كان له دور مهم وكبير في حياة أبناء مجتمعه بمنطقة ريف حلب الشمالي إذ يعود له الفضل في تأسيس مدرسة تعليمية هي من أقدم المدارس في المنطقة، إنه المعلم الأول "درويش آغا ابن شمو".

سألنا الأستاذ "عبد الرحمن عبدو محمد" من "عفرين" ليحدثنا عن الأهمية الاجتماعية لشخصية "درويش شمو"، فقال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 آذار 2014: «بحسب ما سمعته نقلاً عن كبار السن وخاصة والدي فقد كان لـ"درويش آغا ابن شمو" دور كبير في حياة أهل منطقة ريف حلب الشمالي عموماً، وأهم عمل قام به في حياته هو تأسيس أول مدرسة تعليمية في المنطقة؛ وذلك في قريته "عرشقيبار" القريبة من مدينة "عفرين" بنحو 5كم، هذه المدرسة تلقى فيها العشرات من التلاميذ العلم والمعرفة في زمن كانت المنطقة وما حولها تغرق في الجهل والتخلف بسبب الفرنسيين وأغوات المنطقة، لقد استمرت هذه المدرسة في عملها التعليمي والتربوي مدة 4 سنوات تقريباً قبل أن تغلق أبوابها بوفاة "درويش آغا" في العام 1931م.

في العام 1931 توفي "درويش آغا ابن شمو" وهو لم يتجاوز الخمسين من عمره بعد أن قدم خدمات اجتماعية وتعليمية لمجتمعه

إن بناء منشأة خاصة بالتعليم قبل حوالي قرن من الزمان في منطقة ريفية نائية لتعليم أطفالها العلوم والمعرفة والتربية، هو دليل على أهمية وجود هذا الشخص ودوره المبكر في محاربة الجهل والأمية، ومن ثم ليصبح وجهاً بارزاً من الوجوه الثقافية والاجتماعية في عموم محافظة "حلب"».

عبد الرحمن عبدو محمد

الباحث في التاريخ والتراث الدكتور "محمد عبدو علي" تحدث حول شخصية "درويش شمو" وأصوله بالقول: «كان أجداد "آل شمو" يسكنون مدينة "حلب" منذ القرن السادس عشر وذلك أيام جدهم الشيخ "عز الدين"، حيث كانوا يعملون في مهنة النجارة في "سوق النجارين" بحلب، ثم ترك جد "درويش آغا" مدينة "حلب" واستقر في قرية "عرشقيبار" التابعة إلى منطقة "عفرين" بين أقربائه وعمل فيها بالنجارة أيضاً.

أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى صدرت تعليمات من قبل السلطات العثمانية قضت بأن من يعمل في قطع الأشجار وتأمين الحطب لقطار الشرق السريع ستعطى له وثيقة إعفاء من الخدمة العسكرية وإدارة الحطابين. وفي منطقة "جبل الأكراد" منحت تلك السلطات هذه الوثيقة إلى شخصيات محلية من بينهم "درويش آغا" فساهم ذلك في إبراز اسمه في المنطقة عموماً وعند أبناء بلدته على وجه الخصوص.

النص الكتابي على واجهة مدرسته

بعد انهيار الدولة العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى واحتلال الإنكليز ومن بعدهم الفرنسيين "سورية" اجتمع كل من "درويش آغا" وشقيقه "ناصر" مع الملك "فيصل" كممثلين عن المنطقة.

في العام 1918 طلب المستشار الفرنسي مقابلة شخصيات تمثل ريف حلب الشمالي، فذهب إليه شخصان هما: "درويش شمو"، و"علي جندو" والد زوجته، وأثناء المقابلة أشار إليهم باختيار ممثل لهم فوقع الاختيار على "درويش شمو"، وكان شاباً متحمساً له مكانته بين أبناء المنطقة».

دروش شمو - كاميران بدرخان - إسماعيل بك - وخلفهم جميل شمو

وتابع حديثه: «بعد إنشاء الإدارة المدنية السورية تقدم المخاتير ووجهاء القرى الشمالية بمعروض يؤيدون فيه اختيار السيد "درويش شمو" رئيساً لهم فوافق القائمقام على طلبهم بموجب كتاب مؤرخ في 10 أيار 1925، واعتُبر "درويش" من ذلك التاريخ رسمياً رئيساً لعشائر قضاء "إعزاز" و"جبل الأكراد" وكتقليد اجتماعي لُقب بالآغا، وبعدها بعامين تسلم "درويش آغا" وكالة عامة مؤرخة في 2 حزيران 1927 تخوله بإدارة شؤون تلك العشائر، وتم بذلك تأكيد زعامته.

لقد كان "درويش آغا" من الزعماء النشيطين في منطقة "جبل الأكراد" فهو لم يكن غنياً أو من أصحاب الإقطاعات الكبيرة ولكنه بجهوده الذاتية سعى وعمل على خدمة مجتمعه.

وفي الوقت الذي كان فيه العديد من أغوات المنطقة يقفون ضد نشر التعليم وافتتاح المدارس التعليمية قام "درويش آغا" بفتح مدرسة تعليمية خاصة بأبناء منطقته وهي من أقدم المدارس في عموم ريف حلب الشمالي، أقام هذه المدرسة في قرية "عرشقيبار" بموجب موافقة رسمية وبأموال وتبرعات الأهالي.

لقد دون على اللوح الحجري لواجهة المدرسة النص التالي: (أسست هذه المكتبة بفضل كرم الله في قضاء كرداغ بهمة "درويش آغا" ابن شمو سنة 1927 غربي - 1344 هجري).

وقد استقدم "خضر أفندي" مدرساً من منطقة "سنجار" في "شمال العراق"، وكان يعلم القراءة والعلوم العامة في المدرسة باللغة العربية واللغة الكردية.

سياسياً ووطنياً طور علاقاته مع زعماء الحركة الوطنية السورية وفي مقدمتهم المجاهد "إبراهيم هنانو" كما نشأت علاقات مميزة بينه وبين أحفاد "بدرخان باشا" الذي قاد ثورة كبيرة ضد الأتراك في القرن التاسع عشر وخاصة "جلادت" و"كاميران" اللذين كانا يترددان على قريته "عرشقيبار".

لقد حافظ "آغا" على توازن جيد في علاقاته مع جميع الأطراف ففي العام 1926 مُنح وسام هيئة أركان جيوش الشرق الفرنسية، وكذلك وسام الوطنيين السوريين وخاصة من آل "هنانو" و"كيخيا"».

وختم حديثه: «في العام 1931 توفي "درويش آغا ابن شمو" وهو لم يتجاوز الخمسين من عمره بعد أن قدم خدمات اجتماعية وتعليمية لمجتمعه».