عادت مهنة الفلاحة التقليدية إلى الواجهة في ريف محافظة "حلب" كجزء من سلسلة أعمال تقليدية لجأ إليها الفلاحون نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار الفلاحة الآلية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 حزيران 2015، المزارع "عبدو أوسو" فقال: «لقد تركت عملي في الفلاحة بالحمير منذ حوالي 25 سنة بسبب دخول الجرارات والآليات الزراعية الحديثة إلى حياة الناس، وهذه الآلات كما هو معروف تنجز عملاً كثيراً بوقت قصير وبتكلفة أقل؛ لذلك لجأ المزارعون إلى شرائها أو استئجارها للقيام بحراثة أراضيهم.

إن أجر اليوم الواحد من العمل في مهنة الحراثة بالحمير هو 2000 ليرة سورية؛ وهو بوجه عام دخل جيد على الرغم من المصاريف الكبيرة اللازمة لتجهيز الأدوات وإطعام الحمير

خلال السنوات الأربع الماضية ونتيجة الأزمة التي تمر بها البلاد حدثت تغيرات كثيرة في حياة السكان ومنها ارتفاع أسعار المحروقات وإطارات الجرارات وقطع التبديل؛ وهو ما أثر سلباً في حياة المزارعين؛ إذ ارتفع سعر فلاحة الأرض الزراعية، فأجر فلاحة الدونم الواحد من الأرض وصل إلى 500 ليرة سورية.

العم عبدو أوسو

أمام هذا الواقع اضطر الكثيرون من المزارعين إلى ترك أراضيهم من دون فلاحة لأكثر من موسم زراعي؛ وهو ما أثر بواقع الإنتاج الفردي والمحلي على حد سواء، هذا الواقع الجديد والطارئ فرض على المزارعين البحث عن حلول بديلة تعوضهم عن الفلاحة الآلية؛ ومن هذه الحلول الفلاحة بواسطة الحمير».

وأضاف: «لقد عادت مهنتي إلى الحياة من جديد بعد أن هجرتها لأكثر من ربع قرن انتقلت خلالها إلى مهنة جديدة وهي العمل في رعي الماشية، لكن اليوم رجعت إلى هذه المهنة على الرغم من الصعوبات التي أعانيها خلال ممارستي لها لأنها أفضل من البطالة أو الهجرة خارج الوطن، ولكونها اليوم من أكثر المهن شيوعاً في الريف وتؤمن دخولاً جيدة للعاملين فيها».

ازدهار الزراعة بعد العودة إلى الفلاحة التقليدية

وحول أهم الصعوبات التي تواجه هذه المهنة يقول: «أبرز هذه الصعوبات هي تأمين الحدوات الحديدية التي تُركّب بأرجل الحمير المستخدمة في الفلاحة والمسامير المستعملة في ذلك؛ بسبب إغلاق الكثير من المحال التي تتاجر بهذه الأدوات لعدم قدرتها على تصريفها خلال السنوات الماضية، ومعظم هذه المحال كانت توجد في "سوق الحدادين" بـ"حلب"، أما اليوم فإننا نقوم بشراء هذه الأدوات والمعدات من بعض التجار المحليين بـ"عفرين".

ومن الصعوبات أيضاً اختفاء العديد من المهن المرتبطة بالفلاحة التقليدية؛ مثل مهنة شحذ المحاريث الحديدية، وصانعو أدوات الفلاحة مثل أغطية الدواب والنير الخشبي وغيرها، لكن الأمر الذي سهّل أمورنا هو أنه ومع عودة الحياة إلى مهنة الفلاحة التقليدية عادت معظم تلك المهن إلى الحياة وبدأت الأمور تسير إلى الأفضل».

وتابع بالقول: «إن أجر اليوم الواحد من العمل في مهنة الحراثة بالحمير هو 2000 ليرة سورية؛ وهو بوجه عام دخل جيد على الرغم من المصاريف الكبيرة اللازمة لتجهيز الأدوات وإطعام الحمير».

المزارع "عبد الرحمن موسى" قال: «لحراثة الأرض بواسطة الحمير أهمية كبيرة للتربة الزراعية والأشجار والإنتاج، فمن ناحية التربة فإن الفلاحة على وجهين وخاصة في الأراضي المائلة والمنحدرات التي لا تستطيع الجرارات فلاحتها تساهم في حماية التربة من الانجراف.

وبالنسبة للأشجار فإن الفلاحة التقليدية هي فلاحة سطحية غير عميقة وبالتالي لا تقطع جذور الأشجار وتتلفها عكس الفلاحة بالجرارات التي تنزع جذور الأشجار وتؤثر بنموها وإنتاجها.

لهذه الأسباب تكون الفلاحة التقليدية مهمة؛ لذا ننصح الإخوة الفلاحين في عموم البلاد باعتمادها، وخاصة في المناطق الجبلية التي تكون تربتها قابلة للانجراف».

وأضاف: «قديماً قالوا: الحاجة أم الاختراع، وبسبب ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار الفلاحة الآلية؛ فقد لجأ الناس للبحث عن البدائل بسبب حاجتهم الماسة إلى الزراعة، وقد وجدوا الحل المناسب بالعودة إلى اعتماد الكثير من المهن والأعمال التقليدية التي أصبحت في المدة الأخيرة جزءاً من التراث الشعبي للمجتمع؛ ومنها الحراثة التقليدية».