في المعتقدات الشعبية الحلبية دلائل كثيرة يعتمد عليها الناس كمصادر للتفاؤل والتشاؤم في حياتهم اليومية، ومن هذه الدلائل الشائعة أصوات وأشكال وألوان الحيوانات.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 أيار 2015، العمة "مريم أحمد" التي تحدثت بالقول: «التفاؤل والتشاؤم في معتقداتنا الشعبية وفي أعرافنا الاجتماعية عنصران حاضران بقوة في حياتنا اليومية؛ إذ يفيدان الناس في التعرف إلى حظوظهم في المستقبل المنظور أي خلال يوم أو أسبوع أو شهر، وفي مقدمة هذه الدلائل الحيوانات من خلال أشكالها أو ألوانها أو أصواتها».

يسمي أهل "عفرين" الحرباء بعجوز "البخت" أي الحظ، حيث تقوم الفتيات بوضع شالهن على هذا الحيوان وبحسب اللون الذي يتلون به يتعرفن حظهن ولون التفاؤل عندهن هو الأبيض

وأضافت: «إن رؤية بعض الحيوانات تجلب التفاؤل والحظ السعيد، بينما رؤية بعضها الآخر مصدر تشاؤم وشر وأذى بحسب المعتقدات الشعبية.

العم خليل أوسو

يأتي طائر "البوم" في مقدمة الحيوانات التي تجلب الخراب والتشاؤم؛ لأنه لا يحط إلا على الخرائب والأماكن المهجورة؛ لذلك يقوم الناس وخاصة الأطفال بمطاردة هذا الطائر وإبعاده عن البيوت برميه بالحجارة خوفاً من شر وشيك سوف يحصل لساكني أقرب بيت، لذا وردت في التراث الشعبي الحلبي أمثال حول هذا الطائر ودوره في خلق حالة التشاؤم لدى الناس، يقول الحلبيون: "الحق البوم بدلّك عالخراب".

إن النباح الطويل للكلب وتحديداً في الليالي المقمرة يعني أنّ مكروهاً وشيكاً سوف يقع كالوفاة؛ لأن الناس يعتقدون أن الكلاب وهي تحرسهم طوال الليل بإمكانها رؤية المرئيات واللا مرئيات، هذا النباح اللا طبيعي عبارة عن إشارات لأهل القرية أو الحارة تحذرهم من اقتراب موعد موت أحدهم؛ لأنها شاهدت ملاك الموت قادماً».

السلحفاة مصدر التفاؤل في البيوت

وتابعت: «أما رؤية القطة ذات اللون الأسود فهي مصدر تشاؤم أيضاً لأن الجن تتقمص الحيوانات السوداء للاقتراب من الناس والدخول إلى بيوتهم ثم إلحاق الأذى والشر بهم، أما القطة البيضاء فهي مصدر للتفاؤل لذلك يُمنع قتلها في المعتقدات الشعبية، وإذا قام شخص بقتلها فإنه سيقوم بجمع حبات الملح برموشه يوم القيامة حتى يعفى.

السلحفاة من الحيوانات التي تجلب الحظ السعيد للإنسان لذلك فإن الكثيرين من أبناء الريف الحلبي يجلبون صغار السلحفاة لبيوتهم كي تجلب لهم ولأسرهم الحظ السعيد والتفاؤل، أما أهل المدن فإن وجهتهم تكون "سوق العطارين"؛ حيث تتوافر فيه صناديق السلاحف المجففة أو ذيلها المجفف فيشترونها ويعلقونها في بيوتهم».

السنونو مصدر التفاؤل لأنه يبشر بمواسم الخير

العم "خليل أوسو" تحدث قائلاً: «للون الحيوان في المعتقدات الشعبية علاقة مباشرة بتفاؤل الإنسان أو تشاؤمه؛ فالأفعى البنية مثلاً ترمز للخبث والخيانة والتشاؤم لذا يقول القرويون للشخص الخبيث: "أنت متل الحية من تحت التبن، أو أنت صاير متل الحية المعشعشة في شقوق البيوت القديمة".

أما رؤية الأفعى السوداء في مكان ما فهو فأل خير؛ وهذا يعود إلى حكاية شعبية ودينية قديمة يتداولها أبناء منطقة "عفرين"؛ مفادها أنه عندما حدث الطوفان وضع "نوح" في سفينته زوجاً من كل كائن حي لإنقاذ الكون من الفناء، وبينما هو في عرض البحر انثقبت السفينة ودخلت إليها المياه وكادت تغرق لولا قيام الأفعى السوداء بوضع ذيلها في مكان الثقب وتكورها عليها، فمنعت تسرب المياه إلى السفينة، فأنقذت جميع المخلوقات من الهلاك.

أما الأرانب والحمام فهما مصدر للتشاؤم والناس يعتقدون أنه يجب الابتعاد عن تربيتهما لأن ذلك يجلب الأذى والشر للشخص أو أحد أفراد أسرته كالإصابة بالمرض أو ربما الوفاة.

الضفدع فأل خير على الناس وتمنع الأعراف الاجتماعية إلحاق الأذى بهذا الحيوان؛ ففي المعتقدات الشعبية أن من يقتل ضفدعاً سيصاب بداء الثآليل الجلدية.

مجيء "السنونو" لإقامة عشه في بيوت الريفيين هو مصدر تفاؤل لهم؛ فهذا الحيوان يبشر بقدوم فصل الربيع ومواسم الخير التي تعم على الناس».

وختاماً قال: «يسمي أهل "عفرين" الحرباء بعجوز "البخت" أي الحظ، حيث تقوم الفتيات بوضع شالهن على هذا الحيوان وبحسب اللون الذي يتلون به يتعرفن حظهن ولون التفاؤل عندهن هو الأبيض».