يعتمد سكان محافظة "حلب" على الكثير من الأمثال والمعتقدات الشعبية في تربية أبنائهم؛ لأنها برأيهم من أفضل وسائل التربية وأكثرها تأثيراً في تقويم سلوك الأبناء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 أيار 2015، الجد "خالد حمو"، فقال: «قبل ظهور وسائل التربية العصرية كالتلفاز والإنترنت والفضائيات وانتشار المدارس ووصولها إلى الريف النائي؛ كان الناس يعتمدون في تنظيم أمور حياتهم اليومية على الأمثال والمعتقدات والأعراف الاجتماعية التي كانت بمنزلة قوانين محلية تحكم حياتهم، وكان خروج أحدهم عنها من الأمور المعيبة التي تعرضه للمساءلة الجمعية.

قبل ظهور وسائل التربية العصرية كالتلفاز والإنترنت والفضائيات وانتشار المدارس ووصولها إلى الريف النائي؛ كان الناس يعتمدون في تنظيم أمور حياتهم اليومية على الأمثال والمعتقدات والأعراف الاجتماعية التي كانت بمنزلة قوانين محلية تحكم حياتهم، وكان خروج أحدهم عنها من الأمور المعيبة التي تعرضه للمساءلة الجمعية. هذه الأمثال والمعتقدات الشعبية متوارثة في حياة المجتمع؛ حيث لا يمكننا معرفة قائلها الأول ولا أين وجدت بدايةً، كل ما نعرفه عنها أنها متوارثة جيلاً بعد جيل وما زالت تملك تأثيراً كبيراً في حياة الناس كوسائل تربية للأطفال بوجه خاص، ولا غنى عنها، إلى جانب المدرسة والجامعة وغيرها؛ لأنها تحمل في مضمونها عناصر التوجيه والتربية

هذه الأمثال والمعتقدات الشعبية متوارثة في حياة المجتمع؛ حيث لا يمكننا معرفة قائلها الأول ولا أين وجدت بدايةً، كل ما نعرفه عنها أنها متوارثة جيلاً بعد جيل وما زالت تملك تأثيراً كبيراً في حياة الناس كوسائل تربية للأطفال بوجه خاص، ولا غنى عنها، إلى جانب المدرسة والجامعة وغيرها؛ لأنها تحمل في مضمونها عناصر التوجيه والتربية».

الجد خالد حمو

وتابع حديثه: «المعتقدات الشعبية الشائعة في الريف والموجهة للأطفال كثيرة؛ ومنها على سبيل المثال ما يقال لهم أن وضع عود في نار وتحريكها سوف يؤدي إلى إجهاض عنزاتهم، هذا الاعتقاد توجيهي وتربوي ومغزاه منع الأطفال من اللعب بالنار وخاصة عند اجتماع الجيران بجانب أحد البيوت شتاء للاستمتاع بالدفء، إن لعب الطفل بالنار قد يؤدي إلى حرق ثيابه أو من حوله أو اشتعال حريق كبير يلحق الضرر بالبيوت، بعبارة مختصرة هذا المعتقد موجه للطفل كي لا يعبث بالنار فيؤذي نفسه أو الآخرين.

ومن المعتقدات الشعبية التربوية أيضاً أن قص الأظافر ليلاً وخاصة من قبل الأطفال حرام، وتكمن أهمية هذا المعتقد في أن الناس قبل حوالي 50 عاماً كانوا يعيشون من دون كهرباء ويخشى عند قيام الطفل بقص أظافره أن تتطاير وتقع في الصحون على المائدة؛ فوجبة العشاء كانت وما زالت من الوجبات الرئيسة عند أهل "حلب".

العمة زينب عبدو

الولد الذي يمسك الخبز ولا يغسل يديه يولول الخبز في يده؛ وفي هذا المعتقد دعوة للنظافة وضرورة أن يقوم الولد بغسل يديه قبل الطعام وبعده،

"التبول أو التغوط" على الطريق يؤدي إلى إصابة الطفل بداء شرجي يسمى محلياً "قلباشي" وهو مؤلم جداً، ويقال للأطفال ذلك لمنعهم من فعل ذلك وخاصة على الطرقات.

الرفق بالحيوان حاضر في المعتقدات الحلبية

الرفق بالحيوانات ومنع إيذائها وخاصة من قبل الأطفال موضوع حاضر في المعتقدات الشعبية الحلبية؛ ففي "عفرين" يعتقد الناس أن قتل الضفدع يؤدي إلى إصابة قاتله بداء الثآليل الجلدية ولا يمكن شفاؤه منها إلا بزيارة أشخاص قرويين متخصصين بمعالجة هذا المرض؛ حيث يحضرون غصن شجرة تين ويحمله بيده ويرميه على سطح المنزل حتى يجف، حينها تضمحل تلك الثآليل.

أما عقوبة الطفل الذي يقتل قطة وهي من الحيوانات المسالمة والأليفة؛ فتعني أنه لن يعفى يوم القيامة من الجزاء إلا إذا قام بجمع حبات الملح المتناثرة على الأرض بواسطة رموشه وهذا مستحيل».

وقالت العمة "زينب عبدو": «يعد الأب في المجتمع الحلبي المسؤول عن تربية الأبناء، ويعتمد في تربيته التي تسمى اليوم التربية التقليدية على مجموعة من الأعراف والمعتقدات والأمثال الشعبية، وفي هذا يقولون: "لولا المربي ما عرفت ربي"، وكذلك يقولون: "ما بخاف عالمال إلا إلّي جناه وما بخاف الولد إلا إلّي رباه". ويقولون: "ما بربى الولد إلا بعرق الجسد".

بوجه عام لا يفضل الحلبيون دلال الأبناء ويعتمدون شيئاً من القسوة في تربيتهم وخاصة المنحرفون منهم لأنهم يعتقدون ويقولون: "افرح للي ببكيك ولا تفرح للي بضحكلك"، وليكون الولد ذكياً يطعمونه الزعتر لأن أهل "حلب" يعتقدون أن الزعتر يزيد من ذكائهم.

ومن وسائل التربية التقليدية الشائعة التي يتبعها الكثيرون من الآباء ما يسمونه تغيير الجو لدى الأبناء بغية إصلاحهم وتقويم سلوكهم؛ ومضمون الفكرة إرسال الولد إلى بيوت أحد الأقارب. ومن كلامهم للولد في هذا المجال كإشارة للأقرباء كي يعرفوا الغرض من زيارته ويساعدوه في الإصلاح: "روح قلون عطوني دبس أمسكو".

وبالنسبة لأكلات الأطفال هناك الكثير من المعتقدات الشعبية في الموروث الحلبي، ومنها أن الطفل إذا شرب القهوة سوف يسوّد وجهه أو ينمو له شاربان؛ كي يبتعد عن هذا المشروب المضر بصحته. وتقول النسوة في ريف "حلب" للطفل الذي يقوم بخطف رغيف خبز وهن يخبزن: من يفعل ذلك سوف تموت زوجته في المستقبل؛ بهدف إبعادهم عن هذا التصرف غير اللائق. ولكيلا يلمس الولد مكان سنّه المقلوع بيديه أو لسانه يقال له: "لا تلمس مكان سنك المقلوعة مشان ما يطلعلك أسنان الكلب".

ويفضل الحلبيون أن يتعلم أبناؤهم حرفة معينة تكون سنداً لهم في المستقبل، ويحرصون على تعلمهم صنعة آبائهم، ويقولون للولد الذي يكبر ولا يتعلم صنعة ما: "أكلك ولبسك خسارة"».