تعلم العزف على آلة "الزرنة" منذ صغره على يدي عمه "حنان ناصر" و"أحمد ناصر" منذ 65 عاماً، وقد شارك خلال مسيرته الطويلة في العشرات من المناسبات والحفلات في المنطقة وخارجها، وفي فترة الستينيات من القرن العشرين انضم إلى نادي "عفرين الأهلي الاجتماعي الثقافي الفني"، كما شارك في العديد من المهرجانات الثقافية المحلية والخارجية، مثل: "بصرى الشام"، و"الرقة"، و"حمص"، و"دمشق"، وكذلك في "لبنان" و"الأردن"؛ مقدماً خلالها العديد من المقطوعات الموسيقية الجميلة من التراث الشعبي لمنطقة "عفرين"».

وتابع: «من أهم المعزوفات التي حافظ عليها "حجي ناصر" وحماها من الاندثار والضياع هي: "شيرواني"، و"حلبكي"، و"جيفته تلي"، و"آلاوي"، و"سلطان عبد الحميد"، و"قرتل"، و"زنوبة"، و"عدلة"، و"خزيم"، و"خاتوني"، وغيرها من المعزوفات».

وختم بالقول: «بسبب خدماته الثقافية للمنطقة وتراثها الشعبي ودوره الكبير في حماية العشرات من الملاحم الغنائية والفلكلورية من خلال آلته المعروفة "الزرنة"؛ فقد بادرت كمدير لموقع "تيريج عفرين" الثقافي إلى تقديم الدرع التذكاري السنوي الأول له عام 2007، إلى جانب عدد من أهم الشخصيات الثقافية؛ ليُضاف بذلك إلى قائمة العشرات من أبناء المنطقة من الذين خدموها في مختلف النواحي».