هي.. من أسرت أشواقه في عذاباتها فأسكنته عالمها الموسوم بالتحدي والتشويق، وهو.. ورغم ما تبعث فيه من لوعة الترقب والغرام.. عاشق يتتبع خطى موهبته الفنية بشغف.

الرسم وتحديدا الرسم الكاريكاتيري كان محور لقاء eSyria مع "علاء رستم" رسام الكاريكاتير الشاب الأربعاء 22/07/2009 .

كان منعطفا هاما في حياتي تعرفي بالراحل "طالب دملخي" الذي أعتبره أستاذي الملهم في رسم الكاريكاتير، لقد قدم إليّ منهاجا وحقن موهبتي منذ البداية بدلالات معرفية، كل ذلك أدى إلى بلورة اتجاهي إلى فن الكاريكاتير

و"علاء" ذو الخمسة والعشرين عاما برز في محافل عدة، رسم الكاريكاتير لصحفٍ سورية كـ:"تشرين، الثورة، بلدنا والجماهير"، وشارك أخريات منها بزوايا ساخرة مثل صحيفة "الغد"، ثم لم يتوقف نشاطه عند هذا الحد، إذ سبق وأعد سيناريوهات لإسكتشات كوميدية في قناتي mbc وspece power، عدا عن مشاركاته في معارض داخل البلاد وخارجها، منها تنظيمه لمعرض "تحية لرسام الكاريكاتير المرحوم طالب دملخي" الذي استذكره بالقول: «كان منعطفا هاما في حياتي تعرفي بالراحل "طالب دملخي" الذي أعتبره أستاذي الملهم في رسم الكاريكاتير، لقد قدم إليّ منهاجا وحقن موهبتي منذ البداية بدلالات معرفية، كل ذلك أدى إلى بلورة اتجاهي إلى فن الكاريكاتير».

ختارة

ثمة علاقة خاصة بفن الكاريكاتير لدى "علاء"، علاقة تتبدى بوضوح أثناء الحديث إليه عن الكاريكاتير وشجونه، فلا هي تقف عند حدود المهنة لديه، ولا هو يمضي فيها كهاو ٍ وحسب، وبالسؤال عن خبايا تلك العلاقة أجاب: «لأجل فن الكاريكاتير قمت بدراسة الصحافة في جامعة "دمشق"، برأيي الخاص يمثل الكاريكاتير جوهرا هاما كأحد الفنون الصحفية، طالما أن بمقدوره أن يقدم الرسالة الصحفية بشكل حقيقي وصادق خاصة أنه يعتمد التكثيف وإيصال الرسالة إلى الجمهور بشكل أسرع من باقي الأنواع الصحفية».

كان رسم الكاريكاتير الأول لـ"علاء" قرابة سن الحادية عشر، إن امتزاج محبة الرسم وميله للكوميديا شكلا دافعا له للبحث عن منبر يعبر خلاله عما لديه، حينذاك غزت الأطباق الفضائية اللاقطة الأسواق فشكلت أولوية تدافع الناس لاقتنائها، لتكون هذه الواقعة مفارقة البداية التي استرجعها قائلا: «خالجتني النظرة الطفولية إلى المجتمع المحيط وما يحتويه من مفارقات وتناقضات كان لها النصيب الأكبر من التحفيز لطلب وسيلة أعبر من خلالها عن رؤيتي تجاه تلك المفارقات، ومن خلال الصحف السورية والعربية والأرشيف الخاص الذي احتفظ به والدي آنذاك اكتشفت الكاريكاتير، بالنسبة لي كان الكاريكاتير الفن الأنسب للتعبير والأشد عمقا لما يتمتع به من مقدرة النفوذ بشكل محبب إلى الناس، والأكثر من ذلك أنه يتجلى بمظهر الجرح تارة والدواء تارة أخرى، وليس هو بعاجز أن تطال أذرعه جوانب الحياة بمختلف قضاياها».

عمالة الأطفال

واليوم حيث أصبح "علاء" يعتقد بأن الإعلام دون الكاريكاتير الحقيقي يفقد روحه، وحيث أن الكاريكاتير غالبا تحت عنوان "بدون تعليق"،لا يخشى "علاء" أن تُفهم رسالة ذلك الفن لدى المتلقي بشكل خاطئ، بل على العكس يرى: «علمتني تجربتي داخل المجتمع السوري بأنه منفتح على الأفكار والرؤى التي يقدمها الكاريكاتير، ولأن الكاريكاتير ليس مجرد إملاء بما يعطيه للمتلقي من مساحة حرة للفهم، يكمن ألقه كنوع صحفي بمشاركة المتلقي بما يبتغيه ويهدف إليه، إضافة إلى أن الخلفية الثقافية لجمهور الكاريكاتير تعطيه أفقا أوسع بإجادته جميع اللغات لتمثيل صوت الناس بعيدا عن الحياد فيما يختص بهواجسهم ومشكلاتهم».

أما عن شجون الكاريكاتير في سورية يقول "علاء": «عدا عن كون الكاريكاتير ابنا شرعيا للصحافة بامتياز، لنبدأ بمعاملته بشيء من الدلال، فلابد أن يحظى بمساحة أكبر للقيام بواجبه، مع الأخذ بعين الاعتبار ما حققه الكاريكاتير السوري من مهنية في العمل بما يعتمده كأسلوب دون إرفاقه بتعليقات قد تضيع هويته لإيصال رسالته الإعلامية في كثير من الأحيان».

تأمّل "علاء" سؤالا فيما إذا كان سيأتي يوم يهجر فيه القلم والورق، وبعد شرود لبرهة وتنهيدة أجاب: «لن أكسر قلمي الذي أرسم فيه، وأنا مؤمن بوجود ضفة الحقيقة التي سأصل إليها برفقة الكاريكاتير، في أوقات ما قد يحجب الضباب تلك الضفة، وفي أوقات أخرى قد يحتاج المرء لما يسمى باستراحة المحارب، ولكن يبقى رسام الكاريكاتير بما يقوم به إعلاميا، والإعلامي لا يحيل نفسه إلى التقاعد».

"علاء رستم" كشف في ختام لقائه بـ eSyria بأنه يعمل لإنهاء مشروع فيلم كرتوني بعنوان "ملائكة القدس" يحكي معاناة أطفال فلسطين تحت الاحتلال، ليقدم كمادة مشاركة إلى احتفالية "القدس عاصمة للثقافة العربية".

وتجدر الإشارة إلى أن "علاء رستم" هو صاحب أول فيلم كرتوني يقدم كمشروع تخرج في قسم الصحافة – كلية آداب جامعة دمشق وكان تحت عنوان "مجرد سؤال" بمشاركة الفنان "نضال سيجري" الذي أدى دبلجة شخصية الفيلم، وسبق لـ"علاء" أن حاز المرتبة الأولى لجائزة الباسل للكاريكاتير حول التربية السكانية من صندوق الأمم المتحدة ووزارة الإعلام عام 1997 .