تحدث رائد الفضاء العربي السوري اللواء الركن "محمد فارس" عن أهمية تكنولوجيا الفضاء في الاستشعار عن بعد بالرادارات والأقمار الصناعية في المجالات العسكرية والمناخية والكشوفات الأثرية وطالب بإيلاء هذا العلم المتقدم الأهمية التي يستحقها كما قدم سرداً ممتعاً لتجربته الشخصية في ارتياد الفضاء وأهم متطلبات زيارة الفضاء لمن يخوضون هذه التجربة، جاء ذلك في لقاء في مديرية الثقافة بـ "حلب" مساء (12/3/2009) وسط حضور جماهيري واسع.

وفي حديث مع eSyria قال رائد الفضاء السوري ردا على سؤال حول طبيعة البرنامج الفضائي الذي أنجزه في الفضاء:

إنه جمال لا يوصف وشكل الأرض له جمالان في النفس :أولاً: الجمال المادي الطبيعي: من ناحية شكل الأرض والمتغيرات التي ترتسم على هذا الكوكب من بحار وقارات تشكل لوحة جمالية، وهي أجمل من القمر وبقية الكواكب والنظر لها من الفضاء هو منظر قل نظيره، والجمال الثاني: هو الجمال النفسي والشعور بالارتباط العاطفي بالأرض حيث يلتجئ رائد الفضاء لا شعورياً إلى الأرض عندما يشعر بأي خطر، وهي مثل حضن الأم الذي يأوي إليه الطفل ويكتسب منه العطف والحنان

«قمت بإجراء (13) تجربة علمية وعند بداية طرح القائمة على الروس أكدوا لي أن هذا العدد كثير لا يمكن القيام به في الفترة القصيرة التي سأمكثها في الفضاء ولكن ولله الحمد تمكنت من إنجازها على ما يرام. وهذه التجارب العلمية أطلقنا أسماء تاريخية "سورية" عليها، مثل (بصرى، قاسيون، تدمر، وغيرها ...) فكانت تجارب كيميائية وصناعية وطبية واستشعار عن بعد ومن أمثلة التجارب الكيميائية:

1- تجربة صهر وخلط معدن الحديد والألمنيوم في الفضاء، بغية الحصول على معدن جديد يستفاد منه في الصناعة.

2- تجربة صهر وخلط معدن الجاليوم والأنتموان للحصول على مادة تدخل في صناعة أشباه الموصلات التي تدخل في صناعة الإلكترونيات.

3- تجربة خلط ثاني أكسيد الأباتيت مع نسب مختلفة من الماء والأملاح للحصول على مادة مناسبة تدخل في صناعة الأسنان التعويضية والمنظفات.

4- تجربة بصرى: لدراسة الطبقة الفضائية على ارتفاع 300 كلم و هذه التجربة أجريتها 12 مرة، كل مرة تستغرق ساعتين فكان مجموع ساعتها 24 ساعة.

وهناك تجارب الاستشعار عن بعد حيث تم تصوير "سورية" من الفضاء، لدراسة التلوث المائي و الجوي والأحواض الجوفية. وكذلك لدراسة نسب الملوحة في التربة.

وأما التجارب الطبية فكان منها :

1- تجربة مراقبة القلب، حيث حملت جهاز قياس نبضات القلب لمدة 48 ساعة.

2- تجربة تأثير الفضاء على الدورة الدموية.

3- تجربة تأثير الفضاء على سلوك رواد الفضاء، حيث خضعت لاختبار نفسي، كما قمت بتعبئة استمارة حول ردود الأفعال الانعكاسية على رائد الفضاء، أظن أن ذلك كان برنامجاً حافلاً».

وعن زمن الرحلة في المحطة الفضائية (مير) قال:

«استغرقت الرحلة من الزمن الكلي7,96 يوم، وبداية الرحلة في 22 تموز 1987م) ونهاية الرحلة (الهبوط) في 30) تموز1987م والمدة الكلية في الفضاء (7 أيام و23ساعة و4 دقائق) أي (8) أيام وهي المدة التي يمكث فيها أغلب رواد الفضاء، ولكن بعض الرواد الذين يبقون في المحطة قد تستغرق مدة بقائهم عدة شهور، وهناك أحد الرواد مكث أطول فترة لمدة أكثر من سنة، وأودّ أن أشير إلى أن وجود رائد الفضاء في الفضاء هو تجربةٌ بحد ذاتها يراد منها معرفة تأثير الفضاء عليه ويتم اختبار وقياس قدرته لكي يمكن التحضير للرحلات الأطول.

فمثلاً رحلة الإنسان للمريخ قد تستغرق أكثر من سنتين! فلا بد من معرفة آثار الفضاء المادية والنفسية قبل الإقدام على هذه الخطوة، وأتذكر في هذا الصدد، أن أحد رواد الفضاء أخذ يتمرد على أوامر الأرض ولم يعد ينفذ شيئاً لأن الوضع الذي يعيش فيه غير طبيعي من جميع الجوانب من الأكل والشرب والنوم و غيره. وهذا القريب من الأرض يمكن إرجاعه للأرض بسهولة، ولكن إذا كان الإنسان في رحلة للمريخ كيف يمكن إرجاعه بسهولة عندما ينتابه ذلك السلوك، والرحلة قد تستغرق سنتين؟».

وعن تقيمه لأداء العرب في مجال أبحاث الفضاء وامتلاك تكنولوجيا الفضاء قال:

«بعد نقاش مستفيض في مؤتمرات عربية متخصصة عدة في هذا المجال شكلنا ما يسمى بمشروع وكالة الفضاء العربية منذ سنوات وهو لا يزال ينتظر في مقر الجامعة العربية التمويل والدعم العربيين، والأهم من ذلك الإرادة السياسية، وآمل أن يرى النور في المدى المنظور، فنحن لدينا إمكانيات ولكن هذه الإمكانيات إذا بقيت متفرقة لن يكون إنتاجها كما إذا كانت متكاتفةً مع بعضها البعض كما تفعل بقية الأمم في هذا المجال، لاحظ أن الإعداد لإطلاق رائد فضاء يحتاج إلى إمكانيات ضخمة، فمثلاً أوروبا رغم قدمها في هذا المضمار إلا أنها حتى الآن لم تطلق رائد فضاء بصناعة أوروبية. أطلقوا برنامج "أريان" من 1 إلى 5 و لكنهم لم يطلقوا رحلة مأهولة لضخامة إمكانياتها يجب أن نفكر في البداية في خلق برنامج فضاء يعتمد على إطلاق الصورايخ الفضائية التي تحمل أقماراً اصطناعية لأن ذلك أقل خطراً وكلفة».

وعن جمال الأرض للناظر إليها من الفضاء قال: «إنه جمال لا يوصف وشكل الأرض له جمالان في النفس :أولاً: الجمال المادي الطبيعي: من ناحية شكل الأرض والمتغيرات التي ترتسم على هذا الكوكب من بحار وقارات تشكل لوحة جمالية، وهي أجمل من القمر وبقية الكواكب والنظر لها من الفضاء هو منظر قل نظيره، والجمال الثاني: هو الجمال النفسي والشعور بالارتباط العاطفي بالأرض حيث يلتجئ رائد الفضاء لا شعورياً إلى الأرض عندما يشعر بأي خطر، وهي مثل حضن الأم الذي يأوي إليه الطفل ويكتسب منه العطف والحنان».

وفي ختام الحديث قال ردا على سؤال هل يتمنى العودة إلى الفضاء ثانية فقال:«ذلك حلم أتمنى أن يتكرر، لكن لدينا أجمل مركبة في الكون مهيأة لاستيعاب الجميع، وهي الأرض, بما توفره من سبل السعادة والرخاء إذا أحسن استغلال مواردها وتوجيه طاقات أبنائها في خدمتها؟ ولعل رواد الفضاء أكثر تعلقاً بالأرض الأم بعد أن جربوا هجرها ولو لفترة قصيرة، مقارنة بالعمر الافتراضي للإنسان، وهو ما يبدو جلياً في تصريحات جميع الرواد، علينا حمايتها من كل عوامل التخريب والتلوث سواء في الماء أو اليابسة أو الهواء، والسعي إلى تجميلها بالروح الإنسانية المتعاونة».