«نشأت الألعاب الأولمبية كطقس ديني لبعل "حلب"، "حدد"، وكان لها في أحد معانيها جانب غير ديني مرتبط بالاستعداد للمعارك لكون الرياضة ضرورية لأية معارك بمقاييس تلك الأيام حيث الاعتماد على القوة البدينة».

هذا ما تحدث به المؤرخ "عامر رشيد مبيّض" مؤلف كتاب "شمس سورية تسطع على أوروبا"، لمدونة وطن eSyria بتاريخ 1/8/2013، وأضاف مبيّناً: «في أصول نشأة الألعاب الأولمبية رواية تقول: إن جزيرة "كريت" هي منشؤها وإن أثينا اليونانية هي من أطلقها للعموم، ولكن إذا كانت أثينا غير موجودة على الخارطة حتى القرن الخامس قبل الميلاد فكيف انطلقت منها هذه الألعاب عام 776 ق.م؟ وكيف نفسر وجود أختام أسطوانية عليها رموز هذه الألعاب في مدينة "آلالاخ" في "حلب" عمرها أكبر من أثينا بكثير؟».

إن الثور الطائر الذي ظهر فيما بعد في اليونان أصله من "حلب" ونراه على ظهر الأختام وأن جميع الألعاب الأولمبية انطلقت من حلب إلى كريت ومصر في القرن الثامن عشر ق.م كما ظهر تمثال آخر في مصر أصله من حلب بنفس الرموز

وعن هذه الأسئلة وغيرها يجيب "مبيّض": «تبدأ الفكرة بتفسير كلمة ألب، وهو الجبل الذي بنيت عليه أثينا، فلليوم لم يستطع البحاثة الغربيون تقديم تفسير مقنع لهذا الاسم، فمرة يكون أنها تعني صفة لمن ينتمي إلى جبل الألب، ومرة تكون عصا يستند عليها من يصعد جبل الألب، بينما جمع الكلمة هو Alpes في اللاتينية ويعني جبل "حلب"، وهذا الجبل يحتضن مركز عبادة الإله حدد إله المطر، إذاً فالأدق هو أن تكون الألعاب الحلبية ولكن باعتبار لا يوجد حاء في الهجاء الغربي فقد أصبحت أولمبية».

لقد كتب محررو الموسوعة الفرنسية "أندريه إيمار وجانين أوبوايه": «إنَّما المقصود هنا الألعاب الموروثة فكرتها دونما ريب عن الكريتيين.. نحن نجهل كل شيء عن كيفية تكوّن هذه الفكرة وهذه المشاعر... فإنَّ أشهرها وأقدمها على الإطلاق، مباريات أولمبيا التي جرت كل أربع سنوات إكراماً لزيوس الأولمبي... سباق الركض ثم سباق القوى الأخرى، ثم سباق العربات. وقد وضع مثل هذا البرنامج المتنوع إكراماً لأبولون في جزيرة ديلوس الصغيرة... وإنَّ أبولون جاء من آسيا، وسيصبح الإله "حَدَد- بعل" الذي يختلط بالثور والفأس الإله "زيوس- دوليخانوس" ليونانيي العهد الهيليني، ثم الإله "جوبيتر وليخانوس" للرومان، وبهذا الاسم ستمتد عبادته إلى كل المقاطعات.... والإغريق غالباً ما أعطوا المثل وتبنّوا بعض الآلهة الشرقيين أو حاولوا أنْ يستكشفوا فيهم مظاهر بعض آلهتهم كـ"زيوس" الذي تمثّلوه في كل "بعل" سوري.. فالإلهة السورية "عشتار". و"بعل هليوبوليس".. اللذان انتشرت عبادتهم في أوروبا إنَّما خرجوا من سورية... و"أدونيس وعشتار" السوريان.. بين هذه الأعياد أحيطت أعياد "ديونيسوس" التي تميزت بالتمثيل المسرحي... لا ريب في أنَّ المسرح إنتاج أدبي».

ويتأكد نشوء الألعاب الحلبية هذه عند دراسة الأختام الأسطوانية التي وجدت في مدينة "آلالاخ" في "حلب"، حيث تقول الدكتورة "دومنيك كولن" أمينة متحف "لندن" قسم آثار الشرق الأدنى في دراستها عن "الاختام الأسطوانية في آلالاخ" ما يلي: «يثبت وجود هذه الأختام أنه كان يوجد ورش لصناعة الأختام المزخرفة بدقة وقد ظهر على هذه الأختام أن استعمالها كان في حلب وأن الرسوم التي عليها هي للاعبي سيرك وجمباز وقفز فوق النيران وسباق الخيول والملاكمة والمصارعة وقذف القرص، وتؤكد هذه الرسوم أن ألعاب القوى انتقلت من "حلب" إلى جزيرة كريت، وقد نقلها السوريون فتذكر الموسوعة الفرنسية تاريخ الحضارات العام أن "الشرق السامي" السوري قد بدأ يرسل جاليات إلى الغرب أخذت تنتظم على شاكلة المدن الأم التي انشطرت عنها، وسيصبح الإله "حدد" في مدينة "دوليخة" شمالي "حلب" الذي يختلط بالفأس والثور الإله "زيوس دوليخانوس" ليونانيي العهد الهيليني».

وتضيف الدكتورة "دومنيك": «إن الثور الطائر الذي ظهر فيما بعد في اليونان أصله من "حلب" ونراه على ظهر الأختام وأن جميع الألعاب الأولمبية انطلقت من حلب إلى كريت ومصر في القرن الثامن عشر ق.م كما ظهر تمثال آخر في مصر أصله من حلب بنفس الرموز».

كما تضيف الاكتشافات الأثرية في جزيرة كريت التي تعتبر مهد الألعاب الأولمبية بحسب البحاثة الغربيين مزيداً من الإثبات أن مصدر هذه الألعاب هو من "حلب" وليس محلي النشأة، ففي هذه الجزيرة تم اكتشاف قصر "مينوس المونيتور" عام 1895 من قبل عالم الآثار الإنكليزي "آرثر إيفنز" وقد ظل يعمل به حتى عام 1936 بعد أن عثر فيه على الآلاف من الأختام الأسطوانية وألواح الصلصال التي عليها رموز وموضوعات شتى من بينها موضوع الألعاب الأولمبية كرمي القرص المثقب والملاكمة وغيرها.

وهذه الرموز كما يؤكد المؤرخ "مبيض" «تتطابق (ولا تتشابه) مع الرموز التي اكتشفت في "آلالاخ" وعاصمتها "حلب" من قبل العالم الإنكليزي أيضاً "ليوناردو وولي" ونشرها في كتاب مفصل عن تلك الحضارة حيث يشرح عن بناء قصر "ياريم ليم" في "آلالاخ" وهو أقدم من قصر كريت بقرن واحد على الأقل فيؤكد أن كل العناصر الفنية والترتيبات المعمارية قد نقلت إلى قصر مينوس في كريت من قصر "ياريم ليم" الموجود في حلب، وقصر "ياريم ليم" وجدت فيه أيضاً نفس هذه الأختام الأسطوانية وما من شك أن دروس العمارة الأولى قد تلقاها الكريتيون من أهالي "آلالاخ" في "حلب" وهو ما يؤكده ول ديورانت بخجل في كتابه قصة الحضارة حيث يقول متعجباً: الذي يزيد من حيرتنا في أمر هذه الأختام أنها ليست كريتية بل أجنبية وربما كان هذا القرص (المثقب) قد جاء من أحد البلاد الشرقية».

من جهة ثانية كذلك وفي موقع عمريت الأثري في طرطوس يوجد ملعب أثبتت الأبحاث الأثرية أن تاريخه أقدم من ألعاب أثينا وكريت بمئات السنين وهو ملعب فينيقي مما يعتقد أن هذه الألعاب كانت طقساً سورياً عاماً يختص أغلبه بعبادة الاله "حدد" الذي هو "بعل".

ملاحظة: الصور من أرشيف المؤرخ "عامر رشيد مبيض".