لم يكن يعلم الشاب "عابد ملحم" عندما شرع في عملية كتابة مسرحية "مغامرات حاسوبية" أنه يؤسس لمدرسة ومنهج جديد في المسرح، حتى شاءت الصدف أن يحدثه أحد الباحثين في المسرح أن نصه "مغامرات حاسوبية" هو أول نص مسرحي منهجي في سورية فكانت أولى قطرات الغيث في المسرح المنهجي ومسيرته التي مازالت ضحلة في "سورية".

التقى موقع esyria يوم 1/4/2009 الشاب "عابد ملحم" الذي تعددت مواهبه الفنية وكان أول مؤسس للمسرح المنهجي الذي يعتمد على تحويل المنهاج المدرسي إلى عمل مسرحي درامي متكامل بأحداثه وأبعاده الفنية وحدثنا عن بداياته الفنية وانطلاقته فقال عن الخطوات الأولى التي بدأت بإعلان صغير: «بدأ مشواري مع الفن المسرحي بإعلان كنت قد قرأته في مدرستي الإعدادية في العام (1999) وأنا في الصف التاسع آنذاك بفتح باب التسجيل للراغبين بممارسة التمثيل المسرحي ضمن منظمة شبيبة الثورة، لم يكن لدي فكرة مسبقة عن هذا النشاط أو مستقبله لكنني التزمت بالإعلان والتحقت بدورة إعداد ممثل والتي كانت بوابتي الأولى إلى هذا العالم، حيث انضممت بعدها لفرقة مسرحية تابعة لفرع شبيبة الثورة إذ أشرف علينا المخرج المسرحي "احمد شعبان" ومن خلال مشاركتي مع هذه الفرقة توسعت دائرة معارفي وبدأت أهتم وأحب هذا المجال أكثر من السابق، لأتنقل بعدها بين العمل ضمن فرق مسرحية في جامعة "حلب" والمشاركة في ما يسمى السيكتشات ضمن الحفلات التي تقيمها الجامعة لأستمر في مشاركاتي في الأعمال المسرحية منها ما كان موجها للطفل ومنها ما كان للكبار فتنقلت في المشاركات مع العديد من المخرجين منهم السيد "حكمت نادر عقاد" والمخرج "رضوان سالم" وغيرهم».

لا يمكن لأي شخص أن يستشف مستقبله أو خطوته القادمة إلا أنني أسعى إلى تعميق تجربة المسرح المنهجي وتجسيد العديد من المعلومات المتناولة في المدارس ضمن الأعمال المسرحية المنهجية في سبيل تحويل المناهج العلمية كافة إلى أعمال مسرحية وذلك بسبب تقبل الكثيرين لهذا النمط من المسرح ولأهدافه السامية التي تسعى إلى نشر الثقافة والمعلومات والمشاركة في تأمين المعلومة للطفل والرسالة التربوية

ويتابع في الحديث منتقلا إلى أهم مراحل مشواره وبدايته في عملية تأليف النصوص المسرحية فقال: «في عام (2005) تم إيفادي من قبل منظمة شبيبة الثورة إلى "دمشق" إذ خضعت هناك لدورة إعداد مخرج مركزية استمرت قرابة الشهر وأشرف علينا العديد من المخرجين العظام أمثال الدكتور "عجاج سليم" والفنان "نضال سيجري" والسيد "علي فتوح" والأستاذ "موسى اللأسود"، وقد لعبت هذه الدورة دورا كبيرا في توسيع دائرة معارفي المسرحية وتعميق ثقافتي واطلاعي المسرحي، حيث كانت الدورة مكثفة بشكل كبير وتتطلب جهدا جسديا وفكريا كبيرا، فكنت مطالبا بقراءة المسرحية يوميا وبأداء العديد من المشاهد إخراجيا وتأليفا وأداء، فشكلت هذه الدورة النحت الأكاديمي لشخصيتي المسرحية بعد عودتي من هذه الدورة المكثفة بدأت أنظر بعين مختلفة إلى الفن المسرحي وبدأت وجهات نظري تتغير فكانت خطوتي الأولى في التأليف المسرحي إذ تضخم هاجسي في مداعبة الأوراق وخلق المشهد المسرحي، أما خطوتي الفعلية الأولى في التأليف كانت بعد التزامي مع المخرج المسرحي السيد "حسام حمود" الذي كان مطالبا بتقديم مشهد تربوي لطلاب المدارس ضمن منظمة الطلائع فبادرت بتأليف هذا المشهد الذي كان اسمه أزمة قلبية، وتوجه باتجاه أضرار التدخين والتنبيه لأخطار هذه الظاهرة، ولاقى إعجاب الكثيرين فازداد حماسي في قضية التأليف وبدأت أعمل على أساسها موسعا دائرة المعلومة لدي عبر الكتابة والقراءة والاطلاع والبحث المستمر مع استمراري بالعمل كممثل إذ أنني ما زلت أشارك بأعمال عدة كممثل ومؤلف للنصوص».

مراسل الموقع مع الشاب عابد

أما عن الخطوة العملية الأولى يحدثنا "الملحم" قائلا:

«أول عمل فعلي من تأليفي الشخصي كان بعنوان مغامرات حاسوبية إذ رغبت من خلال هذا العمل أن أقدم وجبة مسرحية جيدة هادفة تحمل المعلومة والطرفة والرسالة التربوية، فتحدث العمل عن قطع الحاسوب التي تعاني التعب لأن صاحب الحاسوب يقضي وقته على الألعاب فحسب إذ تستغل الفيروسات تعب القطع وملهاة صاحب الجهاز فتحاول أن تقتحم هذا الجهاز إلا أن القطع تتحد وتصد هذا الهجوم، وقدم العمل بإخراج السيد "حسام حمود" ونال على العديد من الجوائز وأهمها كان إعجاب الجمهور به مما دفعني للتعمق في تجربة الكتابة والاستمرار بها فأنتجت عملا مسرحيا ثانيا بعنوان حكاية جسم والذي كان على نطاق أوسع مهتما بأعضاء الجسم يحمل رسالة تربوية ورسالة علمية ذات قيمة، وذلك دون الاستغناء عن القيم الفنية والأدبية للنص، وأيضا لاقى النص إعجابا كبيرا من الكثيرين مما دفعني إلى الاستمرار في هذا المجال لأنجز نصا جديدا في ذات السياق يحمل عنوان اختفاء سيبويه والذي لم يعرض بعد إلا أنه قيد التجهيز من قبل المخرج "حسام حمود" وفرقته المسرحية».

عابد ملحم ومكتبته الصغيرة

وعن تأسيسه للمسرح المنهجي في "سورية" يقول ضاحكا: «إن ما قمت بتجسيده ضمن النصوص التي عملت على تأليفها كان نابعا من حبي للفن المسرحي ورغبة مني لتوظيفه توظيفا إنسانيا هادفا، إذ أنني لم أكن طامحا إلى تأسيس منهج جديد أو مدرسة جديدة رغم حصول هذا صدفة، وقد علمت بهذا الأمر بعد تأليفي للنص الأول "مغامرات حاسوبية" عندما كنت أراسل الدكتور "نادر القنة" في الكويت والذي كان بصدد إنشاء بحث عن المسرح في "سورية" فمر على عملي"مغامرات حاسوبية" ليعلمني أنه المعمل المسرحي المنهجي الوحيد في "سورية" وكانت مصادفة غير متوقعة بالنسبة لي أما في عملي الثاني "حكاية جسم" كنت قد تعمدت أن يكون العمل منهجيا بعد سلسلة بحث عن تاريخ المسرح المنهجي في العالم وفي "سورية" إذ أنني اكتشفت أن هذه الظاهرة ليست جديدة إنما كانت تشغل على نطاق ضيق لا يتجاوز المدرسة أو الصف في غالب الأحيان أما ما قمت بعمله هو تحويل الدرس العلمي إلى عمل درامي يبسط المعلومة للطالب ويجعله ضمن الجو العملي والنظري في آن واحد بأسلوب مسرحي مدروس بأبعاده الفنية كافة».

وعند سؤاله عن خطواته القادمة في المسرح المنهجي يقول: «لا يمكن لأي شخص أن يستشف مستقبله أو خطوته القادمة إلا أنني أسعى إلى تعميق تجربة المسرح المنهجي وتجسيد العديد من المعلومات المتناولة في المدارس ضمن الأعمال المسرحية المنهجية في سبيل تحويل المناهج العلمية كافة إلى أعمال مسرحية وذلك بسبب تقبل الكثيرين لهذا النمط من المسرح ولأهدافه السامية التي تسعى إلى نشر الثقافة والمعلومات والمشاركة في تأمين المعلومة للطفل والرسالة التربوية».

عابد ملحم يعزف على آلة العود

ولم يكن من الشاب "عابد ملحم" أن يتركنا نغادر دون أن يفرغ ما في جعبته من مواهب ومن فن رفيع جميل فتناول آلة العود ليطربنا ببعض ما حفظ من ألحان جميلة وعند سؤاله عن مشواره مع الموسيقى قال: «إن رحلتي مع الموسيقا رحلة طريفة وعتيقة في داخلي إذ بدأت عندما كنت في الصف الرابع عندما طلبت من والدي أن يجلب لي آلة الأورغ لكي ألعب عليها رفض ذلك فمرضت مرضا شديدا وأنا أطلب آلة الأورغ فجلب لي والدي تلك الآلة التي رحت أتدرب عليها بمفردي حتى بلغت الصف الحادي عشر الثانوي، إذ التحقت بالمعهد الشبيبي للموسيقا والذي تعلمت فيه على البيانو وأخذت منه مبادئ الصولفيج والغناء وقراءة النوتة الموسيقية وبعد أن انسحبت من المعهد تعلقت بآلة العود التي مازلت حتى اليوم أمارس العزف عليها بمفردي كما تعلمت عليها بمفردي».

يذكر أن نص "حكاية جسم" الذي كتبه الشاب "عابد ملحم" حاز على جائزة أفضل نص مسرحي في المهرجان المسرحي الشبيبي المدرسي في "السويداء" كما حاز على العديد من شهادات التقدير والثناءات من فرع اتحاد شبيبة الثورة وغيرها.

هكذا وبمواهب عدة اجتمعت في شخص واحد مازال يصارع ريعان الشباب شكل "عابد ملحم" صورة لأحد الشباب المبدعين المندفعين باتجاه خلق الروح الجديدة والخروج عن المألوف.